إعلان

إيكونوميست: من قتل صفقة الـ (بريكست) البريطانية؟

08:19 م الجمعة 30 نوفمبر 2018

كتب - هشام عبدالخالق:
سلطت مجلة "إيكونوميست" البريطانية، اليوم الجمعة، الضوء على عملية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست).

وقالت المجلة في بداية تقريرها المنشور على موقعها الإلكتروني، إن مؤيدي خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أعلنوا أنهم سيعلنون يوم 29 مارس المقبل يوم استقلال لبريطانيا، وأن الألوان الحمراء والبيضاء والزرقاء (ألوان العلم البريطاني) ستغزو شوارع البلاد لإظهار هروب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بعد 46 عامًا تحت مظلته.

أحد وزراء الحكومة البريطانية صرّح بأن شروط "طلاق" بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ستكون لصالح بريطانيا لأنها ستحتفظ بكل الأوراق في مفاوضاتها مع بروكسل، وزعم آخر -بحسب المجلة- أنه لن يكون هناك أي جوانب سلبية، فقط الجوانب الإيجابية التي يتم وضعها في الاعتبار.

ولكن، كما تستطرد المجلة، عندما يأتي هذا اليوم (29 مارس) لن تكون بريطانيا سعيدة أو تحتفل، بل ستكون غاضبة، وحتى الذين صوتوا لصالح الخروج سيشعرون بالتغيرات القادمة، فهذه النسخة من (بريكست) التي تحتفظ فيها بريطانيا بأغلب مزايا عضوية الاتحاد الأوروبي ولكن دون أن تضطر لدفع التكلفة، سوف تكون لا شيء مقارنة بالتسوية القاسية التي سيحصلون عليها، وسيكون هذا اليوم بداية البحث عن شخص لإلقاء اللوم عليه في هذا.

وتضيف المجلة، أن الحال دائمًا في أي جريمة قتل يكون إحاطة الشكوك بشخص غريب، وفي قضية (بريكست) فإن الغرباء هم مفاوضو الاتحاد الأوروبي. وقامت الحكومة البريطانية بالفعل بتسخين القضية ضدهم، مشيرة إلى الحربين العالميتين ومقارنة الاتحاد الأوروبي بالاتحاد السوفييتي. صحيح أن تبجيل الاتحاد الأوروبي "للحريات الأربع" في السوق الواحد هو أمر لاهوتي على (حيث لا يوجد سبب دنيوي لماذا لا يمكن للمرء أن يكون له تجارة حرة دون حرية حركة الناس) ومنافقة (حيث أن التجارة حرة بالكاد في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي)، لكن عدم قابلية هذه الحريات للتجزئة كان مبدأ مركزيًا في الاتحاد الأوروبي منذ عام 1957، وهناك أيضًا وضع أيرلندا المعقد، الذي تم تأسيسه قانونيًا بموجب معاهدة في عام 1998، واستبعد بعض خيارات خروج بريطانيا من الاتحاد.

وبعد ذلك، بحسب المجلة، ستتجه الشكوك في الأوضاع الاقتصادية الصعبة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، إلى الأعداء الداخليين، وهم الأشخاص الذين صوتوا لصالح بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، وأغلب أعضاء البرلمان البريطاني صوتوا لصالح البقاء، وشكك مستشار وحاكم بنك إنجلترا علانية في (بريكست)، ويرى معظم موظفي الخدمة المدنية أنه كان خطأ، وعلى الرغم من ذلك لم تلقَ أي مؤامرة لوقف (بريكست) نجاحًا كبيرًا.

وقضت المحكمة العليا بأن المُضي قدمًا في (بريكست) يتطلب موافقة البرلمان، وأعطاه النواب موافقة جماعية تقريبًا، ومن ثم هدّأ بنك إنجلترا من الأسواق بعد الاستفتاء، في الوقت الذي كان فيه السياسيون المؤيدون لـ (بريكست) مذهولين من النتيجة. وكانت ترتيبات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي المتأخرة والهادئة بسبب التردد من رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي.

وتقول المجلة، إن هذا سيكون سببًا في تحويل الغضب الشعبي ضد الحكومة ورئيسة الوزراء المؤيدة لبقاء بريطانيا، حيث أخطأت ماي بشدة عندما بدأت مفاوضات الخروج قبل أن تحدد نوع الصفقة التي تحتاج لإبرامها، وقدمت أول مقترح مفصل للخروج في يوليو 2018، بعد مُضي أكثر من ثلاثة أرباع الوقت المسموح به للمفاوضات، وأصبحت ماي تعتمد الآن على الوحدويين الديمقراطيين في أيرلندا الشمالية.

وأكدت المجلة، أن الطرف البريطاني في هذا الاتفاق ضعيف ولا يزال، ويدّعي بعض المتبنيين للـ (بريكست) أنه مع استعداد جيد، فإن التهديد بالانسحاب دون وجود اتفاق سيدفع الاتحاد الأوروبي لتقديم شروط سخية، ولكن هذا أمر مخادع، فإعداد بريطانيا لقطع علاقاتها مع شريكها وحليفها الرئيسي في مجالي التجارة والأمن سيبدد عمل عقود.

وأشارت المجلة، إلى أن بريطانيا تهدف لإقناع الجميع أن كل طرف شارك في جريمة قتل (بريكست)، عدم مرونة الاتحاد الأوروبي، انقسام بريطانيا، ورئيسة الوزراء الضعيف، كل هذه الأطراف شاركت في تدمير الفرصة العظيمة التي كانت ماثلة أمام بريطانيا، ولكن هذا سيكون الاستنتاج الخاطئ.

وقالت المجلة إنه على الرغم من أنه كان يمكن التوصل إلى صفقة أفضل، على غرار العلاقة شبه المنفصلة بين النرويج وأوروبا، إلا أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي الذي تم الإعلان عنه للناخبين قبل الاستفتاء لم يكن محل نقاش أبدًا. وكانت بعض الوعود، مثل الفكرة القائلة بأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سيعمل على توفير 350 مليون جنيه استرليني (460 مليون دولار) أسبوعيًا، كانت مجرد أكاذيب.

وأضافت المجلة، أن أهداف خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي كانت غير متناسقة. فلا يمكن لدولة أن تكتب لوائحها الخاصة دون إقامة حواجز أمام التجارة مع الدول التي لديها لوائح وقوانين مختلفة، ولا يمكنها أن ترفض اختصاص المحاكم الأجنبية دون أن تفقد العضوية في الهيئات التي تنفذ قوانينها.

واختتمت المجلة تقريرها قائلة: "استعادة السيطرة تعني التخلي عن النفوذ والازدهار، وهذا هو الدرس المؤلم الذي تعلمته بريطانيا في العامين الماضيين، لم يقم أحد بقتل (بريكست)، فهو لم يكن حياً من الأساس".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان