بينهم الأسد و"ترامب البرازيل".. كيف أثرت سياسات أمريكا على زعماء العالم؟
كتب - هشام عبدالخالق:
سلطت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، الضوء في تقرير حديث لها، على سياسات الرئيس دونالد ترامب، التي ألهمت الزعماء والقادة المستبدين حول العالم.
وتقول الصحيفة، في مستهل تقريرها: "استخدم دونالد ترامب منصته كرئيس للولايات المتحدة في نشر رسائله الشعبوية من خلال اللغة التي كانت في الغالب مقسمة بين المجاملات الدبلوماسية وإهانة خصومه، واختار عدة قادة في دول مختلفة استخدام تلك اللغة لتبرير أفعالهم وتشجيع السياسات التي تشبه تفكيرهم".
واستخدم قادة أيضًا، بحسب الصحيفة، لغة مشابهة، لمطاردة الخصوم السياسيين، ودفع أجندتهم الشعبوية الخاصة، وأيضًا حماية أنفسهم من التعرض للانتقاد في انتهاكات حقوق الإنسان.
وكان أحدث تلك الأمثلة يوم الجمعة، عندما استشهد الجيش النيجيري بتصريحات ترامب، للدفاع عن تصرفاته بعد إطلاق النار على متظاهرين غير مسلحين، وغيرها من الأمثلة الأخرى، التي ذكرتها الصحيفة فيما يلي:
1- حادثة الجيش النيجيري:
أثار ترامب حماس مؤيديه بدعواته لملاحقة الهجرة غير الشرعية على الحدود الجنوبية للولايات المتحدة، وفي مؤتمر صحفي يوم الخميس، اقترح أن الجيش الأمريكي يمكنه أن يطلق النار على المهاجرين إذا ما ألقوا بالحجارة عليهم، وقال: "إنهم سيرمون الحجارة على جيشنا، ويجب على جيشنا أن يرد الضرب، وأخبرتهم بأن يعتبروا تلك الحجارة بمثابة بندقية".
وصحح ترامب تصريحه في وقت لاحق بقوله: "هذا لا يعني إطلاق النار عليهم".
ولكن بعد أقل من 24 ساعة من حديثه الأولي، نشر الجيش النيجيري شريط فيديو لتلك التصريحات على تويتر، في محاولة لتبرير إطلاق جنوده النار على متظاهرين يحملون الحجارة في وقت سابق من الأسبوع، ومسح الجيش في وقت لاحق المنشور، على الرغم من أن المتحدث باسم الجيش النيجيري دافع عن استخدامه.
وقالت الحكومة النيجيرية، إن ثلاثة متظاهرين قتلوا في المواجهات يوم الإثنين في العاصمة أبوجا، ولكن جماعات حقوق الإنسان تقول إن أكثر من 40 شخصًا قتلوا في تلك الواقعة ومظاهرتين غيرها.
أطلق الجنود النار على مسيرة نحو ألف من النشطاء الشيعة الإسلاميين الذين منعوا المرور في ضواحي العاصمة. وأظهرت اللقطات المنشورة على وسائل التواصل الاجتماعي عدة متظاهرين يلقون الحجارة على الجنود ، وقام الجنود بإطلاق النار على بعض المتظاهرين أثناء فرارهم.
2- وسائل الإعلام "المزيفة"
منذ بداية حملته الانتخابية في 2016، كان ترامب يصف الانتقادات الموجهة إليه بأنها "أخبار زائفة"، واستخدم هذا المصطلح أيضًا لزرع عدم الثقة في وسائل الإعلام وخلق شكوك في أذهان الناخبين حول من يمكن الوثوق به.
والآن بعد عامين، يستخدم قادة آخرون هذا المصطلح في خطاباتهم ومقابلاتهم، بحثًا عن تأثير مماثل، حيث قال الرئيس السوري بشار الأسد لموقع "ياهو نيوز" -ردًا على تقرير لمنظمة العفو الدولية صدر في فبراير 2017 يقول إن حكومته مسؤولة عن آلاف الوفيات السرية في السجون-: "يمكن لأي شخص اختلاق أي شيء هذه الأيام، فنحن نعيش في عصر "الأخبار الزائفة".
مسؤول أمني في ميانمار، نفى -في حديث لصحيفة "نيويورك تايمز"- وجود مجموعة الروهينجا المسلمة في الدولة، وقال: "لا يوجد شيء اسمه روهينجا هذه أخبار مزيفة"، وكان الجيش في ميانمار نفذ هجمات وحشية ومنهجية ضد الروهينجا، مستخدمًا "الأخبار الزائفة" كوسيلة لتجاهل التدقيق.
يستخدم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وهو حليف وثيق لترامب، هذه العبارة "الأخبار الزائفة" بشكل متكرر لإدانة منتقديه، ووصف عمل العديد من المنافذ الإخبارية الرئيسية.
حكومة اليمين في بولندا، التي انحازت بشكل كبير لترامب، استخدمت هذه العبارة أيضًا، إذ قيّد الرئيس أندريه دودا حرية الصحافة في بلده، ووقع قانونًا يمنح الحكومة سيطرة واسعة على وسائل الإعلام، وكتب على تويتر في يناير يعلن دعمه استخدام ترامب المتكرر لهذا المصطلح.
3- الهجرة:
منذ أن دخل مئات الآلاف من طالبي اللجوء إلى الاتحاد الأوروبي في 2015، أصبحت الهجرة إحدى أكثر القضايا التي تدفع للانقسام في القارة، ووجد الشعبويون والمتطرفون اليمينيون هناك فرصة للحديث عن ذلك بعد أن وجدوا أرضية مشتركة مع ترامب في تلك القضية.
واستشهد ترامب بمواقفهم المناهضة للهجرة ودعم تلك المواقف، واستخدم القادة هذا الدعم وشعاراته وكلماته القوية لتعزيز مواقفهم.
وأشار وزير الهجرة البلجيكي وأحد متابعي ترامب، ثيو فرانكين، يوم الجمعة، إلى دعوة ترامب لوضع حد لحصول المولودين في الولايات المتحدة على الجنسية الأمريكية، كخطوة لمحاولة تقليدها، حيث قال: "يمكن أن يقال الكثير لصالح هذه الفكرة، بما في ذلك في بلجيكا، وكان الوزير البلجيكي كتب مؤخرًا كتابًا عن أوروبا بعنوان "قارة بلا حدود" دعا فيه إلى إغلاق حدود الاتحاد الأوروبي.
زعيم حزب الرابطة اليمينية في إيطاليا، ماتيو سالفيني، استوحى الإلهام من الرئيس الأمريكي.
تبنى سالفيني، الذي يتمتع بنفوذ كبير كوزير للداخلية ونائب رئيس الوزراء، شعار "الإيطاليون أولًا" أثناء حملته الانتخابية هذا العام، وهو صدى لشعار ترامب "أمريكا أولًا".
4- البرازيل ونقل السفارة:
منذ انتخاب ترامب في 2016، بدأ الزعماء الشعبويون في الوصول إلى السلطة.
رئيس البرازيل المنتخب حديثًا، جاير بولسونارو، استطاع حشد مؤيديه بدعوات مثل "دعونا نجعل البرازيل عظيمة"، والتي تشبه بالتأكيد شعار ترامب الانتخابي "لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى"، وكان انتخابه بمثابة تحول جذري لصالح الأحزاب اليمينية في واحدة من أكبر الديمقراطيات في العالم، بحسب وصف الصحيفة.
وأعلن بولسونارو هذا الأسبوع، الذي يتولى منصبه في يناير، أنه يعتزم أن يحذو حذو ترامب في واحدة من أكثر تصرفات ترامب للسياسة الخارجية إثارة للخلافات، عن طريق نقل السفارة البرازيلية في إسرائيل من تل أبيب إلى القدس.
وكان ترامب عكس في العام الماضي، ما يقرب من سبعة عقود من السياسة الخارجية الأمريكية، وأطلق غضب الفلسطينيين من خلال نقل السفارة الأمريكية في إسرائيل من تل أبيب إلى القدس المحتلة.
وينتقد بولسونارو، مثل ترامب، الأمم المتحدة بقوة أيضًا.
فيديو قد يعجبك: