من بوش الأب إلى ترامب.. كيف تغيّرت علاقة الحزب الجمهوري مع إسرائيل؟
كتبت – إيمان محمود:
اعتبرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، أن رحيل كلا من جورج بوش الأب، وجون ماكين، الزعيمان الأمريكيان اللذان ينتميان إلى الحزب الجمهوري، في غضون بضعة أشهر، يُعد نهاية لسياسة الحزب الذي سار عليها لسنوات، وبداية مرحلة سياسية مُختلفة تتمثل في حكم الرئيس الحالي دونالد ترامب.
وأكدت "هآرتس"، إن جورج بوش الأب، الرئيس الـ41 للولايات المُتحدة، والذي رحل السبت، يتقاسم الكثير من الصفات مع السيناتور الجمهوري الراحل جون ماكين، والذي توفي، في أغسطس الماضي، ورغم أن الرئيس الحالي دونالد ترامب ينتمي أيضًا إلى الحزب ذاته؛ إلا أن الصحيفة اعتبرته يُمثّل فرعًا آخر من الحزب، يختلف عما شكّله بوش وماكين.
وقالت الصحيفة، أن بوش مثل ماكين، كان طيارًا في البحرية الأمريكية أوهب حياته لبلاده، إذ فعل بوش ذلك خلال الحرب العالمية الثانية، وماكين في فيتنام، مُشيرة إلى أن الرجلين انتقدا سياسة ترامب بعد صعوده إلى السلطة، بل رفض بوش التصويت له في انتخابات عام 2016، وأعرب عن قلق مُسبق من أن يصبح ترامب رئيسًا.
وأضافت أن الجمهوريين المعتدلين مثل بوش الأب، هم الآن في موقف دفاعي، يقاتلون للحفاظ على مكانهم على الطاولة، في حين أن عددًا متزايدًا من المسؤولين الجمهوريين المُنتخبين يحاكون موقف ترامب على أحكام القانون والمزاعم بتزوير الانتخابات.
وأكدت الصحيفة أن الاختلاف بين بوش وترامب كبيرًا فيما اتبعاه كلاً منهما في سياسته الخارجية.
وذكرت "هآرتس" أنه في عام 2015، أخبر الرئيس الأمريكي باراك أوباما شبكة "فوكس نيوز" أن "جورج إتش دبليو بوش، كان واحدًا من أكثر الرؤساء المُهدر حقهم في تاريخ الولايات المتحدة"، مُثنيًا على إنجازاته التي حققها في السياسة الخارجية الأمريكية، وعلى الأخص نجاحه في البحرية الأمريكية بنهاية الحرب الباردة.
وأضاف أوباما، أن بوش كان صاحب قرارات مدروسة وخيارات مُفيدة، فهو "فهم أن الطريقة التي تجعلنا قادرين على إعادة تصور أوروبا والعالم، هي اتباع سياسة ضبط النفس والرعاية".
ترى الصحيفة أن هذه الكلمات هي عكس ما يتبعه الرئيس الأمريكي الحالي في سياسته الخارجية.
وللإنصاف؛ قالت الصحيفة إن هذه الصفات كانت مفقودة أيضًا خلال إدارة جورج بوش الابن، بعد تدخله الكارثي في العراق، مُضيفة أن أوباما نفسه اتخذ عدة قرارات انتقدها كبار أعضاء حكومته، مؤكدين أنها خاطئة ومُدمرة، مثل "كارثة الخط الأحمر في سوريا" في إشارة إلى خطابه الشهير عن استخدام الأسلحة الكيميائية.
واستخدم أوباما هذا التعبير في عام 2012، حول احتمال قيام الولايات المتحدة بتدخل عسكري في سوريا، وأكد حينذاك "الخط الأحمر بالنسبة لنا هو عندما نرى كمية من الأسلحة الكيميائية تتحرك أو يتم استخدامها... بالنسبة لكل القوى في المنطقة ولنا نحن إنه خط أحمر ستكون له عواقب هائلة".
اعتبرت الصحيفة أن إسرائيل تمثّل قضية سياسة خارجية محددة، تسلّط الضوء على مدى تغير الحزب الجمهوري منذ عهد قيادة بوش، الذي كان مُستعدًا للصدام مع إسرائيل واللوبي المؤيد لإسرائيل في واشنطن بطرق من المستحيل تخيلها في الحزب الجمهوري الحالي.
ففي عام 1991؛ قاتل بوش بشدة ضد طلب الحكومة الإسرائيلية اليمينية، بقيادة رئيس الوزراء الراحل إسحاق شامير، بتلقي المليارات من ضمانات القروض من الولايات المُتحدة.
وطالب بوش وقتذاك رئيس الوزراء الإسرائيلي ألا تُستخدم هذه الأموال في بناء المستوطنات بالضفة الغربية، لكن شامير رفض، ليحث بوش الكونجرس بعدم إعطاء إسرائيل الضمانات، على حد قول الصحيفة الإسرائيلية.
ترى الصحيفة إن موقف الحزب الجمهوري تحول بشكل كبير على إسرائيل منذ عهد بوش في البيت الأبيض، تمامًا كما حدث في العديد من القضايا الأخرى.
وأوضحت الصحيفة أنه في عام 1990؛ شكك بوش علنًا في مزاعم إسرائيل بالقدس الشرقية، وندد ببناء المستوطنات في مُحيط المدينة الفلسطينية المُقدسة، وفي عام 2002 صادق ابنه علنًا وبقوة على حلّ الدولتين للصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
لكن في عام 2016، تم إسقاط دعم حل الدولتين من منصة الحزب الجمهوري، وفي أواخر العام الماضي، اعترف ترامب بالقُدس عاصمة لإسرائيل -دون أي تمييز بين الأجزاء الغربية والشرقية من المدينة- وقطعت إدارته جميع المساعدات عن الفلسطينيين، وهو ما نصح بعكس مسؤولين قدامى في إدارة بوش، على حد قول الصحيفة.
تقول الصحيفة الإسرائيلية، ‘ن التراث الذي خلفه جورج بوش الأب، منذ عقود، هو البطل المُحترم، مؤكدة أن أمريكا فقدت "الرئيس الأسبق المحبوب .. لكن ربما من خلال تسليط الضوء على عهده في البيت الأبيض -وتحديدًا سياسته الخارجية- تستعيد واشنطن بعد من مميزات تلك الفترة التي تحتاجها الآن أكثر من أي وقت مضى".
فيديو قد يعجبك: