فرنسا: 133 مصابا و412 في اشتباكات الأمن ومحتجزي "السترات الصفراء"
كتب - سامي مجدي:
قالت الشرطة الفرنسية إن الاشتباكات بين محتجي "السترات الصفراء" وقوات الأمن يوم السبت في العاصمة باريس أوقعت 133 مصابا، في أسوأ اعمال عنف داخل المدن تشهدها فرنسا في سنوات.
وأضافت شرطة العاصمة الأحد في بيان أنها اعتقلت 412 شخصا ممن وصفتهم بمثيري الشغب في الأحداث التي تركزت في جادة الشانزليزيه أحد أشهر المناطق السياحية في العالم.
كان محتجو "السترات الصفراء" قد عادوا مرة أخرى إلى قلب العاصمة الفرنسية باريس، واصطدموا بقوات الأمن عندما حاولوا الوصول إلى المكاتب الحكومية وقصر الاليزيه.
الاحتجاجات في جادة الشانزليزيه جاءت بعد أسبوع من مظاهرات مماثلة تخللتها أعمال عنف واعتقالات وصفها الرئيس ايمانويل ماكرون، المتواجد حاليا في العاصمة الأرجنتينية بيونس آيرس لحضور قمة مجموعة العشرين، بأنها "مشاهد حرب".
بدأت صدامات السبت عندما تدفق مئات المحتجين باتجاه قوس النصر عند مدخل واحدة من أشهر جادات العالم محاولين اقتحام احدى نقاط المراقبة الأمنية في المكان، ما اضطر رجال الأمن الى إطلاق قنابل الغاز لتفريق المحتجين.
وفِي الاحتجاجات، أضرم بعض المشاركين النار في السيارات وأشعلوا بعض العبوات في وسط باريس بعد أن أبعدتهم الشرطة عن قوس النصر بعد الاشتباكات العنيفة. وأظهرت لقطات تلفزيونية سيارات مخترقة ومحتجين يلقون حجارة وزجاجات مياه فارغة ومعلبات تجاه رجال الأمن في الشانزليزيه.
وقال رئيس الوزراء إدرارا فيليب للصحفيين في المقر الرئيسي لشرطة باريس مساء السبت إن السلطات قدرت عدد المحتجين في جادة الشانزليزيه وحولها بأكثر من ٥ آلاف شخص.
وأضاف أن "بعض الأفراد المصممين المجهزين" تجمعوا صباح السبت "لإثارة" الاشتباكات مع الشرطة، معربا عن "صدمته" من العنف قرب قوس النصر.
وقال إن السلطات "مصممة على السماح باحتجاجات سلمية" ولن تمنح "أية أعذار لهؤلاء الذين يأتون لاثارة المشاكل."
وافقت الحكومة على إغلاق جادة الشانزليزيه أمام السيارات بينما قام رجال الأمن بتفتيش المحتجين وفحص بطاقات هويتهم قبل السماح لهم بالدخول إلى المنطقة أملا في تجنب تكرار أحداث العنف التي وقعت الأسبوع الماضي دون ان تنجح في ذلك.
كما اتخذ تجار وأصحاب مطاعم ومتاجر تدابير احتياطية لهذا الهدف إذ وضع بعضهم عوارض خشبية على واجهات محالهم، حسبما أفادت وكالة فرانس برس السبت.
تواجه إدارة ماكرون موجة من الغضب الشعبي أججته زيادة أسعار الوقود، لكنها اتسعت لتشمل مطالب تتعلق بارتفاع تكاليف المعيشة بشكل عام.
وسعى ماكرون لاحتواء غضب المحتجين، واعدا بإجراء محادثات على مدى ثلاثة أشهر حول الطريقة المثلى لتحويل فرنسا إلى اقتصاد قليل استخدام الكربون دون اتخاذ إجراءات تضرب الفقراء والطبقة الوسطى بشدة.
لكن التصريحات التي أطلقها خلال الأسبوع الجاري أثارت غضب المحتجين ولم تقنعهم. ورد بعضهم بالقول "هراء" و"كلام فارغ" وبقوا متمركزين في بعض الطرق والدوارات. وقال العامل يوان ألار (30 عاما) "نريد شيئا عمليا".
وتحاول الحكومة دون جدوى حتى الآن فتح حديث مع ممثلين عن حركة "السترات الصفراء" التي سميت كذلك لارتداء المحتجين سترات مضيئة ينبغي على كل سائق سيارة ارتداؤها إذا ما تعرض لحادث.
دعا رئيس الوزراء فيليب ثمانية "ممثلين" للقائه في مكتبه. لكن اثنين فقط حضروا خرج أحدهم بعد إخباره بأنه لا يستطيع أن يدعو كاميرات التلفزيون لبث اللقاء مباشرة للأمة.
"نريد استعادة كرامتنا"
عندما سأله الصحافيون عن مطالبه قال جاسون هربرت "نريد استعادة كرامتنا ونريد أن نكون قادرين على العيش من (رواتب) عملنا وهو ليس الوضع الآن"، وفقا لإذاعة مونت كارلو الدولية.
وبعد اجتماع دام ساعة مع الممثل الثاني للمحتجين، قال فيليب إنّهما ناقشا بشكل أساسي القدرة الشرائية وأن بابه سيظل "مفتوحا دائماً" لمزيد من الحوار.
وتعد إحدى الصعوبات الرئيسية التي تواجه الحكومة الفرنسية في التحدث إلى المحتجين هي إحجامهم عن تعيين قيادة لحركتهم. وقد رفضت الحركة، التي تم تنظيمها من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، بإصرار الانحياز إلى أي حزب سياسي أو نقابات عمّالية.
تضم "السترات الصفراء" العديد من المتقاعدين وتلقى زخما أكبر في المدن والمناطق الريفية الصغيرة حيث قطع المحتجون الطرق وأقاموا حواجز لإبطاء حركة السير قرب نقاط دفع رسوم الطرقات السريعة وعند الدوارات في مناطق عدة.
حتى الآن، لقي شخصان حتفهما وأصيب المئات في الاحتجاجات التي تشير استطلاعات الرأي إلى أنها لا تزال تجتذب دعم اثنين من كل ثلاثة فرنسيين، بحسب فرانس برس.
ووصل الغضب إلى الجزر الفرنسية في ما وراء البحار، خصوصا في جزيرة "لا ريونيون" الفرنسية في المحيط الهندي التي تشلها حركة الاحتجاج منذ أسبوعين.
اضطرت وزيرة الدولة الفرنسية لشؤون التنمية والفرانكوفونية أنيك جيراردان التي أرسلت إلى الجزيرة للتحدث إلى المحتجين، إلى قطع الاجتماعات الجمعة مع المتظاهرين بعد أن رددوا هتافات استهجان منها "ماكرون ارحل!".
أعلن المرشح السابق للانتخابات الرئاسية اليساري جان لوك ميلانشون أنه لن يشارك في التظاهرة في الشانزيليزيه السبت لكنه سيتوجه إلى مرسيليا ليشارك في مسيرة تضم "نقابات ومتمردين من أجل السكن و"سترات صفراء" وطلابا في المرحلة الثانوية".
أما اليميني نيكولا دوبون إينيان فقد أعلن الجمعة أنه سيكون مع المحتجين في باريس. وأكد رئيس حزب الجمهوريين (يمين) لوران فوكييه أنه سيتوجه "للقاء" المتظاهرين في دائرته، بينما طالبت زعيمة اليمين القومي مارين لوبن بحل الجمعية الوطنية.
وتوجه الرئيس الاشتراكي السابق فرنسوا هولاند للقاء المحتجين والإشادة بحصيلة أدائهم، ما أثار غضب ماكرون.
من بوينوس آيرس سخر الرئيس الفرنسي من "الذين هم على الأرجح سبب الوضع الذي نعيشه أكثر مما هي الحكومة التي تولت السلطة قبل 18 شهرا".
حشد اليوم الأول من احتجاج "السترات الصفراء" في 17 نوفمبر الماضي حوالي 300 ألف شخص في جميع أرجاء البلاد، فيما استمرت احتجاجات متفرقة خلال الأسبوع.
والسبت الماضي، أعلنت الحكومة أن مئة ألف شخص فقط شاركوا في الاحتجاجات، ما أعطى انطباعا بأنّ الاحتجاجات تضاءلت. لكن كثيرين أشاروا إلى أن خطاب ماكرون الثلاثاء أجج الاحتجاجات من جديد.
دعا زعماء النقابات العمالية الذين اجتمعوا مع فيليب الجمعة إلى وقف رفع الضرائب في يناير وهو اقتراح بدأ بعض أعضاء البرلمان المؤيدين لماكرون في تأييده.
وامتدت الحركة إلى بلجيكا المجاورة حيث استخدمت قوات مكافحة الشغب خراطيم المياه الجمعة لتفريق محتجين "السترات الصفراء" الذين كانوا يرشقون الشرطة بالحجارة وأحرقوا مركبتين للشرطة في وسط العاصمة بروكسل.
فيديو قد يعجبك: