ذبح سائحتين في المغرب - بعد الصدمة مخاوف من تراجع عائدات السياحة
برلين (دويتشه فيله)
لم يكن يتوقع سكان منطقة إمليل السياحية في المغرب أن يصحوا ذات يوم على خبر ذبح سائحتين في المنطقة. وبعد الصدمة والتنديد تسود مخاوف من تراجع السياحة في منطقة تعيش على عائداتها.
رغم أن وقوع هجمات إرهابية بات يتكرر بشكل كبير في مختلف أنحاء العالم وحتى تلك التي تستهدف سياحا أجانب، لكن بشاعة الجريمة التي راح ضحيتها سائحتان اسكندنافيتان في ضواحي مراكش المغربية خلف صدمة كبيرة شغلت الرأي العام في المغرب وحظيت باهتمام الصحافة الدولية كذلك.
وبالإضافة إلى حالة الاستنكار في مدينة مراكش والمغرب عموما وتحديدا في منطقة إمليل التي كانت مسرح الجريمة، ترخي المخاوف من ركود النشاط السياحي بظلالها أيضا على ساكنة المنطقة الذين يعيشون بشكل أساسي من عائدات السياحة في فترة تستقبل فيها المنطقة في العادة عدد كبيرا من السياح.
فإلى أي حد يمكن أن تؤثر هذه الجريمة على عائدات السياحة في هذه المنطقة؟
فاجعة في عز الموسم السياحي
إمليل، منطقة هادئة وسط جبال الأطلس على بعد 70 كيلومترا من مراكش. معروفة بمناظرها الطبيعية الخلابة ومؤهلاتها السياحية الكبيرة وهي تحتضن أيضا أعلى قمة جبلية في المغرب وثاني أعلى قمة في إفريقيا. بالإضافة إلى ذلك تجتذب إمليل السياح بفضل القرى التقليدية التي تتواجد بها والتي مازال سكانها يحافظون على تقاليدهم ونمط عيشهم البسيط.
هذا ما كانت تُعرف به إمليل إلى حدود يوم 17 ديسمبر كانون الأول عندما اهتزت المنطقة على وقع خبر العثور على جثتي سائحتين اسكندنافيتين وقد مُثل بهما.
على وسائل التواصل الاجتماعي سادت حالة من الصدمة والاستنكار خاصة بعد انتشار فيديو يوثق عملية القتل البشعة بحق إحدى الضحيتين. عدد كبير من مستخدمي فيسبوك عبروا أيضا عن استيائهم بسبب ما سيلحقه الحادث من ضرر بصورة المغرب وسمعته كبلد سياحي في الخارج.
وتعاطف كثيرون مع سكان المنطقة التي شهدت الجريمة باعتبارها منطقة فقيرة معتمدة بشكل كبير على عائدات السياحة خاصة أن الحادث وقع في وقت تستعد فيه الفنادق والمنشآت السياحية للموسم السياحي الذي يبدأ بمناسبة حلول السنة الجديدة.
أضرار خفيفة حتى الآن
الصحافة المغربية اهتمت أيضا بموضوع تأثير الجريمة على عائدات السياحة في المنطقة. ونشر موقع اليوم 24 الإلكتروني نقلا عن مرشدين سياحيين في المنطقة يوم الثلاثاء أنه منذ شيوع خبر مقتل السائحتين تلقى هؤلاء المرشدون طلبات إلغاء من سياح كانوا يخططون لزيارة المنطقة. ومنهم مجموعة من السياح الفرنسيين والأمريكيين وذلك لمخاوف أمنية.
مسؤول في فندق "دار توبقال" وهو فندق في إمليل يقول لـ DW عربية إن الحادث خلف صدمة كبيرة في المنطقة وإن هناك مخاوف كبيرة من أن يتراجع إقبال السياح الأجانب.
رغم ذلك يقول إن الوضع في الفندق لم يتأثر حتى الآن بحيث أن كل الحجوزات لفترة رأس السنة مازالت ولم يلغ أي حجز، لكن هذا لا ينفي أن الفترة المقبلة قد تشهد تراجعا في مستوى الإقبال.
نفس الرأي يشاطره محمد أزطاط، مالك فندق "دار أدرار" الذي يرى أنه من المبكر الحكم الآن بأن السياحة ستتضرر أم لا.
أما فيما يتعلق بفندقه، فيقول أزطاط لـ DW عربية: "حتى الآن ألغت عائلتان حجزهما لكن لا يمكنني الجزم بأن الإلغاء له علاقة مباشرة بما وقع" وعن ما تغير منذ وقوع الجريمة، يقول أزطاط إن أي تراجع ملحوظ لإقبال السياح لم يُرصد حتى الآن بشكل عام لكن الزبائن يتصلون ويبعثون أسئلة حول ما وقع ويريدون أن يتأكدوا من الوضع الأمني خاصة منهم الذين يخططون للخروج في جولات سياحية في المنطقة".
ويؤكد مالك الفندق في كل مرة على أن ما وقع يبقى حالة استثنائية جدا لم يسبق أن عرفتها المنطقة، ولم يسبق أن توقع أحد وقوع شيء بشع كهذا فيها، إذ دأب السياح على المبيت في أي مكان في المنطقة في الخيام ولطالما اعتُبرت المنطقة آمنة.
وقد استُئنفت رحلات تسلق جبل توبقال بعدما أغلق الأمن المنطقة لمدة معينة في وجه السياح من أجل استكمال التحقيقات في الجريمة.
كيف تفاعل السياح الألمان؟
ويقول أزطاط إن سكان منطقة إمليل يستعدون لتنظيم وقفة جماعية للتنديد بالجريمة التي وقعت من جهة، ومن جهة أخرى ليؤكدوا للسياح أن ما حدث يبقى استثناء وأن المنطقة آمنة وأصبحت الآن أكثر أمانا بفضل المراقبة الأمنية الكبيرة بعد ما حدث .
الصحافة الألمانية اهتمت كذلك بخبر مقتل السائحتين خاصة بعدما تأكد وجود دافع إرهابي وراء الجريمة. وبعدما انتشرت صور ميركل وهي تقتني النعناع المغربي في ساحة جامع الفناء الشهيرة في مراكش، طغت صورة السائحتين وقصتهما الصادمة.
DW عربية تواصلت مع الجمعية الألمانية للسفر، وأكد المتحدث باسمها تورستن شيفر بأن الجمعية لم تلاحظ حتى الآن أي تأثير في حجوزات الألمان إلى المنطقة والمغرب عموما بعدما وقع.
وأضاف: "مثل هذه الحالات لا تؤثر بشكل كبير على قرارات السياح، فالحوادث الإرهابية الآن تقع في كل أنحاء العالم أي أن الناس لا يستبعدون وقوعها حتى في المدن التي يعيشون فيها".
أما ما يؤثر بحسب الخبير الألماني فهو الاضطرابات الكبيرة مثل الربيع العربي مثلا إذ تضررت دول كتونس بشكل كبير فيما يتعلق بإقبال السياح الألمان.
وعن إقبال السياح الألمان على المغرب بشكل عام يقول شيفر إنه عرف ارتفاعا طفيفا ومستقرا في السنتين الأخيرتين، وتبقى منطقة أكادير الأكثر اجتذابا للسياح الألمان حسب شيفر.
فيديو قد يعجبك: