تغيير وزاري وإعفاءات.. ماذا تعني الأوامر الملكية السعودية؟
كتبت- هدى الشيمي:
أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، اليوم الخميس، أوامر ملكية بإعادة تشكيل مجلس الوزراء، ومجلس الشؤون السياسية والأمنية، إضافة إلى إعفاء عدد من المسئولين من مناصبهم.
وشملت التعديلات تعيين إبراهيم العساف وزيراً للخارجية خلفاً لعادل الجبير الذي تم تعيينه وزير دولة للشؤون الخارجية وعضواً في مجلس الوزراء، نقل تركي آل الشيخ من رئاسة الهيئة العامة للرياضة إلى هيئة الترفيه وتعيين الأمير عبدالعزيز بن تركي الفيصل في هيئة الرياضة، وكذلك تعيين الوزير مساعد العيبان مستشاراً للأمن الوطني.
مصراوي تحدث مع عدد من الخبراء في الشأن السعودي حول التعديلات الوزارية ومدلولاتها وتأثيراتها.
تنظيم السياسة الداخلية والخارجية
اعتبر السفير جمال بيومي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن التعديلات الوزارية تأتي في إطار عملية تنظيم السياسة الداخلية والخارجية، مُرجحًا أن يكون تغيير وجه وزارة الخارجية مرتبط بعلاقة الجبير المتساهلة إلى حد ما مع الولايات المتحدة، ورغبة من السعودية في ضبط إيقاع العلاقات الأمريكية ربما تريد علاقات أكثر جدية مع الولايات المتحدة، حسبما قال لمصراوي.
وعن نقل تركي آل شيخ من الرياضة إلى الترفيه، يقول بيومي إن هذا قد يرجع إلى رغبة المملكة في إبعاده عن المشاكل والمهاترات التي تورط في الكثير منها في الأونة الأخيرة.
احتواء الأزمة
كانت صحيفة فايننشال تايمز، نشرت تقريراً منذ أيام، حول تعديلات مرتقبة في الدائرة المقربة من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، زاعمة أن الرياض تريد أن ينُظر إليها، من خلال هذه التعديلات، على أنها تتخذ تدابير لمعالجة مشاكلها، ولاسيما بعد أزمة مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في أكتوبر الماضي.
وكانت المملكة قد أقالت سعود القحطاني، المستشار السابق في الديون الملكي من بعد الكشف عن تورطه في واقعة مقتل خاشقجي في 2 أكتوبر الماضي، بعد دخوله قنصلية بلاده في اسطنبول للقيام ببعض المعاملات الورقية التي تسمح له بالزاوج من الباحثة التركية جديجة جينكيز.
إلا أن السفير أشرف حربي، سفير مصر الأسبق بالبحرين، استبعد أن يكون للتغييرات الوازرية أي علاقة بأزمة خاشقجي، موضحًا أنها طبيعية تمامًا ومتوقعة بالنظر إلى الأحداث التي تقع في المنطقة في الأونة الأخيرة، مثل تطور الأزمة اليمنية، وسحب القوات الأمريكية من سوريا، والتدخلات التركية في شمال سوريا، وافتتاح السفارة الأماراتية في دمشق.
تكاتف عربي
وفيما يخص التعديلات المتعلقة بالسياسة الخارجية، يؤكد حربي على أهمية التكاتف العربي في المنطقة هذه الفترة، مُوضحًا أن سحب القوات الأمريكية من سوريا، بموجب قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قد يسمح لإيران بزيادة نفوذها في البلاد، وهذا ما ترفضه السعودية تمامًا.
في الوقت نفسه، يقول المسؤول الدبلوماسي السابق لمصراوي، إن فتح الإمارات سفاراتها في سوريا يعد تمهيدًا لفتح باقي السفارات العربية هناك، وهذا ما يتم العمل عليه بالفعل، مُشيرًا إلى حدوث لقاءات بين أجهزة الأمن المصرية والسورية في الأونة الأخيرة لفتح السفارة المصرية في دمشق.
وكان علي المملوك، رئيس مكتب الأمن الوطني في سوريا، قد زار مصر منذ يومين، بهدف بحث الأوضاع المستحدثة بعد انسحاب القوات الأمريكية من سوريا، والحديث عن القوات التي ستسد الفراغ الناتج عن انسحاب القوات الأمريكية، حسب اللواء حاتم باشات، وكيل جهاز المخابرات العامة الأسبق، وعضو البرلمان المصري.
علاوة على ذلك، يقول حربي إن الحرب اليمنية وصلت إلى مرحلة تحتم ضرورة تغيير بعض الوجوه سواء في السياسة الخارجية أو أجهزة الأمن الوطني أو القومي بالمملكة.
ماذا حدث للجبير؟
بموجب القرارات الملكية الجديدة، تم إعفاء وزير الخارجية السعودي عادل الجبير من منصبه وتعيينه وزير دولة للشؤون الخارجية، ليحل محله إبراهيم بن عبدالعزيز العساف، الذي تولى وزارة المالية في الفترة من 1996 حتى 2016.
كان العساف أحد مُعتقلي فندق الريتز كارلتون، بعد اتهامه بتلقي رشاوى وأموالاً مقابل منح مناقصات في قضية توسعة الحرم المكي، بالإضافة إلى قضايا فساد مالي أخرى، لكن لم يتم إعفاؤه من منصبه وزيرًا للدولة ساعة اعتقاله، وجرى الافراج عنه بعد تأكد المملكة من عدم صحة جميع البلاغات التي وردت خلال فترة عمله السابق كوزير المالية.
وأثار تقليص دور الجبير الكثير من التساؤلات على مواقع التواصل الاجتماعي خاصة تويتر، بالنظر إلى أنه لم يحدث في تاريخ السعودية من مقبل أن يتم تقليص دور أحد مسؤوليها، فإما أن يُعفى من منصبه أو يبقى كما هو.
ما دور الجبير الجديد؟
أوضح الدكتور علي الشهابي، المُحلل السعودي والمدير التفنيذي لمركز أبحاث "أرابيا فاونديشن" في واشنطن، أن تعيين وزير جديد بالخارجية يهدف إلى السماح للجبير بالتركيز على دوره كمتحدث رئيسي للمملكة مع إعفائه من عبء الإدارة اليومية للوزارة، والتي تحتاح إلى إعادة هيكلة والكثير من الاهتمام، مع احتفاظه بمنصبه كعضو في مجلس الوزراء.
وقال الشهابي، في تغريدات عبر تويتر، إن إبراهيم العساف، وزير الخارجية الجديد، مسؤول سعودي مُحنّك لديه عقود من الخبرة الوزارية، وكان عضوًا في مجلس الأمن الوطني التابع للحكومة، ما يجعل هذا التغيير وسيلة لتقسيم العمل بين أشخاص يحتاج إلى الكثير من الجهود، أكثر من كونه تقليصًا لدور الجبير.
تغيير وجه المملكة
أما بخصوص التعديلات الداخلية، فكانت الأوامر الملكية قد شملت تعديلا للمادة (30) من نظام مجلس الوزراء لتصبح بالنص الآتي: "يبين النظام الداخلي لمجلس الوزراء تشكيلاته الإدارية واختصاصاتها وكيفية قيامها بأعمالها"، إضافة إلى إنشاء جهاز باسم "ديوان مجلس الوزراء"، تلحق به الأمانة العامة لمجلس الوزراء، وهيئة الخبراء بمجلس الوزراء، والأجهزة المرتبطة بالديوان الملكي وإداراته ذوات الصلة، إضافة إلى ضم المراسم الملكية إلى الديوان الملكي.
وتضمنت الأوامر كذلك إعادة تشكيل مجلس الشؤون السياسية والأمنية ليتكون من "ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع رئيساً، وعضوية كل من وزير الداخلية، والشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ، والدكتور مساعد بن محمد العيبان، ووزير الخارجية، وخالد بن عبدالرحمن العيسى، وعادل بن أحمد الجبير، ووزير الإعلام، ورئيس الاستخبارات العامة، ورئيس أمن الدولة، ومستشار الأمن الوطني"، حسبما نقلت واس.
ويعتبر حربي، سفير مصر الأسبق في البحرين، أن التغييرات الداخلية طبيعية بالنظر إلى التغييرات السريعة التي تحدث في السعودية، والعمل على تنفيذ رؤية 2030 لولي العهد السعودي محمد بن سلمان، التي تهدف إلى إصلاح المملكة واستبدال وجها المحافظ بأخر أكثر حداثة.
كان ولي العهد السعودي أشار إلى أنه من الضروري أن تكون الشخصيات التي تتولى مناصب قيادية في المملكة قادرة على مواكبة التغيرات السريعة التي تشهدها، مُشيرًا إلى أنه سيتم الاستغناء عن أي شخص غير قادر على ذلك.
فيديو قد يعجبك: