تجريم "الزواج القسري" ما بين مساعدة الضحايا والخوف على الآباء
لندن- (بي بي سي):
حذر نشطاء بريطانيون من أن قانون تجريم الزواج القسري للفتيات قد يمنع الضحايا من التحدث والإبلاغ عما تعرضوا له خوفا على عائلاتهم من العقاب.
وفي الوقت الذي يتبنى فيه المشروعون في بريطانيا إصدار هذا القانون على أمل إرسال "رسالة قوية" بشأن الزواج القسري، قالت جمعية خيرية تعمل مع الضحايا إنه سوف يخيف الضحايا أنفسهم.
وعبرت روبي ماري، 35 عاما، إحدى ضحايا الزواج القسري والتي تم إجبارها على الزواج في بنغلادش عندما كان عمرها 15 عاما فقط، عن هذه المخاوف، وقالت "إنه أمر صعب لأنك تحب عائلتك بالطبع...ولكن في النهاية يبقى سوء المعاملة بمثابة إساءة بالغة".
وقالت وزارة الداخلية البريطانية إنه من المهم أن تمنح الضحايا الثقة المطلوبة للإبلاغ عما حدث لهم.
وأصبح الزواج القسري جريمة جنائية في بريطانيا عام 2014، ومنذ ذلك الوقت تم إدانة أربع حالات في أنحاء بريطانيا، وحالة واحدة من ويلز.
وتقدر السلطات في مقاطعة ويلز حالات الزواج القسري إلى 100 حالة كل عام، لا يتم الإبلاغ عنها.
في عام 2018، قدمت وحدة الزواج القسري، وهي جهد مشترك بين وزارة الخارجية وشؤون الكومنولث ومكتب وزارة الداخلية، المشورة أو الدعم في أكثر من 1196 قضية في بريطانيا.
وقالت السيدة شاهين تاج، من مؤسسة الحناء ومقرها كارديف، لبي بي سي ويلز لايف، إن هناك حاجة لمزيد من العمل الوقائي لتوعية الجناة حول مخاطر الزواج القسري، وهم غالبا آباء الضحايا.
وقالت المؤسسة الخيرية إن الضحايا غالبا ما يرغبون في العودة إلى منزل العائلة حالما يتم حل الوضع.
وأضافت شاهين "لا أعرف ضحية واحدة ممن عملت معهم وافقت على تدخل الشرطة ومعاقبة الآباء، وفي كثير من الأحيان لا ترغب الضحايا في التدخل خوفا من ذلك".
وقالت روبي ماري، وتعيش الآن في ميدلاندز، إنها بمجرد أن تزوجت، تم اغتصابها "بشكل أو بآخر، كل يوم" حتى يتمكن زوجها الجديد من الحصول على طفل وتذكرة للعيش في بريطانيا.
وتتشاور وزارة الداخلية حول الاقتراحات التي قد تطلب بشكل قانون من هؤلاء الذين يتعاملون مباشرة مع الشباب، مثل المعلمين والأخصائيين الاجتماعيين، أن يقوموا بالإبلاغ عن حالات الزواج القسري المشتبه فيها.
وتعتقد السيدة شاهين أن طلبات الحماية من الزواج القسري هي الطريق الأفضل، مما يسمح للضحايا بالتقدم إلى المحاكم للحماية، مع إبقاء العائلة بعيدا عن المسائلة القانونية.
وقالت: "لدينا ثماني حالات عادت فيها الشابات إلى منازل عائلاتهن وتمكن من مواصلة حياتهن".
التعليم هو الحل
وقال سامسنير علي، من الجمعية الخيرية "باوسو" إن التعليم هو المفتاح لأن العديد من الآباء لم يدركوا أنهم يخالفون القانون.
وأضاف: "بالنسبة لهم يعتقدون أنهم يفعلون الشيء الصحيح وهذه هي الطريقة الوحيدة التي يعرفونها لتقليل ما يعتبرونه "العار" الذي قد يلحق بالعائلة بسبب هذه الطفلة (التي ستتزوج قسرا)".
واستطرد قائلا "إنها مشكلة كبيرة في ويلز، ولا يزال الحديث عنها غير كاف."
وهناك حالات في المناطق الريفية في ويلز لم تحصل فيها النساء على أي دعم ويواجهن خطرا أكبر، حيث من المحتمل أن يحدث الزواج القسري لأجيال دون أن يعلم أحد بذلك.
"اغتصبت كل يوم"
ولدت روبي ماري، ونشأت في جنوب ويلز. كانت طفولتها سعيدة ، لكن كل شيء تغير عندما وصلت إلى سن البلوغ.
حيث نقلتها العائلة إلى بنغلاديش في عام 1998، وكان عمرها 15 عاما، بحجة قضاء عطلة.
وقالت: "كان من المفترض أن أذهب إلى هناك لمدة ستة أسابيع فقط، ولكن قضينا هناك شهرين، ثم أصبحت ثلاثة أشهر، ثم وصلنا إلى ستة أشهر، وأصبحنا جميعا نشعر بالحنين للعودة إلى ويلز".
وأضافت: "لقد طلبت من والدي العودة إلى المنزل. أريد العودة إلى المدرسة. أريد أصدقائي. لكنه كان يرفض ويتحجج بأشياء مثل (لقد أنفقنا الكثير من المال للمجيء إلى هنا)... كان هذا هو عذره وكان يخطط ليزوجني".
وعن طريقة زواجها، قالت روبي :"كنت أجلس لتناول العشاء مع الأسرة ودخل والدي وبدأ يأكل ثم توقف وقال فجأة (أليس من الرائع أن نتزوج روبي؟)، وعندها شعرت بالصدمة والخذلان، كنت طفلة وأصبت بنوبة غضب، وألقيت طبقي على الأرض، وبدأت في الصراخ، وضربت الأبواب، وركضت إلى غرفتي وأخذت أصرخ وأصرخ، لم أكن أعرف كيف أفهم ما قاله".
وكشفت أنها كانت سلعة تعطى لمن يدفع أكثر، وتقدم أشخاص بعطاءات. وتابعت: "ذهب أحد أعمامي وبدأ في تقديم العطاء الأول. كان أمرا مروعا. كنت أعامل مثل العبد".
"كنت في هذا البلد الغريب، لم أكن أعرف إلى أين أذهب، لم أكن أعرف إذا ما كان هناك هاتف. لم يكن هناك شيء."
"كنت منفية"
تم إجبار روبي ماري على الزواج من رجل ضعف عمرها، وتم تزيينها في خطبتها لتبدو مثل الدمية.
وقالت: "كان المنزل مليئا بالضحك، فأنت تعرف أن هناك أناسا في كل مكان يحاولون الدخول إلى غرفتي لرؤيتي، ولإلقاء نظرة على هذه العروس الجديدة".
بمجرد زواجها، أراد زوجها الجديد إنجاب طفل.
وأضافت "تقريبا كنت أتعرض للاغتصاب مرة أو مرتين يوميا من أجل الحمل، حتى يتمكن زوجي من الحصول على وسيلة للذهاب إلى بريطانيا رسميا من خلال طفل. هذه كانت خطتهم".
لقد حملت وعدت إلى ويلز للولادة. عندما ولدت الطفلة، هربت: "لقد جلب هذا العار للعائلة مرة أخرى في أعينهم. لقد فرضوا مقاطعة (كنت منفية) لفترة طويلة جدا".
تعمل روبي الآن كسفيرة، لتثقيف الناس حول الزواج القسري.
وتقول عن هذا: "الآن أتحدث وأتحدث إلى العالم وأريد أن أشارك في إيجاد الضوء في نهاية النفق، وليعلم الجميع أن هناك مكان له في هذا العالم.
وقال متحدث باسم وزارة الداخلية: "نحن نعلم أن الزواج القسري هو في كثير من الأحيان جريمة خفية ومن ثم فمن الضروري أن يكون لدى الضحايا الثقة في التقدم للحصول على المساعدة التي يحتاجونها.
"إننا نسعى للحصول على الأراء حول إذا ما كان جعل الإبلاغ عن هذه الحالة أمرا ملزما بموجب القانون، قد يساعد في تعزيز الحماية للضحايا وضمان تقديم المزيد من الجناة إلى العدالة.
وأضاف المتحدث "إن المشاورات مفتوحة للجميع ونحن مهتمون بشكل خاص بالاستماع إلى الضحايا والناجين من الزواج القسري، والمهنيين ذوي الخبرة في هذه المسألة."
فيديو قد يعجبك: