إعلان

"ذا اتلانتك": ماذا تفعل إيران في سوريا؟

04:15 م الخميس 15 فبراير 2018

الدفاع الجوي السوري

كتبت- إيمان محمود

في اليوم الذي أسقطت فيه الصواريخ السورية المضادة للطائرات طائرة مقاتلة أمريكية الصُنع تابعة لإسرائيل، من طراز "إف – 16"، رُفعت لافتة تفخر باللغتين العربية والعبرية في قرية بجنوب لبنان، وأعلن الإعلام المرئي والمسموع التابع لحزب الله أن الحادث يُعتبر نقطة تحول رئيسية بالنسبة لحزب الله والرئيس السوري بشار الأسد.

وفي شمال شرق سوريا، قام موالون للرئيس السوري، بتوزيع الحلوى على المارة في شوارع دمشق، في حين وضع صاحب متجر لبيع الملابس الرجالية لافتة على نافذته: "خصم بمناسبة سقوط طائرة العدو".

وقال أحد أعضاء حزب الله "إننا نشهد تحولًا استراتيجيًا على الأرض .. من الآن فصاعدًا لا يمكننا التحدث عن الجيش السوري وحزب الله والجيش اليمني والجيش العراقي والجيش الإيراني .. بل يجب أن نتحدث عن محور مقاومة واحد يعمل في جميع المسارح".

وقالت مجلة "ذا اتلانتك" الأمريكية، إن الخطاب العدائي والتوترات المتصاعدة، أكدت أن إسرائيل ستلجأ أخيرًا إلى مواجهة عسكرية شاملة مع سوريا، والتي يمكن أن تمتد إلى الأردن ولبنان.

ويمكن أن تؤول في نهاية المطاف إلى حرب إيرانية ضد "العدو الصهيوني" و"سيده الأمريكي" و"الملوك اليهود في السعودية"، على حد تعبير المجلة الأمريكية.

وترى الصحيفة أن الحرب مع إسرائيل هى آخر ما تريده إيران وحزب الله، وأن طهران تهدد الآن بتعبئة مجموعة كاملة من الوكلاء للحصول على ما تريده في سوريا وجميع أنحاء المنطقة، حتى الآن "يبدو أنها تتحدى العالم لتختبره فقط".

وأشارت المجلة إلى أنه بالنظر إلى عدد اللاعبين ومجموعة البرامج التي تتصادم داخل سوريا وخارجها، فإن إيران تلعب اللعبة الأخطر؛ إذ ترى أن إسقاط الطائرة الإسرائيلية كان ردًا على إسقاط القوات الإسرائيلية طائرة بدون طيار إيرانية عبرت فجأة إلى مجالها الجوي فجر يوم السبت الماضي، ثم ضربت مركزًا للقيادة في عمق سوريا، مما أثار الرد الذي تسبب في تحطم طائرة "إف -16" بالقرب من مدينة حيفا بشمال إسرائيل.

وتبع ذلك غارات جوية إسرائيلية انتقامية ضد أهداف للنظام السوري والإيراني وحزب الله داخل سوريا، وبعد ساعات من اليوم نفسه، فقدت تركيا طائرة هليكوبتر وطيارين في إطار عملية "غصن الزيتون" التي تشنها ضد الأكراد المسلحين في شمال سوريا.

وقبل أسبوع، سقطت طائرة روسية في شمال غرب سوريا، وهي منطقة تسيطر عليها تركيا وفصائل من المعارضة السورية المسلحة، وبالأمس، ذكرت "صحيفة نيويورك تايمز" أن ما لا يقل عن أربعة روسيين وربما عشرات آخرين كانوا من بين القتلى في غارة جوية أمريكية مؤخرًا على مقاتلين مناصرين للرئيس السوري يحاولون الانتقال إلى الأراضي التي يسيطر عليها الأكراد في شرق سوريا.

وبعد إسقاط الطائرة الإسرائيلية أشارت إيران وحزب الله إلى أنهما لا يريدان التصعيد، رغم أنهما عازمان على استخدام الأحداث الأخيرة لتضييق المزيد من التحركات الإسرائيلية ضد انتشارهما العسكري في الأراضي السورية.

ونقلت المجلة عن علي الأمين، خبير في الشؤون الشيعية في بيروت، إن إيران الآن مشغولة بشكل رئيسي بمستقبل سوريا وتدعم حصتها من النفوذ والسلطة في العالم العربي، أما العداوة مع إسرائيل هي ببساطة البطاقة التي ستستخدمها في المفاوضات لتحقيق أهدافها.

وتعود العلاقات بين طهران ودمشق إلى عام 1979، عندما أقام رجال الدين الشيعة في إيران تحالفًا مع عائلة الأسد بعد فترة وجيزة من الاستيلاء على السلطة من الشاه المدعوم من الولايات المتحدة، ويواجه الزعماء الشيعة الإيرانيون النظام الملكي الذي يقوده السنة في المملكة العربية السعودية ودول العالم العربي التي يهيمن عليه السنة، في حين أن الأسد، وهم من الأقلية العلوية المرتبطة بالشيعة، حكموا سوريا ذات الأغلبية السنية بقبضة حديدية، بحسب المجلة.

وكان حافظ الأسد والد الرئيس بشار، هو الزعيم العربي الوحيد الذي وقف إلى جانب إيران في حرب طويلة ودموية ضد الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، في الثمانينات، والذي كانت تدعمه السعودية.

وساعدت إيران والجماعة التابعة لها والتي أصبحت فيما بعد حزب الله، الرئيس السوري السابق حافظ الأسد على استعادة نفوذه في الحرب الأهلية اللبنانية بعد غزو إسرائيل للبلاد في عام 1982.

وعندما تصدت عائلة الأسد للمتظاهرين في عام 2011 خلال الربيع العربي، لم يكن هناك شك في موقف إيران وحزب الله، وبمجرد أن تحول القمع إلى حرب أهلية وحشية، ثم إلى حرب بالوكالة بين القوى الإقليمية والدولية، حافظت الأموال والقوى العاملة والتخطيط العسكري الإيراني على النظام السوري وقواته المضطربة، بحسب المجلة.

وقاد عشرات الآلاف من الميليشيات الشيعية المؤيدة لإيران التي يسيطر عليها حزب الله والمقاتلون من العراق وأماكن أخرى، القتال لاستعادة مدن مثل حُمص والمناطق المحيطة بدمشق، وأخيرًا مدينة حلب الشمالية السورية، بين عامي 2012 و2014.

ولفتت الصحيفة إلى أن انضمام إيران إلى الدولة السورية سمح لها بالبدء في توسيع الوجود الاقتصادي والعسكري والسياسي وحتى الديني والثقافي طويل الأجل، وكانت هذه النتيجة بالتحديد، إلى جانب اكتساب حزب الله للصواريخ والأسلحة المتقدمة، التي حاولت إسرائيل إحباطها عندما بدأت حملة تصعيد الإضرابات داخل سوريا في يناير 2013.

وبعد خمس سنوات بالضبط، مع تركيز الولايات المتحدة بشكل ضيق على هزيمة داعش في سوريا، تجد إسرائيل نفسها تتحول إلى روسيا، فلاديمير بوتين حريص على الحفاظ على منصبه كوسيط رئيسي للسلطة في الصراع، بعد تدخله العسكري بناء على طلب من الأسد وإيران في عام 2015.

أما التصور العام الذي طرحته المجلة، أن الأسد يدين ببقائه إلى الدعم العسكري والسياسي الروسي، فيما يستفيد الزعيم الروسي فلاديمير بوتين من بسط النفوذ الروسي بالمنطقة من خلال التواجد في وسوريا، في حين يعلم أن إيران لا تطلب سوى بقاء عائلة الأسد في الحكم.

فيديو قد يعجبك: