إعلان

سبع سنوات على الإطاحة بالقذافي.. ليبيا وصراع مصالح على إرثه

11:12 ص السبت 17 فبراير 2018

الأزمة الليبية

كتب – محمد الصباغ:

في اللحظات الأخيرة من حياته ظهر الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي في قبضة مجموعة من المسلحين أو ما كان يطلق عليهم قبل سنوات "الثوار"، الدماء غطت وجهه بالكامل وبدا في حالة يرثى لها. قتلوه برصاصة في الرأس، لكن بعد ذلك خرجت روايات أخرى كثيرة لا يمكن الجزم من خلالها بمن قتل القذافي في أكتوبر من عام 2011 خلال هروبه من مدينة سرت شمالي البلاد.

سنوات مضت وبدت ليبيا خلال هذه الأعوام السبعة تقريبًا كما كان حال القذافي في اللحظات الأخيرة قبل مقتله. الدولة التي خرج مواطنوها للإطاحة بالديكتاتور الذي حكم بلاده لأكثر من أربعين عامًا. السلطة لا يسيطر عليها أحد، فكل فصيل يملك السلاح يمكنه السيطرة على منطقة بعينها، كما كان يتسابق المحيطين بالقذافي لحظة مقتله على الانتقام منه بضربة أو لكمة أو طلقة رصاص.

وبشكل عام هناك ثلاث حكومات في ليبيا هي حكومة الوفاق المعترف بها دوليًا، والمشكلة في فبراير 2016 بموجب اتفاق سياسية وقع عليه برلمانيون ليبيون في 17 ديسمبر 2015 برعاية الأمم المتحدة في مدينة الصخيرات. ويرأس هذه الحكومة فائز السراج وتتخذ من العاصمة طرابلس مقرًا لها.

الحكومة الثانية هي حكومة الإنقاذ بقيادة خليفة الغويل وتشكلت بمعرفة المؤتمر الوطني العام في ليبيا في أغسطس 2014 في طرابلس أيضًا لكنها لا تحظى باعتراف دولي كما هو الحال بحكومة السراج.

وفي أبريل 2015 قررت هذه الحكومة التنازل لصالح حكومة الوفاق، لكن هذا التوجه لم يُرض بعض من أعضاء المؤتمر الوطني العام واستولوا على بعض المقرات الحكومية في العاصمة وباتت هذه الحكومة مرة أخرى تؤدي دورا سياسيًا.

الحكومة الثالثة هي بقيادة عبد الله الثني والتي أسسها برلمان طبرق المنحل في سبتمبر 2014، ويوجد مقرها في مدينة البيضاء شرقي البلاد. وقوة هذه الحكومة تتمثل في دعمها للجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر. واتفقت في نهاية 2016 على تشكيل حكومة وحدة وطنية مع حكومة الإنقاذ لكن كل ذلك لم ينته إلى شيء.

وبدأ قوة المشير خليفة حفتر في الظهور بشدة مع سيطرته على مناطق كبيرة في الشرق ومهاجمته لمناطق تسيطر عليها مجموعات مصنفة إرهابيًا مثل تنظيمي داعش والقاعدة، وهو ما شجع أطرافًا دولية على مساعدته على رأسهم مصر والإمارات وفرنسا.

كما تفرض بعض المجموعات المسلحة سيطرتها على مناطق مختلفة في ليبيا مثل فجر ليبيا والتي تعتبر موالية للمؤتمر الوطني العام في طرابلس والتي خسرت أغلب مناطقها في الشرق لصالح قوات حفتر.

كما تنشط أيضًا قوات ما يطلق عليها درع ليبيا وأيضًا تنظيم داعش الإرهابي ومجموعة أنصار الشريعة الموالية للقاعدة وتمركز في شرق ليبيا ويتولى أمرها الجيش الوطني.

كما هناك أيضًا مجلس شورى ثوار بنغازي والذي يتجمع تحت رايته مجموعات متطرفة مثل أنصار الشريعة ولواء ثوار 17 فبراير، وأنهت قوات حفتر تواجد هذه القوات في مدينة بنغازي في الأشهر الأخيرة.

الأطراف الدولية

هذا عن الواقع على الأرض الليبية، لكن كل مجموعة مسلحة أو حكومة تتلقى دعمًا خارجيًا من دول تبحث عن مصالح داخل ليبيا أو ترغب في تهدئة الأوضاع لحماية حدودها سواء من الإرهاب أو الهجرة غير الشرعية.

الناتو

قرر حلف شمال الأطلسي (الناتو) بدء ضرباته الجوية في ليبيا في مارس 2011، وذلك باتفاق مع الأمم المتحدة من أجل ما قالوا إنه حماية المدنيين من الأخطار المحيطة بهم تحت نظام القذافي وبعد اندلاع المعارك ضده.

وبسرعة كبيرة أنهى الناتو نظام القذافي وذكرت تقارير أن موكب القذافي الذي كان يهرب من سرت تم استهدافه عبر مقاتلات الناتو، ما سمح للمحاولين الإطاحة بالقذافي أن يجدوا زعيمهم السابق في الصحراء ويقضون عليه.

ضربات الناتو كانت تركز على الإطاحة بالنظام القائم لكنها لم تضع حطة لما بعد ذلك، ما ساهم في التناحر والحرب الدائرة حاليًا والمعاناة الليبية حتى بعد مقتل القذافي. وبحسب "مركز أتلانتيك" للدراسات السياسية، فإن نتيجة لذلك وخلال السنوات التي تلت هذا السقوط، بات الوضع في البلاد أكثر تعقيدًا وخطورة.

كما أشار تقرير المركز أيضًا إلى أن ما بات معقدًا أيضًا هو تضارب مصالح اللاعبين الدوليين والتي حولت الأوضاع في ليبيا إلى صراع لفرض النفوذ أو ما أشبه حرب بالوكالة.

مصر

وجه الجيش المصري ضربات جوية في الداخل الليبي بسبب التهديدات الإرهابية التي تأتي من البوابة الغربية، وتدعم القاهرة المشير خليفة حفتر في حربه في الشرق الليبي وفرض النظام والسيطرة ضد الجماعات الإرهابية وعلى رأسها داعش والقاعدة.

ونقل المركز الأوروبي للشئون الخارجية في تقرير له مؤخرًا أنه مع وجود طرف مسيطر وموال لها في الشرق الليبي مثل "حفتر" فإن ذلك سوف يخلق منطقة عازلة لحماية الحدود المصرية.

كما تدعم مصر أيضًا إقامة حكومة موحدة في ليبيا واستضافت اجتماعات قيادات بالجيش الوطني الليبي ومجموعات أخرى موالية لحكومة طرابلس من أجل إقامة جيش وطني موحد وخلق نوع من الاستقرار.

وكانت ليبيا مصدر لهجمات إرهابية مختلفة ضد مصر حيث استشهد 22 مسيحيًا مصريًا من العاملين في ليبيا بعدما اختطفهم وذبحهم عناصر داعش وبثوا هذه المشاهد على وسائل الإعلام. وكان ذلك سبب استهداف مصر لمجموعات إرهابية لعناصر التنظيم داخل الأراضي الليبية.

تركيا وقطر

تقف الإمارات بشكل كبير مع مصر في سعيها نحو أهدافها في ليبيا ودعم المشير حفتر. الأخير هاجم مرارًا وتكرارًا التدخل القطري التركي واتهمهم بتهريب الأسلحة والأموال إلى التنظيمات الإرهابية.

وبحسب تقرير مركز أتلانتيك، فإنه بسبب التقارب الشخصي بين النخبة القطرية مع الإخوان المسلمين، دعمت بشدة الإطاحة بالقذافي. وتستمر منذ ذلك الحين الدولة الخليجية في دعم المجموعات الإسلامية المسلحة المصنفة إرهابية، وتوقفت لفترة قصيرة عن فعل ذلك خلال عام 2015 بسبب ضغط من الأمم المتحدة.

واعتبر أيضًا أن الدعم القطري بهذه المجموعات الذي تم استئنافه في 206، بالأساس بالتنسيق مع تركيا من أجل فرض نفوذ وإيجاد حليف في ليبيا. وبالفعل صرح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قبل ذلك عن تعاطفه مع الإسلاميين في ليبيا. وباتت مصر ومعسكرها الخليجي يدعمون حفتر وجيشه من أجل القضاء على التنظيمات الإرهابية التي مثلت بالفعل تهديدًا ولازالت لمصر، في حين تدعم تركيا وقطر المجموعات التي تواجه حفتر في الأراضي الليبية.

الجزائر وتونس

تراقب الدولتان الأوضاع بحرص شديد، ولا يلعبان أي دور مؤثر على الأرض. وبحسب "أتلانتيك" فإن الجزائر تحاول التركيز وإنهاء الحرب الأهلية عبر الحوار الدبلوماسي.

وانخرطت الدولتان مع مصر في مساعيها الدبلوماسية نحو مواجهة الصراع. وفي يونيو 2017، اجتمع الجيران الثلاثة لليبيا في الجزائر حيث اتفقا على دفع المفاوضات للأمام ورفض استمرار الحرب.

فرنسا وإيطاليا

إيقاف مرور الإرهابيين والمهاجرين غير الشرعيين هو الشغل الشاغل للدولتين الأوربيتين جنوب المتوسط. وطالما دعمت إيطاليا الحوار مع حكومة السراج وفي نفس الوقت لم تغفل أهمية الدور الذي تقوم به قوات حفتر في الشرق، ما يعني أنها تريد الاستقرار المتمثل في الاعتراف الدولي بالسراج مع القوة في مواجهة الإرهابيين المتمثلة في جيش حفتر. وترغب إيطاليا في جعل حفتر جزء من أي تسوية.

أما فرنسا فكأي فاعل دولي تعترف بحكومة السراج، لكنها أيضًا وبحسب مركز أتلانتيك تدعم قواتها الخاصة وتساعد المشير حفتر في عملياته ضد الإسلاميين في بنغازي.

وفي يوليو من العام الماضي استطاع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن يجمع المتنافسين حفتر والسراج مع في اجتماعات بالعاصمة باريس. وجاء ذلك بعد اجتماعات سابقة بينهما في الإمارات، وهدف إلى إنهاء التحول الديمقراطي وطرح فكرة إجراء الانتخابات.

بالفعل بدأ الحديث عن انتخابات ليبية في الأشهر الأخيرة لكن الخلاف لازال قائمًا بين حفتر والسراج، وبدورهم أيضًا بين اللاعبين الدوليين المتضاربة مصالحهم.

 

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان