الجارديان: الدور الأمريكي في سوريا يقلق تركيا ويؤخر عملية السلام
كتبت – إيمان محمود
مع دخول حوالي 1500 ممثل عن دول وكيانات ومنظمات دولية وسورية، للمحادثات حول سوريا التي انطلقت في مدينة سوتشي الروسية في نهاية يناير المُنصرم، غابت احدى أهم وأكبر الدول المشاركة في الحرب السورية؛ وهي الولايات المتحدة.
وقالت صحيفة "الجارديان" البريطانية، إن المحادثات لم تحقق أي نجاحًا في تحقيق السلام للبلد الذي يعاني الحرب والدمار على مدى سبع سنوات، توسطت فيها روسيا وتركيا وإيران، إذ كانت المعارضة السورية ونظام الرئيس السوري بشار الأسد يتوهمان بأنها سيحصلان خلال هذا المؤتمر على الخطة المستقبلية لما سيحدث في سوريا.
وأضافت أنه مع وجود القوى الدولية الثلاث، الذين يمتلكون قوات عسكرية موالية لها على الأرض السورية، قامت الولايات المتحدة بترسيخ وجودها بهدوء في شمال وشرق سوريا، عن طريق وكلائها من القوات الكردية المسلحة، بالإضافة إلى سعيها لإعادة بناء المناطق المُحررة من تنظيم داعش.
فقد أقامت القوات الكردية في سوريا منطقة تمتد شرق الفرات حتى الجنوب باتجاه الحدود العراقية -تمامًا كما فعلت القوى الإقليمية الأخرى- إذ تسيطر تركيا ووكلائها الآن على المنطقة الواقعة شمال حلب، في حين أن تسيطر روسيا وإيران على النفوذ وسط سوريا بالقرب من الحدود الإسرائيلية.
وفي الوقت الذي طمأن فيه الوجود الأمريكي حلفاء مثل السعودية وإسرائيل، التي تدعم هذا الوجود الطويل الأمد في المنطقة، إلا أن هذا الوجود يتسبب في قلق تركيا، التي تخشى من الاعتماد الأمريكي على قوات الحشد الشعبي الكردية، التي تتهما أنقرة بالتواصل مع حزب العمال الكردستاني المُدرج على لائحة المنظمات الإرهابية في تركيا.
وحذّرت الصحيفة من أن استمرار دعم الولايات المتحدة للقوات الكردية في سوريا، سيتسبب في تعزيز الانقسامات داخل سوريا، واستقطاع جزء من الأراضي السورية بعيدًا عن سيطرة الحكومة، ما يجعل احتمال التوصل إلى تسوية سلمية وموحدة أبعد من أي وقت مضى.
ونقلت الصحيفة عن مصدر سوري يعمل مع الولايات المتحدة في محافظة الرقة التي تسيطر عليها القوات الكردية منذ طرد تنظيم داعش منها، العام الماضي، قوله إن "الحل السياسي في سوريا سيكون في شكل اتفاق بين الدول حيث يتفق الامريكان مع الروس والأكراد والإيرانيين ودول الخليج على من سيحتفظ بالنفوذ في مختلف المناطق".
وأضاف المصدر السوري أنه "بمجرد تقسيم الكعكة، سيكون هناك حل سياسي في سوريا".
وفي خطاب ألقاه ريكس تيلرسون، وزير الخارجية الأمريكي، الشهر الماضي، في كاليفورنيا، أوضح أن التواجد الأمريكي في سوريا من شأنه أن "يوازن" التواجد الإيراني –غير المرغوب فيه- كما أنه يساعد في استمرار محاربة فلول تنظيم داعش في الوقت الذي يتراجع فيه إلى مخابئ صحراوية.
وأشار وزير الخارجية الأمريكي إلى أن تواجد الولايات المتحدة في سوريا سيكون "طويل الأجل لضمان عدم تكرار الأخطاء التي ارتكبتها بلاده في العراق ومنع عودة ظهور داعش".
ومن بضعة أيام؛ أطلق البنتاجون ميزانيته المقررة لعام 2019 التي تنص على وجود قوات لحوالي 6 الاف جندي أمريكي كجزء من التحالف ضد داعش في العراق وسوريا.
وتعتقد انقرة ان وحدات حماية الشعب تستفيد من المظلة الأمنية الأمريكية لإقامة منطقة حكم ذاتي أو دولة مستقلة على طول الحدود مع تركيا، كما يساورها القلق من استمرار الولايات المتحدة في التحالف.
ونقلت الصحيفة البريطانية، عن مسؤول تركي رفيع المستوى قوله: "بالنسبة لكثير من المسؤولين الأمريكيين وبعض دول الخليج، فإن القضية الرئيسية في الشرق الأوسط هي وقف تمدد إيران مهما كان الثمن".
وأكد أن القضية الأولى والأخيرة لتدخلهم في الحرب السورية هي "إيران وإيران ثم إيران .. الأراضي السورية أصبحت مجرد مسرح دولي للحرب بالوكالة ".
وواصلت الولايات المتحدة العمل مع القوات الكردية وإعادة بناء الجسور وتطهير الألغام وإصلاح البنية الأساسية مع وضع مسؤولين الأكراد في المناصب الإدارية المحلية الرئيسية، كما واصلت تقديم الدعم السياسي والعسكري للتحالف.
وقال سيبان هامو، القائد العام لوحدات حماية الشعب: "إن تعاون الأكراد مع التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة يُعتبر نقطة انطلاق لمكافحة داعش، التي بدأت في كوباني واستمرت حتى دير الزور.
وأضاف "هناك أيضًا علاقات مع الإدارات السياسية، وهناك تنسيق وعمل مشترك في جهود التعمير والإدارة .. وليس لدينا أي تطلعات أو مشاكل مع أهالي هذه المناطق".
استمر هذا التعاون في إزعج تركيا، التي شنت عملية "غصن الزيتون" الشهر الماضي في مدينة عفرين السورية الواقعة قرب حدودها، ضد وحدات حماية الشعب الكردية، كما هددت بعد ذلك بمهاجمة منبج.
جاء هذا الزخم بعد إعلان ان الولايات المتحدة، أنها ستبنى قوة حدودية قوامها 30 ألف جندي أغلبهم من وحدات حماية الشعب الكردية للقيام بدوريات في الحدود السورية ضد داعش.
وبما أن الولايات المتحدة تثبت وجودها في مغامرة شرق أوسطية أخرى، فإنها رسخت نفسها كجزء من المشكلة والحل في سوريا التي مزقها الصراع على السلطة والنفوذ في المنطقة، بحسب الصحيفة.
فيديو قد يعجبك: