بوليتيكو: بهذه الطريقة.. سيقلل ترامب من سُلطاته الرئاسية
كتب - هشام عبد الخالق:
نشرت مجلة "بوليتيكو" الأمريكية، مقالًا للكاتبة آشا رانجابا، عميلة مكتب التحقيقات الفيدرالي السابقة، تحدثت فيه عن التحقيق الذي يقوده المستشار الخاص روبرت مولر على رئاسة دونالد ترامب.
وقالت رانجابا، في بداية المقال: "في الأسابيع القادمة، سوف يضطر الرئيس ترامب لاتخاذ قرار مكروه بالنسبة له، التعاون مع روبرت مولر، أو المخاطرة بالتقليل من سلطاته الرئاسية.
وتابعت رانجايا، بعد اتهام مولر لـ 13 مواطنًا روسيًا وثلاث شركات من نفس الجنسية بالتدخل في الانتخابات الأمريكية، أخذ استجواب ترامب أهمية جديدة، وأشارت كل العلامات حتى الآن إلى رفض ترامب لطلب الاستجواب، مما سيجبر مولر - بلا شك - على إصدار أمر استدعاء من هيئة المحلفين الكبرى لإجبار الرئيس على الحديث.
وأضافت، إذا حدث ذلك ورفض الرئيس الحديث أيضًا، سوف تصبح الدولة في منطقة بلا دستور، وسوف تضطر المحاكم للتدخل، ويظهر التاريخ أنه إذا أراد الرئيس حماية مصالحه، فإن الطاولة تكون دائمًا ضده، وإذا لم يكن ترامب حذرًا سوف يؤدي هذا لتقليص سلطاته، ويقلل من قوة الرئيس لعدة سنوات قادمة.
عندما يتعلق الأمر بالفصل بين السلطات، الدستور الأمريكي يجعل الأمر سهلًا، فالكونجرس يشرع القوانين والرئيس ينفذهم، والسلطة القضائية تفصل فيها، ولكن في الواقع، الحدود بين السلطات تبدو ضبابية أكثر مما هي على الورق.
وفي عام 1952، كتب قاضي المحكمة العليا روبرت جاكسون، أن السلطة الرئاسية في بعض الأحيان تقع في "منطقة من الغموض"، حيث تبدو الحدود الدقيقة للمادة الثانية، التي تُبين دور الرئيس، غير واضحة بشكل تام، وعمومًا فمن مصالح الرئيس أن يترك بعض سلطاته في المنطقة الرمادية - حيث لا يمكن لأحد حجبها - وذلك لأن جعل المحكمة تقرر أين تبدأ وتنتهي السلطة الرئاسية يجعل من الصعب تغييرها، ويتم تطبيق هذا على أي شخص يتولى السُلطة مستقبلًا.
وفي الممارسة العملية، يميل الرؤساء عادة إلى التفكير في أنفسهم ليس فقط كزعماء لحزبهم، ولكن كرؤساء - مما يدفعهم للحفاظ على السلطات الدستورية الخاصة بالرئاسة لخلفائهم، كجزء من عملهم.
لهذا السبب، عندما تثور تساؤلات حول ما إذا كان الرئيس يستطيع أو لا يستطيع القيام بشيء، فمن الأفضل، من وجهة نظر الرئيس، عدم إيصال القضية إلى المحكمة، ويكون ذلك أحيانًا عن طريق جعل الكونجرس يزيد من قوة السلطات التنفيذية.
وبطبيعة الحال، يمكن للمحاكم التدخل وأحيانًا تتدخل بالفعل، عندما يحاول الرؤساء توسيع سلطتهم كثيرًا، أو يرفضون التفاوض والنقاش حول العوامل المتغيرة، وطبيعة النظام الدستوري الأمريكي تفترض أن السلطة التنفيذية ستحاول تجاوز سلطاتها الممنوحة لها، وفرض السلطة القضائية قيودًا على الرئاسة، يكون مناسبًا وضروريًا في هذه الحالات.
وتابعت الكاتبة، عندما تكون هذه القضايا حول السياسات المتنازع عليها، فإن تحديد السلطة الرئاسية يمكن أن يعزز ديمقراطيتنا الدستورية بشكل عام من خلال تعزيز التعبير القوي عن الضوابط والتوازنات، أو تشجيع التعاون مع الكونجرس، أو إعادة تأكيد للحقوق الفردية.
وعلى الرغم من ذلك - كما تقول الكاتبة - فعندما تُثار أزمة قضائية حدود سلطة الرئيس، حول نزاع يتعلق بسلوكه السيء المزعوم، فإن هذا يضعف الرئاسة لأسباب خاطئة، وفي مثل هذه الحالات، لا يدافع الرئيس عن هدف أكبر يتمثل في المصلحة الوطنية، ولكنه يستخدم سلطاته لحمايته من التعرض للمساءلة حول سلوكه الشخصي أو أعماله الإجرامية.
وكان أشهر تلك الأمثلة على الاستخدام السيء السُلطة، الرئيس ريتشارد نيكسون، الذي استخدم "الامتياز التنفيذي" لحجب بعض المعلومات في قضية "ووترجيت" الشهيرة، عن المدعي الخاص ليون جاوورسكي، مما تسبب في قضية حملت اسم "نيكسون ضد الولايات المتحدة"، وتسببت في ضربة للرئاسة، من خلال الحكم بأن ادعاءات الامتياز التنفيذي لم تعزله عن الاضطرار إلى تسليم السجلات التي قد تكون لها قيمة إثباتية في دعوى جنائية، ويعد هذا المثال من أسوأ اختبارات السلطة الرئاسية في التاريخ الأمريكي، لأنه لم يكن حول دور الرئاسة، ولكن عن الشخص الذي يشغل المنصب.
عندما يحاول الرؤساء استخدام سلطاتهم لحجب أسباب قراراتهم السياسية، فهم يفعلون ذلك بتروي، مع التطلع إلى حل وسط، لأنهم يمكنهم أن يروا آثار ما يفعلونه في التاريخ، ولكن عندما يحاول الرؤساء فقط حجب سلوكهم السيء أو غير القانوني عن الرأي العام - أو إبقاء أنفسهم خارج السجن - ينتهي بهم الأمر إلى وضع سلطة الرئاسة في خطر دون داع، بدون أي فوائد لأي شخص إذا خسروا، فهم يعرضون على المحاكم طرقًا لتحديد سلطات الرئيس بطريقة قد لا نرغب فيها.
وتقول الكاتبة، على الرغم من أن هذه المعارك يمكن أن تؤكد من جديد، المبدأ الهام الذي مفاده أن لا أحد، ولا حتى الرئيس، فوق القانون، فإنها يمكن أن تكون مضرة بالديمقراطية، وتعتقد التحقيقات، أن وضع الرئيس ضد قوة إنفاذ القانون، سيجعل الشعب يعتقد أن ولائهم ينتمي إلى أحدهما، والأسوأ من ذلك، فأنها تحفز الرئيس على اتهام التحقيقات ضده، بأنها غير شرعي وإساءة استخدام السلطة.
ويعد هذا النوع من السلوك استراتيجية نموذجية للحفاظ على النفس يتبعها الأهداف الإجرامية، وقد هاجم ترامب - مثل نيكسون - المُدعين ومحققي مكتب التحقيقات الفيدرالي، الذي يتحققون منه ووصفهم بأنه متحيزين سياسيًا ضده، وعندما يأتي هذا الحديث من رئيس الولايات المتحدة ويتهم فيه أحد أفرع حكومته الخاص، فهو يدمر بشكل خاص المؤسسات الديمقراطية، وإيمان الشعب بشرعيتها.
وتضيف الكاتبة، انتخاب شخص ما للرئاسة بطابع أخلاقي سيء ليس مجرد إحراج مدته أربع سنوات، بل هي أيضًا مخاطرة دستورية، لأن هؤلاء الأشخاص لن يكون لديهم أي ندم حول ما قد يتركونه من آثار بعد مغادرتهم المكتب، لا سيما إذا وجدوا أنفسهم في تحقيق ما، مثل ترامب الآن.
المثير للسخرية في الأمر - كما تقول الكاتبة - أن مواجهة ترامب الوشيكة مع مولر ستكون على أرضية قانونية هشّة؛ بسبب سابقة وضعها بعض أسلافه.
وتختتم الكاتبة قولها بـ "سوف تكون كلًا من الرئاسة والدولة أفضل حالًا إذا لم يكن هناك داع لطرح كل هذه التساؤلات من الأساس".
فيديو قد يعجبك: