إعلان

"بيوت وسجون ومقابر".. كيف استخدم السوريون الملاجئ أثناء القصف؟

03:51 م السبت 24 فبراير 2018

الغوطة الشرقية- صورة ارشيفية

كتبت- هدى الشيمي:

على مدار سبعة أعوام هي عمر الأزمة السورية، كانت المخابئ عنصرًا فعالًا في الحرب، إذ استخدمتها كافة الأطراف المتورطة في الصراع - القوات النظامية، المعارضة، داعش، والمدنيين- لأهداف مختلفة، وباتت الآن مأوى للكثير من العائلات التي شردها القصف المتواصل، بعد تدمير المنازل والمشافي وغيرها من البنايات في الغوطة الشرقية.

 

انتقلت الكثير من العائلات السورية في المدينة المحاصرة إلى أٌقبية منازلهم؛ هربًا من القصف المتواصل. يقول إبراهيم، إعلامي سوري تمكن من مغادرة الغوطة الشرقية، لمصراوي، "كان من المعتاد أن يعيش 8 أشخاص على الأقل في هذه المخابئ، إلا أن الأمر اختلف كثيرًا بعد الغارات التي لا تتوقف، فأصبح يتواجد بها من 6 إلى 7 عائلات، وأصبحت الأوضاع خانقة".

 

ومازالت الغارات التي تشنها طائرات تابعة لقوات النظام وأخرى روسية على الغوطة الشرقية المحاصرة مستمرة، وتسببت في مقتل ثلاثة مدنيين على الأقل، صباح اليوم السبت، بالإضافة إلى مقتل أكثر من 400 آخرين في القصف المتواصل على المنطقة منذ الأحد الماضي.

 

ويأتي استمرار القصف بعد تأجيل مجلس الأمن الدولي - في جلسة عقدها ليل الجمعة/السبت - لمرة جديدة، للتصويت على طلب بوقف إطلاق النار وإقامة هدنة في سوريا لثلاثين يومًا، بعد فشل المفاوضات في التوصل إلى اتفاق مع روسيا حليفة الأسد المقربة.

"البحث عن مخابئ"

 

منذ اشتداد القصف في سوريا، ومؤخرًا في الغوطة الشرقية، أصبح حصول المدنيين على ملاجئ (أقبية تحت المباني) بمثابة اكتشاف كنز، وغالبًا ما تكون مساحة الملجأ 300 مترًا مربعًا، ويعيش بداخله أكثر من 100 شخص، وتسبب ضيق المساحات وزيادة العدد، في وفاة بعض الأشخاص بسبب الاختناق، بالإضافة إلى حالات الإغماء التي تكثر مع تزايد الأعداد لاسيما بين الأطفال.

ويقول عمران الدوماني، مصور من الغوطة الشرقية، لمصراوي، إن "الأوضاع أصبحت جنونية جدًا مع استمرار القصف العشوائي الذي يستهدف المشافي والمؤسسات التي تقدم خدمات طبية، وتركيز الطيران الروسي على استهداف الملاجئ".

ونزلت الكثير من العائلات - بحسب عمران، 18 عامًا - للاختباء في الملاجئ ولكنها لم تستطع الخروج مرة أخرى، ولم يُعرف مصيرهم حتى الآن.

يتواصل إبراهيم مع عائلته ومن يعرفهم ممن يعيشون الآن في الغوطة الشرقية بصعوبة، ولكنهم يخبرونه أن أكبر صعوبة تواجههم خلال بقائهم في الملاجئ، هي إقناع أطفالهم بالنوم وسط هذه الظروف المرعبة، ويقول: "يضعون أيديهم على آذان صغارهم حتى لا يسمعوا أصوات القصف، عسى أن يغلبهم النعاس".

ونددت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف"، بأوضاع الأطفال في الحرب السورية، وخاصة الغوطة الشرقية، وأصدرت بيانًا الثلاثاء الماضي لا يحمل كلمات، بسبب مقتل عدد كبير من الأطفال وإصابة أخرين، فضلًا عن انفصال العديد من أطفالهم عن ذويهم.

ويقول الإعلامي السوري، إن العوائل "إذا ما ماتت من القصف بيموتوا من الجوع"، موضحًا أن الوسيلة الوحيدة لحصول المدنيين في المخابئ على المواد الغذائية أو الأدوية وغيرها من مستلزمات الحياة، عن طريق عاملي الإغاثة، والذين يواجهون صعوبات الآن في التواصل معهم أو الوصول إلى المناطق التي تتواجد فيها هذه الملاجئ، نظرًا لانهيار العديد من المباني، وشن القوات الروسية والسورية هجمات على نفس المكان أكثر من مرة.

"مشافي تحت الأرض"

 

وحاولت المنظمات الإغاثية والطبية التي تعمل في سوريا منذ بدء الحرب، استخدام الأنفاق والملاجئ تحت الأرض لاستئناف عملها وتقديم خدمات للمدنيين، لما وجدته من صعوبة في استمرار العمل على السطح نظرًا لاستهدافها باستمرار.

وأفادت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، في تقرير نشرته منذ يومين، بأن العديد من المنظمات الإنسانية المحلية أكدت إلى شركائهم في المنظمات الإنسانية الدولية، أن العمل تحت الأرض أكثر أمانًا.

وتسبب القصف في الأيام الأخيرة الماضية، في انهيار 13 مستشفى وعيادة تدعمها منظمة أطباء بلاد حدود، وأبلغت المنشآت الطبية التابعة للمنظمة، عن تدفق أعداد كبرى من الجرحى وجثث القتلى في الغوطة الشرقية.

وقالت المنظمة، في بيان صدر عنها منذ يومين، إن الحصار منع وصول العناصر الرئيسية المنقذة للحياة بكميات كافية إلى الأطباء العاملين هناك؛ وحتى عندما يتم السماح للقوافل الرسمية التابعة للأمم المتحدة أو اللجنة الدولية للصليب الأحمر - وهو أمر نادر الحدوث - فإن المواد التي تشمل إمدادات التخدير يُمنع دخولها بشكل منهجي أو يتم إزالتها، كما تم الإبلاغ عن أن الأطباء لا يستطيعون الوصول لمخزونات طبية موجودة حاليًا داخل الغوطة الشرقية.

"سجون داعش"

وسط هذا وذاك، استخدم تنظيم داعش المساحات الموجودة تحت الأرض لتأسيس سجون وزنازين يضع فيها أسراه، واستطاعت قوات سوريا الديمقراطية "قسد" العثور على أكثر من سجن بعد استعادتها لبعض معاقلهم في سوريا، على رأسها السجن الرئيسي، والذي أسسه التنظيم تحت الملعب الرياضي الواقع وسط مدينة الرقة، والتي اتخذها التنظيم عاصمة لخلافته الإسلامية.

وبحسب تقارير مصورة نشرتها شبكة "سي إن إن" الأمريكية، فإن مقاتلي التنظيم حفروا بها أنفاق تساعدهم على نقل المساجين من مكان إلى آخر دون أن يراهم أحد.

وذكرت شبكة "سكاى نيوز" في نسختها البريطانية، أن شبكة السجون التي كانت مخبأة تحت الملعب الرياضي بالمدينة، كان يجري فيها تعذيب وقتل المناهضين للتنظيم.

"مخازن أسلحة"

وبحسب تقارير إعلامية موالية لنظام الأسد، فإن فصائل المعارضة السورية تستخدم المخابئ والأقبية الموجودة تحت الأرض لتهريب وتخزين الأسلحة، وحياكة المؤامرات ضد القوات النظامية.

ورغم كارثية الأوضاع في الغوطة الشرقية، يؤكد الأسد وموسكو أنهما لا يستهدفان المدنيين، ولكن هدفهم الحقيقي من القصف هو القضاء على فصائل المعارضة الموجودة في المنطقة، وإعادتها مرة أخرى إلى أحضان النظام.

ووصف فاسيلي نيبينزيا، السفير الروسي لدى الأمم المتحدة، في جلسة لمجلس الأمن الدولي، الخميس الماضي، روايات المدنيين في الغوطة الشرقية عن القتل والدمار والجوع عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بأنها "هَلوَسة جماعية"، وقال إنها تدل على أن أصحابها يعانون من "اضطراب عقلي".

يؤكد إبراهيم، أن الأوضاع في بلاده أصبحت مروعة، وأن الأطفال لا يكفون عن التساؤل عن موعد انتهاء هذا العذاب، فيما لا يستطيع البالغين معرفة هوية القذائف التي تدمر كل شيء حولهم، هل هي روسية أم سورية أم إيرانية، كما أنهم يعجزون عن الإجابة على أسئلة يطرحها عليهم أبناؤهم مثل "مو نحن مسلمين.. ليش الله ما بيساعدنا؟".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان