لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

شاب كوسوفي عائد من الحرب: وجدت نفسي بين السيئ والأسوأ في سوريا

09:05 م الأحد 25 فبراير 2018

يقول ألبرت إنه كان حالما عندما قرر الذهاب لسوريا ل

(بي بي سي):

انضم أكثر من 300 شخص من كوسوفو إلى الجماعات الإسلامية المسلحة في سوريا والعراق للمشاركة في "الحرب المقدسة"، وهو أكبر عدد ينضم للصراع في المنطقة من دولة أوروبية واحدة. لكن لم يكن كل هؤلاء يعكسون الصورة الشائعة عمن يوصفون بالجهاديين، وهو ما اكتشفته هيلين نيانياس بنفسها عندما دعاها شاب يبدو عليه التمدن والأناقة لتناول القهوة في بربشتينا، عاصمة كوسوفو.

وتحكي هيلين قصتها مع هذا الشاب حيث بدأت عندما ألقى عليها شاب له لحية قصيرة، ويرتدي معطفاً طويلًا، تحية بارتباك في مقهى في بريشتينا. وكان وجهه يعلوه الخجل، وهو جالس، وأمامه على الطاولة كوب كبير من القهوة تعلوه كمية كبيرة من القشدة.

كان هذا الشاب هو ألبرت إبيريشا، 31 سنة، الذي انضم إلى الحرب في سوريا منذ خمس سنوات، وقال: "أعرف أن ما أرويه يصعب تصديقه، لكنه حدث بالفعل"، وذلك أثناء روايته لتجربة استمرت تسعة أيام مع المقاتلين الإسلاميين في سوريا التي حدد دافعه لخوضها بمقاومة الرئيس السوري بشار الأسد.

ويمكننا هنا أن نقتبس، على سبيل التجاوز، عبارة من فيلم "ويزنايل وأنا" عندما نتحدث عن ألبرت لنقول إنه انضم إلى القتال "عن طريق الخطأ".

وبدأت تجارب مزعجة في محاصرة الشاب الكوسوفي فور وصوله إلى سوريا ليجد نفسه في اختيار ما بين السيئ والأسوأ. ففي البداية، أرادت جبهة النصرة، الموالية لتنظيم القاعدة، ضمه إلى مقاتليها، لكنه فضل الانضمام إلى جماعة ينتمي إليها صديق له ألباني. لكنه اكتشف أن هذه الجماعة تنتمي لتنظيم الدولة، وهو ما لم يكن يريده ألبرت.

وفر ألبرت من الجماعة التابعة لتنظيم الدولة، التي كان على وشك الانضمام إليها، أثناء انشغالها بقتال الأكراد لينضم إلى أحرار الشام، وهي جماعة مسلحة مكونة من إسلاميين وسلفيين لم تصنف كتنظيم إرهابي، وهناك تعلم كيف يفكك وينظف ويجمع بندقية الكلاشينكوف، لكنه طول الأيام التي قضاها في سوريا لم يقاتل.

وبعد خمسة أيام فقط، اكتشف أن الانضمام إلى الثورة السورية ليس على الصورة الرومانسية التي كانت في خياله قبل الانضمام لتحرير المقهورين.

وقال الشاب الكوسوفي: "لم يكن بإمكاني أن أكذب على نفسي مثلما فعل آخرون قالوا إنهم أرادوا فقط تقديم المساعدات الإنسانية".

وأضاف: "اعتقدت أنني بمجرد الانتهاء من تدريبي سوف أنزل ميدان القتال على الفور، لكن ما لم أفكر فيه على الإطلاق هو أن أكون عضوا في جماعة إرهابية".

وبالنسبة لألبرت، الذي تربى في كوسوفو التي شهدت حربا مع صربيا استمرت لعامين أثناء طفولته، لم تكن فكرة حمل السلاح من أجل قضية غريبة عليه.

ونستطيع أن نلمس من روايته أنه توجه إلى سوريا ليس كمتطرف، بل كان ساذجا يستمد معلوماته عن سوريا من مقاطع الفيديو المنشورة على الإنترنت.

واستمر ألبرت في رواية تجربته، قائلا: "كنت أتصور أن معارضة الأسد لا تحتوي على عناصر من ذوي الخلفيات الإجرامية على مستوى القيادات، واعتقدت أنهم مجرد عناصر لديهم نوايا حسنة لمساعدة الناس فحسب".

لكنه اكتشف أن الوضع في سوريا عبارة عن مشاحنات مستمرة بين فصائل إسلامية مختلفة تتسم بقدر كبير من القسوة ضررهم على المدنيين السوريين أكثر من نفعهم. ساعتها قرر أن يشرح لقائد الوحدة التي تبعها في صفوف أحرار الشام أنه لا يصلح لدور مهم، ما أدى إلى فصله من التنظيم المسلح ليعود إلى كوسوفو بعد أسبوعين تغيب خلالهما عن أمه التي لم تكن تعلم أنه في سوريا.

لكنها علمت بعد أن ألقت السلطات القبض على ابنها ذات صباح من منزله في كوسوفو سنة 2014 ووجهت إليه تهمة الانضمام إلى تنظيم إرهابي عام 2014، وحكم عليه بالسجن لثلاث سنوات ونصف، وهو الحكم الذي يستأنفه أمام المحاكم في الوقت الحالي وحال رفض الاستئناف سوف يودع خلف القضبان.

ونظرا للعدد الكبير الذي توجه من كوسوفو إلى سوريا للمشاركة في صفوف معارضة بشار الأسد، تُعرف هذه الدولة بأنها "العاصمة الأوروبية للجهاد"، مع تحول "الجهاد" وشؤونه في كوسوفو إلى أحد أكثر القضايا حساسية. كما يرفض المسؤولون هناك التطرق إلى الحديث عن الإرهاب و"الجهاديين" مكتفين بتعليق موحد على أي أسئلة بهذا الشأن تشير إلى أن الحديث عن هذه القضية ما هو إلا "دعاية روسية صربية" موجهة ضد كوسوفو.

وفي ضوء زحف "دولة الخلافة" التي أعلن تأسيسها تنظيم الدولة إلى مناطق عدة في الشرق الأوسط، يظهر على السطح سؤال ملح عن مصير المقاتلين الذين بدأوا في التخلي عن المشاركة في هذه الحرب والعودة إلى ديارهم. وقال راموش هارديناج، رئيس وزراء كوسوفو، إنه على استعداد لاستقبال المقاتلين العائدين من سوريا العراق، وهي التصريحات التي خالفت التوجه السائد لدى بعض الدول، مثل بريطانيا، التي تنزع الجنسية عن "الجهاديين" البريطانيين.

وأسس ألبرت وصديقه آربر جمعية أطلقوا عليها اسم "مؤسسة الأمن، والتكامل، ومكافحة التطرف"، آملين أن ينجحا في إثناء الناس عن السفر للقتال في سوريا والعراق، علاوة على التصدي للخطاب الجهادي على مواقع التواصل الاجتماعي. كما يقدمان الدعم للمقاتلين العائدين من مناطق الصراع في الشرق الأوسط لمساعدتهم على الاستمرار في المسار الصحيح.

مع ذلك، لا تزال بعض الشكوك تحاصر الصديقين، منها شكوك حيال رغبة العائدين من صفوف "الجهاديين" في الشرق الأوسط في التخلي عن الفكر المتطرف.

وقال الشاب الكوسوفي: "عندما كنت يافعًا كان الجميع يتوقعون أن يكون لي شأن في عالم السياسة، لكن أول ظهور في وسائل الإعلام كان كمشتبه به في ممارسة أعمال إرهابية."

ويبدو أن قصة هذا الشاب كانت كما وصفها "لا يمكن تصديقها". لكن بغض النظر عما حدث له في سوريا في 2013، لا يمكن أن نتصور أن يحمل سلاحًا ويقاتل في صفوف تنظيم إرهابي موالٍ للقاعدة أو تنظيم الدولة.

هذا المحتوى من

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان