"انقلاب الحلفاء".. الواشنطن بوست: حرب اليمن تخرج عن سيطرة السعودية والإمارات
كتبت- رنا أسامة:
أبرزت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، الأوضاع في اليمن في ظل المعارك الدامية التي تشهدها مدينة عدن بين قوات الحكومة والانفصاليين الجنوبيين، قائلة إن "الحرب في اليمن بدأت تخرج عن السيطرة مع انقلاب الحلفاء على بعضهم"، في إشارة إلى المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة.
وتُعد السعودية الداعم الرئيسي للقوات الموالية للرئيس اليمني عبدربه منصور هادي. أما الإمارات فتدعم الانفصاليين الجنوبيين وتُدربهم على العمل في مواجهة الحوثيين المُسيطرين على العاصمة اليمنية صنعاء، وجزء كبير من الشمال.
ونقلت الصحيفة عن مُحللين يمنيين وغربيين، قولهم إن "القتال الذي اندلع في مدينة عدن، جنوبي اليمن، على مدى الأسبوع الماضي، يكشف عن مظالم تاريخية تسوق الحرب في اليمن، ويمكن أن تُشكّل عقبات خطيرة أمام إنهاء النزاع".
وعلى مدى عدة أيام، اشتبك الانفصاليون الجنوبيون مع شركائهم المخلصين -القوات الموالية للرئيس المخلوع عبدربه منصور هادي- وحاصروا عدن لفترة قصيرة. وينتمي الجانبان إلى التحالف العسكري الذي تقوده السعودية ويضم الإمارات، لمواجهة المتمردين الحوثيين -المدعومين من إيران- فى محاولة لإعادة هادى إلى السلطة.
وبحسب الصحيفة، كشفت المعاراك في عدن هشاشة هذا التحالف، وسلّطت الضوء على الأجندات المُتباينة لكلٍ من السعودية والإمارات.
وأشارت إلى أنه بعد يوم من استيلاء الانفصاليين الجنوبيين على القصر الرئاسي في عدن، أرسلت السعودية والإمارات مبعوثين لنزع فتيل العداء ووضع حد لوقف إطلاق النار.
وسعى الانفصاليون، المعروفون باسم (المجلس الانتقالى الجنوبى)، منذ فترة طويلة إلى استعادة دولة جنوب اليمن المستقلة التى قامت قبل توحيد اليمن عام 1990. وكانوا يشكون فى الحكومة المركزية، التى تتخذ من الشمال مقرًا لها في العاصمة اليمنية صنعاء برئاسة هادي، متهمًا إياها بالفساد وتقويض الجنوب.
وتربط الإمارات علاقات وثيقة مع رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي، هاني بن بريك، الذي يدين له بالولاء كثير من القوات التي تُسيطر الآن على عدن.
يقول أبريل لونجلي ألي، محلل يمني بارز لدى مجموعة الأزمات الدولية، إن "رواية (حكومة شرعية تقاتل الحوثيين المدعومين من إيران) تحجب الواقع المحلي المعقد الذي يؤكد وجود انقسامات تاريخية، وتعوق الجهود الرامية إلى تحقيق السلام".
وقُتِل 38 شخصًا على الأقل في الاشتباكات في عدن منذ يوم الأحد، وأصيب 222 شخصا آخر بجروح، بحسب ما ذكرته منظمة الصليب الأحمر الدولية. ليرتفع بذلك حصيلة ضحايا الحرب إلى أكثر من 10 آلاف شخص، معظم من المدنيين، سقطوا جراء غارات التحالف.
واندلعت الحرب في اليمن بعدما زحف الحوثيون على العاصمة صنعاء في أواخر 2014، فسيطروا عليها، ودفعوا بحكومة هادي- المُعترف بها دوليًا- إلى الهروب جنوبًا. وبعدها تدخل التحالف العسكري بقيادة السعودية في اليمن بهدف "إعادة حكومة منصور هادي إلى السلطة".
ووفقًا لإحصائيات الأمم المتحدة، قُتل أكثر من 8670 شخصًا، 60 في المئة منهم من المدنيين، وأصيب 49 ألفا و960 شخصا في غارات جوية واشتباكات على الأرض منذ تدخل التحالف في الحرب الأهلية باليمن.
وتُشير الصحيفة إلى أن الكثير من الجنوبيين كانوا يتوقعون من حكومة هادي تحسين حياتهم. لكن على مدى الأعوام الثلاثة الماضية، كافح هادي لممارسة سلطته السياسية دون السعي لتغيير أوضاعهم. "لقد أجرى القليل جدًا لتحقيق الاستقرار وتحسين الأوضاع، وبات اليمنيون يشعرون بالإحباط على نحو متزايد"، حسبما يقول جيرالد فيرستين، السفير الأمريكي السابق لدى اليمن.
وفي خِضم الانقسامات التي تشوب التحالف، يرى فيرستين أن "هناك قضايا حقيقية تُثار حول جدوى أو مصداقية حكومة هادي، وما إذا كانت فعلًا تمثل الجانب الآخر من طاولة المفاوضات".
ويُضيف "هذه القضايا ستجعل عملية إعادة بناء اليمن صعبة. وعلى المدى القريب، يُمكنها أن تُعقّد الجهود الرامية لإحياء العملية السياسية".
وبرغم التوترات الجارية في اليمن، استبعدت الصحيفة أن تدع السعودية والإمارات اليمن وشأنها، انطلاقًا من اعتقادهما أن "الحوثيين وإيران يشكلان تهديدًا وجوديًا للمنطقة".
وفي عدن، تلفت الصحيفة إلى أن العديد من اليمنيين ينظرون إلى الوجود الإماراتي المُتنامي باعتباره مُثيرًا للقلق، وسط مخاوف من أن تتمكن أبوظبي من تحقيق مكاسب اقتصادية من خلال السيطرة على موانيء اليمن، لاسيّما ميناء عدن، حيث تقع بجانب ممرات الشحن الرئيسية.
وفي هذا الصدد، يقول الصحفي اليمني حسن الجلال للواشنطن بوست، إن "الإمارات لديها طموحات في الجنوب، ومن أهم طموحاتها ميناء عدن"، مُضيفًا أن "دعمها الحركة الجنوبية يُظهر هذا الطموح".
في المقابل، يرى هشام الغنام، الباحث السعودي في جامعة إكستر البريطانية، أن "حكومة اليمن المنفية تتشاطر بعض اللوم على العنف في عدن، وينبغي أن تقدّم استقالتها إذا كانت غير قادرة على إدارة المعركة ضد الحوثيين، وتقديم الخدمات للمواطنين في الوقت ذاته".
وتابع أن "السلطات تلقت مليارات عدة من الدولارات كمساعدات من التحالف الذي تقوده السعودية.. أين ذهبت الأموال؟"، مُضيفًا أن "التحالف كان بحاجة لأن يضغط أكثر على الحكومة لتنفيذ وعودها للشعب".
أما بالنسبة إلى الجنوبيين وآمالهم في الانفصال، فيقول الغنام إن "عليهم الانتظار حتى تصبح الأمور واضحة"، كاشفًا أنه "بالرغم من المقاربة المتعارضة بينهما حيال الجنوب، فإن الإمارات والسعودية اتفقتا على ضرورة القضاء على أيّ تحركات نحو الانفصال".
وأضاف الغنام: "لا يمكنك بدء حرب أخرى في الجنوب. إن هذا الأمر سيُناقض التحالف العربي". واختتم خاتما بالقول إنه "من خلال اللجوء إلى العنف، كانت القوات الموالية للانفصال، عن علم أو بدون علم، تخدم الحوثيين".
فيديو قد يعجبك: