15 يومًا على "غُصن الزيتون" التركي.. 900 قتيل وأنقرة توسع القتال
كتبت – إيمان محمود:
مرّ أكثر من أسبوعين على إطلاق تركيا عمليتها العسكرية ضد الأكراد في منطقة عفرين الحدودية السورية، ورغم الاعتراضات الدولية الواسعة إلا أن أنقرت أكدت استمرار عمليتها التي أسمتها "غصن الزيتون" وتوسيع نطاقها لتصل إلى مدينة منبج، وحتى شرق نهر الفرات.
في 20 يناير المُنصرم، أطلقت تركيا بالتحالف مع فصائل تدعمها من المعارضة السورية على رأسها الجيش السوري الحر، عملية أسمتها "غصن الزيتون" في منطقة عفرين، لمحاربة وحدات حماية الشعب الكردية التابع لحزب العمال الكردستاني الذي تدرجه تركيا على لائحة التنظيمات الإرهابية، وتحول دون تمدده على الحدود التركية-السورية.
وتزعم تركيا أن تدخلها في سوريا حق ودفاع عن النفس، من أجل تأمين حدودها، وترى أن هذا التدخل يتماشى مع قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بحسب تصريحات مسؤوليها.
واستطاعت فصائل المعارضة السورية –بدعم عسكري تركي- التقدم والسيطرة على عشرات النقاط من محاور مختلفة ومناطق استراتيجية هامة في محيط عفرين الواقعة بمحافظة حلب، خلال الأسبوعين الماضيين.
وتقول أنقرة إنه تم إحراز تقدم كبير على مدار 15 يومًا مع مقتل 900 مقاتل من وحدات حماية الشعب الكردية حتى الآن، رغم أنه لا يمكن التحقق من هذه الأرقام.
حملة اعتقالات
بعد أن تسببت الحملة العسكرية التركية على عفرين بمقتل عشرات المدنيين ونزوح المئات، أثارت العملية غضب بعض الأتراك الذين طالبوا بوقف التدخل التركي في سوريا، إلا أن السلطات التركية ردت عليهم بشنّ حملة اعتقالات ضدهم.
وأعلنت وزارة الداخلية التركية، اليوم الاثنين، اعتقال 573 شخصًا لمعارضتهم عملية "غصن الزيتون".
وقالت وزارة الداخلية التركية في بيان لها، إنه "جرى اعتقال 449 شخصًا لنشر دعاية إرهابية منذ بدء عملية غصن الزيتون، و124 آخرين لمشاركتهم في مظاهرات احتجاجية في تركيا"، على حد تعبيرها.
تهديد تركي
لم تتوقف أنقرة بعد الانتقادات الداخلية والخارجية لعمليتها، وهددت، الأحد، بتوسيع عمليتها العسكرية ضد القوات الكردية لتشمل إلى مدينة منبج، وحتى شرق الفرات، وبررت تهديدها بمقتل 8 جنود الأتراك على أيدي القوات الكردية.
وقال نائب رئيس الحكومة بكري بوزداج لشبكة التلفزيون "سي ان ان-ترك" إنه إذا لم تنسحب وحدات حماية الشعب الكردية من منبج فسنذهب إلى منبج، سنتحرك شرق الفرات.
وحذّرت أنقرة العسكريين الأميركيين من احتمال استهدافهم إذا قاتلوا بـ"بِدَل الأعداء" في إشارة إلى الزي العسكري لوحدات حماية الشعب الكردي، حسب تعبيرها.
وأكد نائب رئيس الحكومة "لا نريد أي مواجهة مع الولايات المتحدة في منبج ولا في شرق الفرات ولا في أي مكان آخر".
واستطرد: "لكن الولايات المتحدة يجب أن تتفهم حساسيات تركيا. إذا ارتدى جنود أميركيون بدلة الإرهابيين أو كانوا بينهم في حال حدوث هجوم ضد الجيش، فلن تكون أي فرصة للتمييز" بينهم وبين المقاتلين الأكراد".
وتواجه أي عملية تركية محتملة في منبج مخاوف أمريكية شديدة، عبر عنها مسؤولون أميركيون عدة مرات، حيث يوجد عدد من الجنود الأميركيين في المدينة وحولها، في حين لا يوجد قوات أمريكية في منطقة عفرين وما حولها.
وجرى نشر القوات الأمريكية في منبج، في مارس 2017 لمنع القوات التركية والمعارضة المسلحة المدعومة من الولايات المتحدة من مهاجمة بعضها البعض. كما تنفذ تلك القوات أيضا مهام تدريب ومشورة في منبج.
ورغم أن أغلب القتال ضد داعش، انتقل إلى الجيوب الصغيرة في تلك المنطقة من سوريا، إلا أن الولايات المتحدة ستظل بحاجة إلى وحدات حماية الشعب للسيطرة على الأرض لضمان عدم عودة التنظيم المتشدد إلى الظهور مرة أخرى، بحسب ما أعلن عنه مسؤولون في وزارة الدفاع الأمريكية "بنتاجون".
مواقف دولية
لم تكن الولايات المتحدة فقط الرافضة للعملية العسكرية التركية على عفرين، فقد لاقت "غصن الزيتون" استنكار دول أخرى، على رأسها فرنسا وألمانيا وإيران، الذين طلبوا من تركيا بشكل صريح وقف العملية العسكرية مُحذرين من تبعاتها.
ففرنسا وعلى لسان رئيسها، وصفت الحملة العسكرية التركية شمالي سوريا، بالاحتلال، مشيرة إلى أن هدف العمليات يجب أن يبقى في إطار الحرب على الإرهاب. الانتقادات الفرنسية سبقتها أخرى ألمانية، طالبت بوقف فوري للعملية العسكرية في عفرين، تزامنًا مع تجميدها صفقات تصدير أسلحة المانية لتركيا.
أما موقف حلف شمال الأطلسي جاء مغايرا، إذ اعتبر الهجوم التركي ضد المسلحين الأكراد دفاعًا عن النفس، وهو موقف صدر قبل اجتماع مزمع للحلف دعت له برلين قبل أيام.
يضاف إلى ذلك موقف إيران التي طلبت من تركيا، اليوم الاثنين، وقف عمليتها العسكرية في عفرين، على لسان المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، بهرام قاسمي.
وقال قاسمي "على الحكومة التركية مراجعة تدخلها في سوريا، وأن تقوم بمتابعة كل ما يتعلق بسوريا عبر عملية أستانة". وأضاف "استمرار هذه الوتيرة من شأنه أن يؤدي إلى عودة عدم الاستقرار والإرهابيين إلى سوريا”، مشيرًا إلى أن التشاور بين إيران وروسيا وتركيا حول سوريا مستمر.
أما روسيا فقد اتخذت موقفًا مُبهما، إذ انتقدت مقتل مدنيين في عفرين، وفي الوقت ذاته سحبت قواتها من المدينة قبل بدء الحملة العسكرية في إشارة إلى ضوء أخضر صريح منحته لأنقرة، التي أكدت مرارًا أن العملية جاءت بعد موافقة من روسيا والرئيس السوري بشار الأسد.
فيديو قد يعجبك: