إعلان

الشرق الأوسط وأوروبا في ولاية ميركل الرابعة.. هل من جديد؟

10:05 ص الخميس 15 مارس 2018

ميركل

برلين (دويتشه فيله)

بعد صبر وحنكة وتنازلات للشريك في الائتلاف الكبير، نجحت ميركل في الظفر بولاية رابعة. ولكن يبقى السؤال: ما أهم ملامح السياسة الخارجية لألمانيا تجاه الاتحاد الأوروبي وروسيا والشرق الأوسط؟ وهل ميركل اليوم هي ميركل الأمس؟

وأخيراً تم المراد وأدت أنجيلا ميركل اليوم الأربعاء (14 مارس 2018) اليمين الدستورية في البرلمان الألماني "بوندستاج" كمستشارة اتحادية لفترة ولاية رابعة.

وانتخبت ميركل، (63 عاماً)، مستشارة اليوم بحصولها على 364 صوتاً من إجمالي 688 من أصوات نواب البرلمان، أي بزيادة تسعة أصوات فقط عن الأغلبية المطلوبة وهي 355 صوتاً مما يعني أن الكثير من نواب الكتلتين البرلمانيتين للتحالف المسيحي والحزب الاشتراكي الديمقراطي، طرفي الائتلاف الحكومي، لم ينتخبوا ميركل حيث تمتلك الكتلتان 399 مقعداً في البرلمان.

حكومة جديدة وليست بـ"جديدة"

ولدت حكومة ميركل الرابعة بعد مخاض عسير استمر ستة أشهر؛ إذ فشلت محادثات تشكيل حكومة مع حزب الخضر والحزب الديمقراطي الحر (الليبرالي) في المحاولة الأولى. وبعد ذلك عادت ميركل للتفاوض مع شريكها السابق في الحكم، الحزب الاشتراكي الديمقراطي، على تشكيل ائتلاف حكومي جديد. وبعد مفاوضات ماراثونية أحيطت بسرية نجحت ميركل في مسعاها، ولكن ليس دون التخلي لشريكها عن حقائب مهمة وفي مقدمتها المالية.

ومن هنا يرى مراقبون أن هذه الولاية ستكون الأخيرة لميركل، هذا فيما ذهب البعض الآخر إلى التكهن بانتهاء ولايتها قبل الأوان بعد المعارضة التي واجهتها داخل حزبها المحافظ. أما الحزب الاشتراكي الديموقراطي فقد قرر إجراء مراجعة مرحلية لأداء التحالف خلال 18 شهراً. وقال أحد المقربين من ميركل لوكالة فرانس برس طالبا عدم كشف هويته "من الممكن جداً ألا يصمد هذا التحالف أربع سنوات".

من حيث المبدأ، يعتقد المحلل السياسي اليمني المقيم في برلين علي العبسي أن السياسة الخارجية الألمانية لن تشهد تغيراً كبيراً في ولاية ميركل الجديدة، وذلك لسبب بسيط: "قطبا الائتلاف الحكومي اليوم في ظل ولاية ميركل الرابعة هما التحالف المسيحي والحزب الاشتراكي الديمقراطي، أي كما كانت عليه الحال في الولاية الثالثة". ويضيف العبسي لـDW عربية أن هذا الحكومة "ليست جديدة، وليست جديدة بالمطلق".

"إحياء" أوروبا كفكرة

في ظل ارتدادات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وانطواء بعض دول الاتحاد الأوروبي على نفسها والشعبية المناهضة للاتحاد من قبل الأحزاب اليمينية والشعبوية، تأمل أوروبا في أن تستعيد السياسة الخارجية الألمانية عافيتها ورشاقتها بسرعة. ويقول المحلل السياسي جوزيف ياننغ من "المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية" في حديث مع DW إنه "يتعين على ميركل في ولايتها الجديد إثبات أنها باستطاعتها إحياء أوروبا كفكرة"، مضيفاً أنها "جادة" في محاولتها.

ويحتل إصلاح الاتحاد الأوروبي أولوية في برنامج عمل الحكومة الألمانية الجديدة. وقد وعدت ميركل، التي يقف إلى جانبها وزير الخارجية الاشتراكي الديموقراطي هايكو ماس، بالإسراع في أن تعيد لألمانيا "صوتها القوي" في أوروبا.

وبدوره، يعتبر العبسي أن ميركل لديها فرصة كبيرة لتطوير الاتحاد الأوروبي بالتعاون مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. وفي تبرير رأيه يقول العبسي: "أولاً، لأن ميركل نفسها تمتلك هذه الرؤية ولديها شريك قوي هي فرنسا. ثانياً، الشريك في الائتلاف الحكومي، الحزب الاشتراكي الديمقراطي، يمتلك تلك الرؤية، وإلى حد كبير يتبنى أطروحات ماكرون. على سبيل المثال فيما يخص وجود ميزانية موحدة للاتحاد الأوروبي".

وفي أول زيارة خارجية لها في ولايتها الرابعة، تتوجه ميركل إلى باريس لإجراء محادثات مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بشأن اقتراحاته لإصلاح الاتحاد الأوروبي وخصوصاً إقرار ميزانية لمنطقة اليورو الأمر الذي تنظر إليه برلين بفتور. ومن المتوقع أن تحدث الزيارة بعد غد الجمعة.

وليس سراً أن الشريك في الائتلاف الحكومي، الحزب الاشتراكي الديمقراطي، من أكبر الداعمين للاتحاد وخصوصاً أن رئيسة السابق شغل منصب رئيس البرلمان الأوروبي.

وجه جديد لسياسة قديمة

منذ الانتخابات التشريعية في سبتمبر الماضي انشغلت ألمانيا بنفسها داخلياً، ما أدى إلى انكفاء دورها بعض الشيء خارجياً وذهب بعض المحللون إلى القول إنها فقدت الرؤية الواضحة تجاه عدة ملفات في المنطقة العربية. ويذهب علي العبسي إلى أن ألمانيا ستستعيد حيوتها السابقة في المنطقة، مضيفاً أنه لن يطرأ "أي تغير" على السياسة الخارجية الألمانية تجاه العالم العربي.

العبسي يرى أن التغيير الوحيد هو "طريقة التعبير عنها". ويضيف الباحث اليمني أن "وزير الخارجية الجديد، هايكو ماس، هو شخص أكثر هدوء بالمقارنة مع سلفه زيغمار غابرييل، الذي اتسمت بعض تصريحاته بالحدية وأثارت الكثير من الجدل".

ويلخص العبسي السياسة الخارجية لبرلين في الشرق الأوسط بأنها تقوم على "عدم التدخل ومحاولة حل المشاكل بالطرق الدبلوماسية". ويستشهد هنا بدور ألمانيا في الوساطة بين حزب الله وإسرائيل في الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي وفي الأزمة اليمنية، على الرغم من أن ذلك لا يظهر في الإعلام، على حد قوله.

ويرى العبسي أن العالم العربي "يتقبل" الدور الألماني بشكل كبير. "بعكس الدول الكبرى الأخرى، ألمانيا لم تتدخل عسكرياً في المنطقة وليس لها تاريخ استعماري ولا مصالح ذاتية"، يضيف العبسي. ومن هنا تأتي "مصداقية وحياد" ألمانيا عندما تطرح نفسها كوسيط. وفي ما يخص الملف السوري تحديداً، يعتقد العبسي أن الدور الألماني أكثر "تمايزاً" عن نظيريه الفرنسي والبريطاني وأقل "حدية".

بوتين أول المهنئين

ومن جانبه، هنأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل بإعادة انتخابها كمستشارة لفترة ولاية رابعة وأعرب عن أمله في تعاون جيد بين كلا البلدين، مشدداً على أنه يتعين على موسكو وبرلين التعاون بشكل بناء في القضايا الدولية الحالية، وذلك بدون ذكر النزاع في شرق أوكرانيا بشكل مباشر. يشار إلى أن ألمانيا تقوم بدور مهم كوسيط في تنفيذ خطة مينسك للسلام في منطقة شرق أوكرانيا التي تشهد نزاعات منذ أعوام بين قوات الحكومة الأوكرانية والانفصاليين الموالين لروسيا.

ويجزم المحلل السياسي اليمني علي العبسي أن "ألمانيا لا ترحب كثيراً بمسألة عزل روسيا عن أوروبا"، مردفاً أن سياستها تجاه روسيا ستكون أكثر نشاطاً وسعياً لحلحلة المشاكل العالقة؛ إذ أن مصالح عدة تجمع بين البلدين كالتعاون في مجال الغاز. غير أن العبسي يعود ويستدرك: "لكن في نفس الوقت لا تقبل برلين سلوك موسكو في شرق أوروبا كأوكرانيا ودعمها للأنظمة الديكتاتورية كما في سوريا على سبيل المثال".

 

هذا المحتوى من

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان