سبع سنوات على الثورة السورية.. هُدن لم تحسم القتال
كتبت - إيمان محمود:
سبع سنوات مرّت على اندلاع ثورة سوريا التي تحولت إلى حرب أهلية، قُتل على إثرها آلاف السوريين وشُرّد مئات الآلاف داخل وخارج أوطانهم، ليحاول المجتمع الدولي وقف نزيف الدم السوري عن طريق فرض هُدن في المناطق الأكثر اشتعالاً.
لم تفلح الهُدن في أداء مهامها الأساسية في وقف القتال وإسعاف المدنيين الذين باتوا يعانون القصف والدمار، لكنها ظلت على مدار أعوام الوسيلة الوحيدة لمحاولة إدخال المساعدات الإنسانية ومحاولة إخراج المدنيين من بين فكي القتال إلى مناطق أكثر أمنًا.
وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن العدد الإجمالي للقتلى تجاوز 354 ألف قتيل، من بينهم 106 ألف و390 مدني، بالإضافة إلى أن أكثر من 50 بالمئة من السكان شُردوا قسرًا، كما يعاني 6.5 مليون شخص انعدام الأمن الغذائي.
هُدن مؤقتة
في البداية؛ وُقّعت العديد من اتفاقات الهدنة بين النظام والمعارضة أبرمت على نحو متقطع في عدد من المناطق السورية لإفساح المجال أمام نقل المواد الغذائية والطبية إلى السكان المُحاصرين.
من أبرزها هدنة حُمص، التي تم توقيعها في فبراير 2014، شملت الأحياء الخاضعة لسيطرة المعارضة في حُمص القديمة، بهدف إجلاء عشرات الأشخاص المحاصرين طوال اكثر من 600 يوم في ظروف مروعة.
اتفاق حُمص الذي أبرم برعاية الأمم المتحدة بعد مفاوضات استغرقت أشهرًا، نص على وقف لإطلاق النار لإجلاء النساء والأطفال والمسنين الذين يرغبون في الخروج وإرسال مساعدات عاجلة إلى الآخرين.
لكن الهدنة فشلت الهدنة وسط تبادل الاتهامات بين الطرفين بالمسؤولية عن خرقها.
أما ريف حماة الذي لم يختلف الحال فيه كثيرًا عن حُمص، فقد وقعت فيه هدنًا موقتة، وتحديدًا في بلدتي قلعة المضيق في الريف الشمالي الغربي وكفر نبودة، إلا أنها ما لبثت أن خرقت بالقصف والعمليات العسكرية من الطرفين.
وفي أبريل من العام 2014، عقد مقاتلو الجيش السوري الحر وقوات النظام هدنة في مدينة الزبداني الواقعة بين دمشق والحدود اللبنانية لتجنيبها اقتحام القوات النظامية وقوات حزب الله الإيرانية التي تقاتل إلى جانب الرئيس السوري بشار الأسد.
وكان المجلس المحلي في الزبداني أعلن هدنة لستة أيام قابلة للتمديد بين الجيش الحر وقوات النظام في إطار السعي إلى مصالحة تشمل المدينة بأكملها.
وبعد أن هددت قوات النظام بالحسم عسكري في المدينة، قام وجهاء الزبداني بالتوسّط بين الجانبين لتجنب اقتحامها.
وفي أغسطس من العام 2015، دخل اتفاق هدنة لمدة 72 ساعة حيز التنفيذ في الزبداني، وفي بلدتي الفوعة وكفريا شمال غربي سوريا، واللتين كانت تحاصرهما الفصائل المنضوية في جيش الفتح وبينها جبهة النصرة، قبل أن تلقى تلك الهدنة أيضًا مصيرها بالفشل كسابقيها.
أول هدنة شاملة
في 27 فبراير من العام 2016، الذي تزامن مع عيد الفطر المبارك، تم الاتفاق على تطبيق أول هُدنة من نوعها في سوريا، إذ شملت كافة الأراضي السورية.
وتوسطت الأمم المتحدة عن طريق أمينها العام آنذاك بان كي مون، لاتفاق الهُدنة الذي وصفه بأنه "بارقة أمل" على طريق حل الأزمة السورية.
كما صدر بيان مشترك من الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا بصفتهما المشاركين الرئيسين للمجموعة الدولية لدعم سوريا.
ونص الاتفاق على ألا تشمل الهُدنة تنظيم داعش وجبهة النصرة الإرهابيين، ما اعتبرته المعارضة آنذاك ثغرة كبيرة تتمثل في السماح باستمرار الهجمات، لكن تلك الهدنة أيضًا لم تسلم من خروقات الجانبين حتى انتهت.
هدنة الجنوب
في السابع من يوليو عام 2017، جرى اتفاقا للمرة الأولى بين روسيا وأمريكا بالإضافة إلى الأردن لتطبيق هدنة في الجنوب السوري، والذي جاء بعد أيام من اتفاق مناطق خفض التصعيد الذي نتج عن الجولة الرابعة لمحادثات أستانة.
يعتبر اتفاق وقف إطلاق النار منفصلا عن اتفاق "مناطق وقف التصعيد"، حيث تم تحديد محافظة إدلب، وشمال حُمص "أجزاء من اللاذقية وحلب وحماة"، والغوطة الشرقية في دمشق، وجنوب سوريا "درعا والقنيطرة".
لكن التطبيق الفعلي للاتفاق جاء في مناطق الجنوب السوري في السويداء والقنيطرة ودرعا التي كانت من أكثر المناطق سخونة في الجنوب السوري بعد اشتباكات دامت لأيام بين المعارضة السورية وقوات النظام قُبيل تطبيق الهدنة.
نص الاتفاق على نشر قوات شرطة عسكرية روسية في مناطق وقف إطلاق النار في المحافظات الثلاث الموجودة في الاتفاق، للإشراف على وقف إطلاق النار وتنفيذ الهدنة.
كما نص الاتفاق على انسحاب عناصر قوات النظام والمسلحين الموالين لها وانسحاب الفصائل المقاتلة والإسلامية من خطوط التماس، وتجهيز البنى التحتية لعودة اللاجئين السوريين تباعاً من الأردن.، لكن الهُدنة لم تنجح في تحقيق أهدافها.
هدنة الغوطة
كان اتفاق وقف إطلاق النار في غوطة دمشق الشرقية، في 20 يوليو 2017، هو الاتفاق الأول الذي ترعاه مصر في سوريا، حيث توسط تيار الغد السوري ليجمع أطرافًا من المعارضة السورية في هذه المنطقة ووفد من وزارة الدفاع الروسية، ليتم توقيع الاتفاق بعد مفاوضات استمرت ثلاثة أيام في القاهرة.
تعتبر المعارضة السورية مصر، وسيطًا نزيهًا في الأزمة، لعدم مشاركتها نهائيًا في سفك الدماء، ما يجعل لها دورًا كبيرًا في هذه المرحلة ودورًا أكبر في المراحل القادمة.
نص الاتفاق على وقف كامل للقتال وإطلاق النار من جميع الأطراف، وعدم دخول أي قوات عسكرية تابعة للنظام السوري أو قوات حليفة له إلى الغوطة الشرقية.
كما نص على فتح معبر مخيم الوافدين من أجل عبور المساعدات الإنسانية، والبضائع التجارية، وتنقل المواطنين بشكل عادي.
ورغم أن الاتفاق ينص على أن تكرار الخرق من أي طرف أو محاولة التقدم باتجاه الطرف الآخر سيؤدي إلى اعتبار هذه الاتفاقية "ملغاة"، إلا أنها تعتبر من أكثر الهدن التي تم خرقها منذ الساعات الأولى من بدء تطبيقها.
هدنة حُمص
بعد أقل من أسبوعين من تطبيق هدنة غوطة دمشق الشرقية، انضم ريف حُمص، إلى مناطق وقف التصعيد، حيث بدأت تفعيل الهدنة في 84 تجمعًا سكنيًا شمالي حُمص، يقطنها نحو 140 ألف شخص.
جاءت تلك الهدنة شبيهة لهدنة الغوطة، إذ تم الاتفاق بوساطة تيار الغد السوري بين الطرف الروسي والنظام وبين فصائل المعارضة السورية المسلحة، والذي تم توقيعه أيضًا في القاهرة برعاية مصرية.
تضمن الاتفاق في ريف حُمص الشمالي الإفراج عن معتقلي جميع الأطراف بإشراف وتنفيذ روسي، ونشر قوات مراقبة يشكلها عناصر من جمهورية الشيشان التابعة لروسيا، بالإضافة إلى إدخال الأغذية والمحروقات والبضائع ومواد البناء.
كما أنه لا يشمل أيضًا مسلحي تنظيمي داعش وجبهة النصرة، وتلتزم المعارضة عدم وجود أي من عناصر جبهة النصرة في المناطق الخاضعة لسيطرتها في ريف حُمص، واتخاذ كافة الإجراءات الفعلية لمنع عودتهم أو ظهورهم فيها.
ويتم بموجب القرار إدخال المواد اللازمة لإعادة إعمار البنية التحتية المدمرة وفقاً لطلب المعارضة ويتم تحديد قائمة بالمواد بموجب محضر مفصل وعندئذ تقوم قوات مراقبة تخفيف التصعيد بتفتيش كافة قوافل الإغاثة الإنسانية قبل دخولها إلى منطقة تخفيف التصعيد في ريف حُمص.
هدنة ريف حُمص، شهدت عددًا قليلاً من الخروقات منذ تطبيقها في الثالث من أغسطس عام 2017.
هدنة الـ30 يوم
تُعتبر الهُدنة الثانية التي يتم فرضها في كافة أنحاء سوريا، بعد أن صوّت أعضاء مجلس الأمن الدولي بالإجماع، في فبراير الماضي، لصالح مشروع قرار بشأن فرض الهدنة لمدة 30 يومًا، على أن تنتهي في 24 مارس الجاري.
وتضمن قرار مجلس الأمن الدولي، الدعوة لوقف إطلاق النار الفوري في الأراضي السورية، ومطالبة جميع الأطراف بتسهيل العمل الإنساني ورفع الحصار عن جميع المناطق وفتح ممرات لإيصال المساعدات.
وكالعادة، استثنى القرار جبهة النصرة وتنظيم داعش الإرهابيين والفصائل المرتبطة بهما من تلك الهُدنة، لكن الوضع لم يتغير كثيرًا منذ تطبيقها، إذ استمر القتال الدائر في سوريا والقصف التركي على منطقة عفرين الحدودية الواقعة شمالي سوريا، كما ظلت الغوطة الشرقية تعاني القصف والحصار مع خروج عدد قليل من المدنيين بمساعدة روسيا.
فيديو قد يعجبك: