إعلان

600 يوم في تحدي ولاية الرجل في السعودية

08:57 م الجمعة 02 مارس 2018

(بي بي سي)

تقول ولاء، الشابة السعودية ذات الـ 34 عاما التي تعرف عن نفسها كناشطة وحقوقية، إن عمر ما يسمى بنظام الولاية المتبع في السعودية هو تقريبا من عمرها.

 

في عام 2016، وتحديدا قبل 604 أيام استلمت ولاء سعيد آل شبر من إحدى صديقاتها رابطا على تويتر عن حملة أطلقت في السعودية اسمها "أنا ولية أمري"، ومنذ ذلك التاريخ انشغلت ولاء بهذه الحملة حتى عن مشاكلها الحياتية، كما تقول.

تعرفت الناشطات السعوديات على بعضهن عبر مواقع التواصل الاجتماعي، واللافت أن كثيرات منهن يستخدمن أسماءهن الحقيقية على تويتر رغم أن تعليقاتهن صريحة وتتعرض لانتقاد من قبل كثير من السعوديين.

تعلق ولاء على ذلك: "طالما أقول الحق فلا أخاف من شيء... كناشطة وكإنسانة يجب أن أطالب بحقوق الناس. أنا أتكلم في شيء هو حق لي، ولا أتعدى حدودي سواء في الكلام أو في القوانين".

 

 

تضيف ولاء - التي كانت قد تخرجت في كلية العلوم الصحية - أن الحملة بدأت بلا ترقيم للأيام، ولكن بعد نحو أسبوع بدأ يضاف إلى الهاشتاغ المخصص للحملة رقما يزداد يوما تلو الآخر حتى تجاوز ال 600.

تعيش ولاء في مدينة الدمام، ويتضمن روتين حياتها اليومية عملا من السابعة صباحا حتى الرابعة عصرا، لكنها تقول إن حياتها كلها أصبحت تدور داخل موقع تويتر - المكان الافتراضي لحملة "أنا ولية أمري" التي لم تبلغ السنتين بعد.

 

"كانت اهتماماتي من قبل مركزة خارج تويتر.. الآن أمضي معظم وقتي على تويتر لدرجة أني أنسى مشاغلي اليومية.. بالي يبقى مع تويتر وحياتي كلها صارت على تويتر أنشغل بمشاكل الناس".

وتشرح ولاء كيفية تواصل نساء عدة معها عبر تويتر لمشاركة مشاكلهن، وكيف تحاول هي الوصول لمحاميات لمحاولة إيجاد حلول لهذه المشاكل.

منذ منتصف العام الماضي بدأت سلسلة متتابعة من التغييرات تتعلق بوضع المرأة السعودية؛ تضمنت منحهن عدة حقوق لأول مرة منها الحق بالقيادة - بعد نضال استمر منذ بداية التسعينات - وأمور ترفيهية، وتقليد نساء مناصب عليا في البلاد.

لكن حملة "أنا ولية أمري" بقيت مستمرة.

توضح ولاء أن المشكلة الرئيسية بالنسبة لها ولرفيقاتها هي أن المرأة في المملكة "متساوية مع الرجل في العقوبات لا في الحقوق"؛ حيث "لايتم التعامل مع النساء على أنهن يتمتعن بالأهلية" لذلك.

 

"هناك تغييرات لا يمكن أن ننكرها، من ضمنها تغييرات كبيرة. لكن ما نطالب به هو إلغاء فعلي للولاية؛ فالولاية هي عبارة عن أنظمة موجودة في جميع الدوائر، وعلى كل مؤسسة تغيير هذه الأنظمة. فمثلا، يجب على الهجرة والجوازات إصدار قانون يلغي شرط الحصول على موافقة ولي الأمر عند إصدار جواز السفر أو التصريح بالسفر".

تشرح منظمة هيومن رايتس مفهوم الولاية بالقول: "تخضع حياة المرأة السعودية لسيطرة الرجل من بدايتها إلى نهايتها. فكل امرأة سعودية لها وليّ أمر ذكر، عادة ما يكون والدها أو زوجها، ولكن في بعض الحالات يكون شقيقها أو حتى ابنها هو الذي له سُلطة اتخاذ العديد من القرارات الهامة مكانها".

في أيار/مايو 2017 كان الملك سلمان بن عبد العزيز قد وجه بعدم مطالبة المرأة بالحصول على موافقة ولي أمرها في حال تقديم الخدمات لها، ما لم يكن هناك سند نظامي لهذا الطلب وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية، وفقا لتقارير إعلامية محلية.

 

 

لكن ولاء تقول إن كثيرا من المؤسسات لم تلتزم بقانون تمكين المرأة.

"هل نتحدث عن السعودية يا جدعان؟"

 

قبل أيام، بدا الاختلاف بالرؤى في ما يتعلق بوضع المرأة السعودية واضحا أثناء جلسة عقدت في الأمم المتحدة لمناقشة مدى تطبيق اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة المعروفة بـ (سيداو) - ومجددا كان تويتر فضاء التواصل والتعبير عن المواقف المختلفة.

أصبح الوفد السعودي - الذي كان أكثر من نصف أعضائه نساء - موضع انتقاد جريء وسخرية من قبل كثير من الناشطات على تويتر داخل وخارج السعودية، حتى أن بعض الناشطات قلن "هل نتحدث عن السعودية يا جدعان؟"، و"أنا مذهولة من حالة الإنكار لدى الوفد السعودي لوضع المرأة !؟"، و"أبغى أعيش في السعودية اللي بيتكلموا عنها!".

 

تحدث الوفد السعودي عن المناصب العليا التي تشغلها نساء سعوديات - بما في ذلك الشابات منهن - في وكالات الأمم المتحدة وفي مؤسسات الدولة، وعن الانتخابات البلدية التي "لم يتم فيها أي تمييز بين النساء والرجال" في العملية الانتخابية والتي شاركت نساء في الإشراف على سيرها، وعن العدد المتزايد من المتخصصات والمتدربات في المجال القضائي، والمنخرطات في السلك الدبلوماسي، كما ذكر الوفد أن نسبة النساء العاملات في القطاع العام الحكومي بلغت 40 بالمئة.

وفيما يتعلق بموضوع حق المرأة السعودية بمنح الجنسية، قال الوفد إنه بإمكان أبناء المواطنات الحصول على الجنسية وفقا لنظام خاص، بينما يحق للزوج الأجنبي الحصول عليها بناء على القانون العادي. أما بخصوص موضوع الولاية، فأشار الوفد إلى الأمر الذي تم إصداره بهذا الخصوص وأنه "يجب على كل المؤسسات إبلاغ ديوان الملك عن أي شيء يعيق المرأة عن ممارسة حقوقها".

 

لكن الناشطة والباحثة في جامعة هارفارد الأمريكية، هالة الدوسري، تقول لبي بي سي عربي إن سبب السخط الكبير على تويتر كان لأن نساء الوفد الرسمي السعودي "خذلن" نساء بلدهن.

وتضيف الدوسري: "الإنكار لوضع النساء في الممكلة وتضليل العالم عن واقعهن يأتي من قبل سيدات سعوديات من هذا المجتمع تم تمكينهن ووصلن إلى سلطة تمكنهن من خدمة المجتمع لكنهن بالحقيقة لا يقمن بخدمة المجتمع. بهذه الحجج هن يخدمن وجهة نظر سياسية بدل دعم الحقوق.. هن لا يعترفن بوجود قيود على حقوق النساء".

 

وتقول: "السعودية لاتزال دولة أبوية، وتركيبة السلطة في السعودية هرمية، فالإصلاحات يتم عملها بشكل يناسب أهداف السلطة وليس بالضرورة مصالح الناس".

وطالبت بعض الناشطات، مثل لجين الهذلول، التي حضرت الجلسة، الوفد بعدم ترك قضايا مهمة مثل موضوع الولاية بلا أجوبة واضحة، وقالت في إحدى تغريداتها على تويتر:

"لسن سعوديات"

وناشطات "حملة أنا ولية أمري" هن أيضا موضع اتهامات كثيرة، من ضمنها أنهن "لسن سعوديات" أو أنهن "يحاولن الخروج عن الإسلام"، لكن ولاء تشرح أن هدفها هي ورفيقاتها على تويتر ببساطة هو "أن تعامل المرأة السعودية كما يعامل الذكر".

وتقول إنها عند انتقاد فكرة الولاية فإنها تستند إلى الدين الإسلامي: "الدين لم يأمر بالولاية، بل هناك القوامة الذي ذكرت في القرآن والتي لا تعني التدخل في الأمور الحياتية".

وتوضح أن المشاكل التي تواجه المرأة بسبب نظام الولاية أكبر من مجرد السفر "فهناك قضايا أخرى تتعلق بالعنف ضد المرأة وهروب الفتيات، والمطالبة بحقوق المطلقة على سبيل المثال"، لذلك تقول إن الناشطات يطالبن "بمؤسسات مجتمع مدني تهتم (بأمور النساء وخاصة) المعنفات".

 

وترى الباحثة هالة الدوسري أن "المجتمع المدني في المملكة تمثله الجمعيات المنضوية تحت السلطة ولا وجود لمجتمع مدني مستقل".

بعد أشهر من تتبع أخبار متعاقبة عن "تغييرات" في أوضاع النساء في السعودية - كجزء من عملية تغيير أوسع في المملكة - تبدو الفجوة واضحة بين مطالب الناشطات وبين الخطة الحكومية المبنية على "التدرج" في منح الحقوق. ويبدو أيضا أن تويتر أصبح موجودا دائما لعكس هذه الاختلافات.

"الإنترنت - للأسف - هو المكان الوحيد الذي يمكن للناس أن يعبروا من خلاله عن آرائهم بشكل حر نسبيا لأنه لا وجود لفضاءات أخرى"، تقول هالة الدوسري، وتضيف: "لا يوجد إعلام مستقل يمكن فيه التفاعل مع السيدات (المسؤولات في) الدولة.. ظهورهن بشكل عام منسق ومنظم جدا".

"لذا فإن حملة أنا ولية أمري تقدم فرصة للنساء ليجتمعن على هدف تماما مثل حملة MeToo التي مست حياة الناس وبدأ الكل بالحديث عنها"، كما تقول.

هذا المحتوى من

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان