لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

سنان أنطون: 15 عامًا منذ دمّرت أمريكا وطني

04:20 م الأربعاء 21 مارس 2018

غزو العراق - أرشيفية

كتبت – إيمان محمود

في الذكرى الخامسة عشر على الغزو الأمريكي للعراق؛ روى الكاتب العراقي سنان أنطون، كيف تغيرت معالم بلاده للأسوأ بعد هذا الغزو، رُغم معاناة العراقيين في ظل حكم الرئيس الراحل صدام حسين، إلا أن ما تسبب الاحتلال الأمريكي فيه كان أبشع يكثير.

وقال أنطون -في مقال نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية-  "عندما كنت في الثانية عشرة من عمري، كان الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، والذي كان نائب رئيس العراق آنذاك، يقوم بتطهير ضخم في الدولة بأكملها، كنت أعيش في بغداد آنذاك، وقد نمت لدي مشاعر الكراهية تجاه الديكتاتور صدام منذ وقت مبكر".

واستطرد "في أواخر التسعينات، كتبت روايتي الأولى "إعجام"، عن الحياة اليومية في ظل نظام صدام الاستبدادي. فرات الراوي، كانت طالبًا يدرس الأدب الإنجليزي في جامعة بغداد، كما فعلت.. وينتهي به المطاف في السجن بتهمة إلقاء نكتة عن الدكتاتور. لطالما تخيل فرات مشهد سقوط صدام، مثلما كنت أفعل في كثير من الأحيان. كنت آمل أن أشهد تلك اللحظة، سواء في العراق أو من بعيد".

غادر أنطون، العراق بعد أشهر قليلة من حرب الخليج عام 1991 وحصل على الدراسات العليا في الولايات المتحدة، حيث كان يعيش، "وفي عام 2002، عندما بدأت الدعوات إلى غزو العراق، كنت ضد الهجوم المقترح بشدة. كانت الولايات المتحدة تدعم الدكتاتوريين في العالم العربي بشكل دائم ولم تكن في مجال تصدير الديمقراطية، بغض النظر عن شعارات إدارة بوش".

ويروى الكاتب العراقي "تذكرت عندما كنت مراهقًا أجلس في غرفة المعيشة مع عمتي، وكنت أشاهد التلفزيون العراقي وأرى دونالد رامسفيلد يزور بغداد كمبعوث من رونالد ريجان ويصافح صدام، تلك الذكرى جعلت كلمات رامسفيلد في عام 2002 حول الحرية والديمقراطية للعراقيين تبدو جوفاء".

وقال أنطون من خلال مشاهدته لـ"الحرب العراقية الإيرانية من 1980 إلى 1988 وحرب الخليج 1991" أدركت أن الأهداف الفعلية للحرب كانت دائما مموهة بأكاذيب تستغل الخوف الجماعي وتخلد الشعارات الوطنية".

واستطرد "كنت واحدًا من حوالي 500 عراقي في الشتات - من خلفيات عرقية وسياسية مختلفة، وكثير منهم من المنشقين وضحايا نظام صدام الذين وقّعوا عريضة -لا للحرب على العراق .. لا للحكم الدكتاتوري- في الوقت الذي ندين فيه حكم صدام، كنا أيضًا ضد الحرب التي من شأنها أن تسبب المزيد من الموت والمعاناة للعراقيين الأبرياء، والتي هددت بدفع المنطقة بأكملها إلى فوضى عنيفة".

لم يتم الترحيب بأصوات أنطون ومن معه، فقد فضّلت وسائل الإعلام الرئيسية في الولايات المتحدة، المؤيدين لأميركا من العراقيين الذين وعدوا الجماهير المحتشدة التي ترحب بالغزاة "بالحلويات والزهور".

لم تحقق العريضة الكثير من التأثير، قبل خمسة عشر عامًا، بدأ غزو العراق.

وبعد ثلاثة أشهر، عاد أنطون إلى العراق للمرة الأولى منذ عام 1991 كجزء من مجموعة لتصوير فيلم وثائقي عن العراقيين في عراق ما بعد صدام، "أردنا أن نظهر حال العراقيين من كل الجوانب، وليس فقط صدام مقابل الأمريكان؛ ففي وسائل الإعلام الأمريكية، تم تصوير العراقيين إما كضحايا صدام الذين يتوقون إلى الاحتلال أو المؤيدين والمدافعين عن الديكتاتورية الذين عارضوا الحرب. أردنا أن يتحدث العراقيون عن أنفسهم".

لمدة أسبوعين؛ سافر الكاتب خلالها حول بغداد وتحدث إلى العديد من سكانها، وكان البعض ما زالوا متفائلين، على الرغم من استنزافهم لسنوات من العقوبات والدكتاتورية، لكن كثيرين كانوا غاضبين وقلقون بشأن ما سيحدث.

ويروي الكاتب: "لقد أكدت زيارتي القصيرة فقط على قناعتي وخوفي من أن الغزو سيسبب كارثة للعراقيين، كانت الخلاص من صدام مجرد نتيجة ثانوية لهدف آخر: تفكيك الدولة العراقية ومؤسساتها، فقد تم استبدال تلك الدولة بدولة شبه فاعلة وفاسدة".

ذكر أنطون، عندما أعلن اللواء بول بريمر الثالث، رئيس سلطة التحالف المؤقت، عن تشكيل ما يسمى مجلس الحكم في يوليو 2003، وتلا أسماء الأعضائه من ذوي طائفته، "الكثير من العراقيين الذين تحدثنا إليهم في ذلك اليوم كانوا منزعجين، فهذه الشخصيات البغيضة في مجلس الحكم، والذين كان معظمهم حلفاءً للولايات المتحدة من العقد السابق، ذهبوا لنهب البلاد، مما جعلها واحدة من أكثر الدول فسادًا في العالم.

أكد سنان سعادته في ذلك الوقت بتصوير الفيلم في وقت وجيز، وقبيل انزلاق العراق إلى العنف لتصبح الانفجارات الانتحارية هي القاعدة في هذا البلد، واستطرد "جعل الغزو من بلادي مغناطيسًا للإرهابيين، وكما قال الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش "سنقاتلهم هناك لذا لن نضطر لمحاربتهم هنا"، ثم انحدر العراق لاحقًا إلى حرب أهلية طائفية أزهقت أرواح مئات الآلاف من المدنيين ونزوح مئات آلاف آخرين، ليحدث تغييرًا ديموجرافيًا بشكل لا رجعة فيه.

كانت المرة التالية التي عاد فيها سنان إلى بغداد في عام 2013، يقول في مقاله "ذهبت الدبابات الأمريكية، لكن آثار الاحتلال لازالت في كل مكان".

أما عن زيارته الأخيرة فكانت في أبريل عام 2017، سافر حينها من نيويورك، حيث يعيش الآن، إلى الكويت، حيث كان يلقي محاضرة، ثم عبر مع صديقة عراقية الحدود عن طريق البر، إذ كان ذاهبًا إلى مدينة البصرة ليوقع كتبه في سوق الكتاب –تجمع أسبوعي لمحبي الكتب- لتكون المرة الأولى الذي يزور فيها سنان المدينة الواقعة في غرب العراق.

لطالما شاهد أنطون جمال هذه المدينة في البطاقات البريدية في سبعينيات القرن الماضي "لكن البصرة التي رأيتها في ذلك اليوم كانت مرهقة وملوثة، عانت الكثير خلال الحرب الإيرانية العراقية، وتسارعت وتيرة انخفاضها بعد عام 2003، كانت البصرة شاحبة ومُتهدمة وفوضوية بفضل الفساد المتفشي، أنهارها ملوثة ومنحرفة"، على حد وصفه.

ويستكمل "أحد المصادر القليلة من الفرح بالنسبة لي خلال هذه الزيارات القصيرة كان لقاءات مع العراقيين الذين قرأوا رواياتي، من خلال هذه الروايات حاولت أن أتعامل مع التفكك المؤلم لدولة بأكملها وتدمير نسيجها الاجتماعي".

لا يعلم أحد على وجه التحديد كم من العراقيين ماتوا نتيجة للغزو قبل 15 عامًا، بعض التقديرات ذات المصداقية تقدر العدد بأكثر من مليون قتيلاً، بحسب المقال.

أكد أنطون أن مشهد غزو العراق بصورة عامة جعل الكثيرين في الولايات المتحدة يصفه بـ"خطأ" أو حتى "خطأ فادح"، لكنه في الواقع كان "جريمة" وأولئك الذين ارتكبوها لا يزالون طلقاء، مضيفًا "لا يزال الخبراء الذين باعوا لنا الحرب يواصلون ما يفعلون، لا أظن أبداً أن العراق يمكن أن يكون أسوأ مما كان عليه في عهد صدام، لكن هذا ما حققته الحرب الأمريكية ومورّثها للعراقيين".

 

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان