بوليتيكو: لماذا لم يطرد ترامب وزير دفاعه حتى الآن؟
كتب - هشام عبد الخالق:
نشرت مجلة "بوليتيكو" الأمريكية، تقريرًا للكاتبة إليانا جونسون، استعرضت فيه أسباب عدم طرد وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس من إدارة الرئيس دونالد ترامب حتى الآن، على الرغم من طرد العديد من مسؤوليه آخرهم مستشاره للأمن القومي إتش آر مكماستر.
وقال التقرير، في يوليو الماضي نظّم كلًا من وزير الدفاع جيمس ماتيس، ووزير الخارجية ريكس تيلرسون، عرضًا تعريفيًا للرئيس دونالد ترامب حول أسباب بقاء القوات الأمريكية منتشرة في أماكن بعيدة حول العالم مثل اليابان، كوريا الجنوبية وغيرها، وكان ذلك في الغرفة المسماة بـ "الدبابة" في مبنى البنتاجون.
وطبقًا لروايات شخصين حضرا الاجتماع، تحدث ماتيس أولًا وقال: "إن أعظم هدية لأفضل جيل هي النظام، لعالم تحكمه القواعد بعد الحرب"، ثم أطلع الرئيس على صفقات التجارة المعقدة، والاتفاقات العسكرية والتحالفات الدولية التي تشكل النظام العالمي الذي أسسه المنتصرون بعد الحرب العالمية الثانية.
وحسب أحد الأشخاص الذين حضروا الاجتماع، فإن تيلرسون - وزير الخارجية المُقال - اشتكى بكثرة بعدما غادر ترامب الغرفة، لأن ترامب كان يعترض كثيرًا أثناء الشرح، ووصف تيلرسون الرئيس بأنه "أحمق للغاية".
ويتابع التقرير، يُقال عن ترامب دائمًا أنه يميل لتصنيف أعضاء وزارته إلى نوعين، القتلة وهم الأشخاص من الدرجة الأولى، والفائزون، وهم ذوي الدرجة الثانية، وجيمس ماتيس يبدو أنه من النوع الأول، بالإضافة لكونه يدخل ضمن تصنيف ثالث نادر الوجود في الإدارة: وهم الخاسرون، فهو يحاول الاختلاف مع ترامب دون أن يظهر ذلك، حيث عارض عدة قرارات لترامب، مثل الانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ، والاتفاق النووي مع إيران، ونقل السفارة الأمريكية في إسرائيل من تل أبيب إلى القدس، كما أنه يعارض القانون الذي اقترحه ترامب أيضًا بمنع المتحولين جنسيًا من الخدمة في الجيش الأمريكي، كما أنه تجاهل طلب البيت الأبيض بالاطلاع على خطط ضرب كوريا الشمالية عسكريًا.
وأضاف التقرير، وعلى الرغم من ذلك استطاع ماتيس أن يقدم للرئيس أفكارًا لا يحبها بدون أن يضطر لتحمل عبء إحباطه، وبعد طرد مستشار الأمن القومي إتش آر مكماستر، تردد أن ترامب على وشك أن يطرد عدة أعضاء آخرين من حكومته مثل وزير شؤون قدامى المحاربين ديفيد شولكين، ووزير الإسكان والتطوير الحضري بين كارسون، ويُفكر بألم في طرد جون كيلي كبير موظفي البيت الأبيض، ولكن المثير للدهشة أن اسم "ماتيس" لم يبرز أبدًا لدرجة أن أحد كبار المسؤولين وصفه بأنه "مضاد للرصاص".
ماتيس، هو الوحيد الباقي في منصبه من المستشارين والوزراء الذين اختارهم ترامب ورحّب بهم معارضوه، مثل إتش آر مكماستر، جون كيلي، والمدير السابق للمجلس الاقتصادي الوطني جاري كوهين، وطبقًا لعدة مسؤولين داخل البيت الأبيض، ما زال ترامب متحمسًا بشأن ماتيس مثلما كان عندما رشّحه للوظيفة في ديسمبر 2016.
ويتابع التقرير، حتى منتقدو ترامب، لا يميلون لانتقاد ماتيس علنًا - الجنرال المتقاعد الذي حارب في حربي الخليج وأفغانستان - وذلك لسببين رئيسيين إما لتطلعهم للالتحاق بالإدارة الأمريكية، أو لكونهم سعداء بماتيس في منصبه، ويقول هؤلاء المنتقدون سرًا إن ماتيس حذر وتقليدي للغاية في تفكيره، ولا يُقدر الطبيعة السياسية لوظيفته كوزير للدفاع بكشل كافٍ، وقال أحد هؤلاء النقاد - رفض ذكر اسمه - إنهم يعتبرونه "أفضل البدائل المُتاحة حاليًا، وهو من يستطيع كبح جماح الرئيس غير المتوقع والمندفع".
ويرى المقربون من الرئيس، أنه سيؤجل طرد ماتيس، الذي يمثل مؤسسة قوية في البلاد ألا وهي الجيش، والتي يحترمها ترامب، وأيضًا منصبه كمحارب مخضرم أكسبه احترام الرئيس، وذلك على النقيض من كوهين، والذي اضطر لمواجهة ما يقوله ترامب عن نفسه من أنه خبير في عالم المال والأعمال، ويستفيد ماتيس من خدمة لم يدّعِ أبدًا كونه يفهم في الأمور العسكرية أو الدولية، ويقول مسؤولون بالبيت الأبيض إن ترامب خائف من ماتيس، الذي يرد على تعليقات الرئيس بأمثال وأقوال تاريخية استطاع أن يعرفها من مكتبته الخاصة المثيرة للتعجب.
ويتابع التقرير، وصول جوش بولتن إلى البيت الأبيض في أبريل، كمستشار للأمن القومي، سوف يُعطي لماتيس خصمًا متحمسًا وماهرًا في مجلس الأمن الوطني، وتفوق ماتيس على ماكماستر دائمًا في الشؤون العسكرية وكان ينظر إليه على أنه تلميذه حتى بعد تقاعد ماتيس، ولكنه لن ينظر إلى بولتن بمثل هذه الطريقة، حيث يثمن بولتون قدرته على توظيف البيروقراطية لخدمة أغراضه.
ماتيس، الذي خرج من الجيش على يد الرئيس السابق باراك أوباما بسبب وجهات نظره الحربية ضد إيران، يوافق على الكثير من آراء ترامب في عدد من القضايا، أكثرها أهمية بناء الجيش، لذلك ظل ماتيس صامتًا عندما طلب الرئيس عرضًا عسكريًا مكلفًا، ولكنه استطاع تأمين زيادة نسبتها 10% للبنتاجون.
ويقول بعض المساعدين في كلا البيت الأبيض والبنتاجون، إن ماتيس كان أكثر تحفظًا من معظم زملائه عندما يختلف مع الرئيس، ولم يُقلل من ترامب علنًا أبدًا سوى في شهادة الكونجرس، وتقول المتحدثة باسم البنتاجون دانا وايت: "ماتيس يعطي توصياته ونصائحه، ويترك الأمر للرئيس ليقرر اتخاذ ما يلزم".
وتابع التقرير، لا يدير ماتيس وزارة الدفاع مثلما عُرف عنه أيام عمله في البحرية الأمريكية تحت شعار "الكلب المجنون"، ولكنه يتعامل مع ترامب على هذا الأساس، حيث لا يظهر الضعف أبدًا ويحافظ على ما عُرف عنه بأنه "لا يقهر".
ويقول توم ريكس، أحد كُتاب الموقع العسكري Task & Purpose: "استطاع ماتيس أن يعرف كيف يتلاعب بترامب جيدًا، فهو يبقى رأسه منخفضًا ويبقي وجهه بعيدًا عن نشرات الأخبار"، وشبّه ريكس، ماتيس بالقاتل صاحب الدم البارد، وترامب بالكلب الذي يشم الخوف، وتابع، "أعتقد أن شخصًا مثل ترامب لا يملك من الشجاعة إلا القليل لمواجهة ماتيس".
ويقول مارك بيري، أحد المؤرخين العسكريين، ومؤلف كتاب "حروب البنتاجون": "وزير الدفاع لا يتمثّل حاليًا بشخصية "الكلب المجنون" التي عُرف بها، فهو رجل عميق التفكير، وهو أشبه بالحرباء، يستطيع أن يكون محاربًا أفلاطونيًا في وقت ما، وعالم رهباني في وقت آخر".
ويتابع بيري، لن تسمع أبدًا ماتيس يصف ترامب بأنه أحمق أو غبي مثلما فعل تيلرسون في تقرير أوردته شبكة NBC نيوز في وقتٍ سابق، وقال فيه تيلرسون إن الرئيس أحمق.
واختتم بيري التقرير، قائلًا: "ماتيس حذر للغاية، والمدة التي سيبقى فيها وزيرًا للدفاع تعتمد على تلك الصفة".
فيديو قد يعجبك: