بعد أول رئيس وزراء مسلم.. هل تشهد إثيوبيا عملية تجميل أم تغيير كامل؟
كتب - عبدالعظيم قنديل:
تحت عنوان "إثيوبيا.. عملية تجميل خادعة أم تغيير كامل؟"، تحدث الباحث الأميركي، أندريه كوريبكو، المتخصص في العلاقات الأمريكية الأوروبية الآسيوية، عن اختيار أبي أحمد أول رئيس وزراء مسلم في تاريخ إثيوبيا، والذى ينحدر من عرقية أورومو، أكبر مجموعة عرقية فى البلاد والتى كانت تقود الاحتجاجات المناهضة للحكومة السابقة على مدار ثلاث سنوات.
واختار ائتلاف الجبهة الديمقراطية الثورية الشعبية الإثيوبية أبى أحمد، رئيسا للائتلاف مما يجعله رئيسا للوزراء بشكل تلقائى خلفا لرئيس الوزراء السابق "هايلى مريام ديسالين"، الذى أعلن استقالته فجأة الشهر الماضي.
وقال الباحث الأمريكي، في مقال بموقع "أورينتال ريفيو"، إنه من المفترض أن يكون اختيار أبي أحمد رئيسًا لوزراء إثيوبيا، أكثر من مجرد "عملية تجميل خادعة"، وقد يعطي مؤشرات لتغيير كامل في النظام بأديس أبابا في حال تعلمت من الاتحاد السوفيتي بعد انهياره.
وبحسب المقال، يبدو أن اختيار أول رئيس مسلم للائتلاف الحاكم في إثيوبيا كان قرارًا حكيمًا من الدوائر الحاكمة، حيث جاء رداً على الموجة الأخيرة من اضطرابات عرقية الأوروما، التي أخذت في بعض الأحيان أبعاد الحرب الهجينة، وما خلفته من "جرح عميق" داخل الائتلاف الحاكم.
وبدأت الحركة الاحتجاجية في نهاية 2015 في منطقة أورومو (جنوب وغرب البلاد) وامتدت خلال 2016 إلى مناطق أخرى، بما فيها منطقة الأمهرة (شمال). وقد أدى قمعها إلى سقوط 940 قتيلا على الأقل.
وجاءت هذه التظاهرات خصوصا تعبيرا عن استياء الأورومو والأمهرة الذين يشكلون حوالى 60 في المائة من السكان، من ما يعتبرونه تمثيلا مبالغا فيه لإقلية التيجيري في الجبهة الحاكمة.
ووفقًا للمقال؛ من السهل أن نعتبر ذلك التغيير مجرد تجميل خارجي لقيادة البلاد، حيث أبدى الكثيرون دهشتهم من إمكانية صعود شاب من عرقية الأورومو إلى سدة الحكم في أعقاب رئاسة الوزراء بعد الحرب الأهلية للزعيم الثوري تيجراين المسيحي الثوري نسبياً، وميليس زيناوي، ولذا يمكن القول إن إثيوبيا دخلت حقبة جديدة تماماً من الحوكمة والانفتاح.
واستعرض المقال أوجه الشبه بين إثيوبيا والاتحاد السوفييتي من حيث تعدد العرقيات، ولذا يشير المراقبون إلى أوجه التشابه فيما يتعلق بدمج للعرقيات والأديان المتنوعة داخل مفهوم الدولة الحديثة، مع الأخذ بعين الاعتبار الفوارق الجغرافية والتاريخية.
كما لفت المقال إلى أن إثيوبيا تشهد أشكال جديدة من احتواء الاضطرابات باستخدام "الانفتاح وإعادة الهيكة"، مستفيدة بوضوح من تجربة اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية ذات التنوع العرقي والديني، ومتفادية انهيار غير مقصودة.
ووفقًا لـ"أورينتال ريفيو"، لهذا السبب ستحاول أديس أبابا أن تتعلم من تجربة موسكو في محاولة تجنب العثرات التي حلت بالاتحاد السوفييتي خلال أيامها الأخيرة، حيث سعت بشكل متأخر إلى إصلاح نظامها الاقتصادي الراكد، وكانت مؤشرات الاقتصاد مقدمة لما حدث في نهاية المطاف للدولة نفسها، فضلًا عن تنامي الصراعات الإقليمية العرقية المترامية الأطراف، لكن القيادة السوفيتية عملت على حلها داخل الحدود في وقت متأخر.
والاختلاف الأكثر وضوحًا بين وضع الشيشان في روسيا والأوروما في إثيوبيا هو أن الأولى تضم قطعة صغيرة من الأراضي ذات الكثافة السكانية المنخفضة في منطقة جغرافية بعيدة نسبيًا عن الحكومة المركزية، بينما أديس أبابا لا تستطيع إعطاء عرقية الأوروما أي "وضع خاص" مثلما فعلت روسيا مع الشيشان ومعاملتها "استثناءًا للقاعدة"، ولذا كان لابد من إصلاح هيكل الدولة بالكامل تفدايًا لاستغلال بعض القوى الإقليمية تلك الاضطرابات لمصالحها الخاصة، حسبما ذكر الباحث الأميركي، أندريه كوريبكو.
مع وضع كل ذلك في الاعتبار، يبدو أن انتخاب أبي أحمد من قبل ائتلاف الجبهة الديمقراطية الثورية الشعبية الإثيوبية، أكثر من مجرد "حل مؤقت"، وفق المقال الذي اعتبر أنها خطوة غير متسرعة، نظرًا لرمزية صعود شخصية مسلمة من أوروما إلى السلطة، ولذا يمكن القول بإن البلاد على "أعتاب تغيير كامل".
واختتم المقال بالقول: "هناك العديد من المسائل غير قابلة للتفاوض بالنسبة للدولة بسبب مصالحها الوطنية، ولكن بصرف النظر عن ذلك، يمكن للمراقبين أن يتوقعوا من الحكومة أن تكون أكثر مرونة تجاه أي موضوع آخر، حيث أنهستعمل القيادة الجديدة على إصلاح النظام، وبالتالي تحويل إثيوبيا إلى واحدة من القوى الفاعلة في النظام العالمي المتعدد الأطوار.
فيديو قد يعجبك: