"مهاجرو ليبيا".. كيف يخاطرون بحياتهم من أجل مستقبل قد لا يتحقق؟
كتب- هشام عبدالخالق:
"يغادر آلاف المهاجرين الأفارقة، ليبيا، كل عام في قوارب متآكلة، مخاطرين بحياتهم بحثًا عن فرصة لحياة أفضل في أوروبا، في الوقت الذي يبقى فيه آلاف غيرهم في الدولة الواقعة في شمال أفريقيا، تاركين أنفسهم يتعرضوا لجميع أنواع الإساءات على أيدي المهربين وتجار البشر".. بهذه المقدمة استعرض موقع "صوت أمريكا" الهجرة غير الشرعية التي تنطلق من ليبيا بحثًا عن المال والشهرة في بلاد القارة العجوز.
وبحسب الموقع، فإن ليبيا جذبت المهاجرين الأفارقة بشكل كبير، ولكن أدى عدم الاستقرار الأمني، والبنية التحتية الضعيفة، وانخفاض قيمة العملة في ليبيا إلى ظروف صعبة وخيارات قاسية أمام العديد من المهاجرين الذين وجدوا أنفسهم يعيشون في تلك البلاد.
وقال عثمان بلبيسي، رئيس البعثة الليبية لمنظمة الهجرة الدولية، في حوار مع "صوت أمريكا": "لطالما كانت ليبيا دولة يقصدها المهاجرون ليفروا منها بعد ذلك إلى أوروبا، ولكن الحكومة الضعيفة، البنية التحتية المريضة، والتحديات الاقتصادية قللت من خيارات المهاجرين وولدت الفوضى في البلاد".
وأدى هذا - حسبما يذكر بلبيسي - إلى ما يمكن تسميته بـ "عبودية العصر الحديث"، حيث يتم احتجاز الأشخاص في مكان لا يرغبون به، وإجبارهم على عيش حياة تحتوي على العديد من التهديدات، فليبيا تستضيف حاليًا ما يقرب من 700 ألف مهاجر من 35 دولة.
أغلب المهاجرين - والكلام لبلبيسي - قدموا منذ وقت قليل، ويوجد بعضهم عاش في البلاد لسنوات، ويأتون إلى هنا بآمال وطموحات مختلفة، حيث يخطط بعضهم للاستقرار والعمل هنا، فيما يخطط آخرون للبقاء لبضع الوقت قبل أن يجدوا مهربًا إلى أوروبا، ولكن بمرور الوقت يكتشفوا أن ليس بإمكانهم الانتقال إلى مكان آخر بسهولة، لعدم امتلاكهم الأوراق اللازمة للسفر.
الحاجة إلى الأمان
شهدت ليبيا - بالإضافة إلى عدد المهاجرين الهائل - ما يقرب من 165 ألف شخص تم إعادة توزيعهم داخليًا في أماكن أخرى، وتواجههم العديد من التحديات التي تتمثل في تعرضهم للمخاطر وعدم وجود شبكة قوية من الاتصالات، وكذلك تدهور الرعاية الصحية.
ويقول بلبيسي عن هذا: "يجب استثمار الكثير من الأموال لإعادة إعمار البنية التحتية في ليبيا وتحسينها، ولكن الأمن هو العامل الهام هنا، حيث يمكن تحقيق أي شيء بمجرد تحقيقك هذا، وبدونه لن يمكن تحقيق أي شيء آخر".
وفي غياب الأمن، كما يشرح الموقع، ازدهرت شبكات التهريب واالاتجار بالبشر واستحوذت على سلطات هائلة، ويعاني المهاجرون المحتجزون لديهم من معاملات غير إنسانية، كما أنه يتم عقابهم، و"لسوء الحظ، نرى عديد من المهاجرين يتم تجريمهم وإدانتهم، والمهربون على الجانب الآخر، أحرار طلقاء"، بحسب بلبيسي.
البحث عن حياة أفضل
تهتم منظمة الهجرة الدولية في الغالب عندما يزداد عدد المتوفيين، سواء كان ذلك على أراضي ليبيا الصحراوية أو في البحر أثناء محاولة الهجرة، وكان هناك ارتفاعًا في تدفقات الهجرة إلى أوروبا عبر البحر المتوسط على مدى السنوات الثلاث الماضية، على الرغم من أن الأرقام قد تناقصت في الآونة الأخيرة.
ويقول بلبيسي، "من يحاول الهجرة إلى أوروبا عبر البحر المتوسط، يفعل ذلك كآخر أمل في مغادرة القارة الأفريقية، فلا توجد أي ضمانات بالنجاة، أو حتى بالنجاح في أوروبا، ولكن عندما لا يوفر البقاء في ليبيا أي فرص معيشية أفضل يتجه الجميع نحو محاولة الهجرة غير الشرعية، ومعظم من يهاجر هذه الأيام لا يملكون شيئًا ليندموا عليه في حالة الفشل، لذا فهم يخاطرون بحياتهم".
الحلول
لفهم التحديات التي يواجهها المهاجرون، يؤيد بلبيسي نهجًا جديدًا يقوم على رفض التسميات المبالغة في التبسيط، مثل "المهاجرين الاقتصاديين"، لصالح فهم أكثر دقة حول كيف يترك المرء منزله بغرض إعادة بناء حياته، ويعني هذا - بالنسبة لبلبيسي - التركيز على هجرة الراغبين في العمل جنبًا إلى جنب مع لم شمل العائلة.
وحسب بلبيسي، فإن إن مفتاح تحسين وضع المهاجرين في ليبيا، يعتمد على إنشاء قنوات هجرة منتظمة، وهذا يتطلب جهدًا منسقًا من العديد من الدول.
ويختتم التقرير بقول بلبيسي: "يمكن لليبيا المساهمة في الحل، لكنها لا تتحمل المسؤولية وحدها، فهذه مسؤولية عالمية".
فيديو قد يعجبك: