من هي ويني مانديلا التي وصفت بـ "أم الأمة" في جنوب أفريقيا؟
(بي بي سي):
أصبحت ويني ماديكيزَلا-مانديلا رمزا بارزا للنضال في جنوب أفريقيا ضد سياسة الفصل العنصري، عندما عوقبت بالسجن لنشاطها من أجل حقوق السود في جنوب أفريقيا ولإطلاق سراح زوجها المعتقل.
وظلت هي وزوجها نيلسون مانديلا أشهر زوجين سياسيين في البلاد، إلا أن مانديلا طلقها لاحقا في عام 1996.
وظلت بعد انفصالهما تحمل لقب زوجها كما ظلت صلاتهما متواصلة، ما أثار موجة انتقادات لها بأنها تحاول استثمار اسمه من أجل تحقيق فوائد سياسية.
وفي أواخر سنواتها تلوثت سمعتها لإدانتها بالاحتيال واتهامها بجريمة قتل، الأمر الذي كانت تشدد على نفيه.
ولدت في بيزانا في ترانسكي في عام 1936، والتقت بمانديلا في عام 1957، وكان متزوجا في هذا الوقت من إيفلين ماسي، التي لم يدم زواجه منها.
وقد تزوجا في العام اللاحق، وكانت عروسة شابة فاتنة وقوية الإرادة وتصغره بالسن كثيرا.
وقد قضيا وقتا قصيرا بالعمل معا في النشاط السياسي، ثم اضطر مانديلا للاختباء فترة، الأمر الذي جعله بعيدا عنها.
وقد حكم على مانديلا بالسجن مدى الحياة في عام 1964، ولم يطلق سراحه إلا في عام 1990.
وخلال فترة سجن مانديلا، تعاظم دور ويني السياسي، وربما عاد جزء من ذلك إلى المضايقة المستمرة التي كانت تتعرض لها من الأجهزة الأمنية في جنوب أفريقيا.
وباتت رمزا عالميا لمقاومة الفصل العنصري ونقطة استقطاب للسود الفقراء من سكان الضواحي والمناطق (الخاصة بالسود في نظام الفصل العنصري) المطالبين بحريتهم.
"أم الأمة"
وأدت مقاومتها للمضايقات الأمنية وبطولتها في مكافحة الفصل العنصري إلى قضائها فترات في السجن بدءا من عام 1969، قضت كثيرا منها في الحبس الانفرادي.
في عام 1976، وهو العام الذي اندلعت فيه أحداث تمرد وشغب في سويتو، عوقبت بالنفي من المدينة إلى منطقة ريفية نائية.
وفي إحدى المراحل أُحرق منزلها، ويشتبه في مسؤولية القوات الأمنية في جنوب أفريقيا عن هذا الفعل.
وقد قاد ذلك إلى أن تلقب بلقب "أم الأمة".
بحلول منتصف الثمانينيات، وبدء فترة طويلة من الصدامات المسلحة في مناطق سكن السود ضد حكومة البيض برئاسة بي دبليو بوثا، عادت إلى سويتو لتكون في قلب هذا الكفاح.
وقد جلبت لها صورتها ونشاطاتها العديد من الناشطين ضد الفصل العنصري الذين التفوا حولها، وبضمنهم مجموعة من الشباب الذين أصبحوا حراسا شخصيين لها لاحقا.
وأصبحوا يعرفون باسم "نادي كرة مانديلا يونايتد".
وقد أعطاها حضورها البارز تأثيرا كبيرا على الشباب، وناشطي ضواحي السود المتشددين، كما أثار في الوقت نفسه جدلا متناميا بشأنها.
وعندما شن الناشطون حملة ضد المخبرين والمتعاونين مع السلطات الحكومية، واستخدموا الإطارات المطاطية التي تملأ بالنفط كأسلحة للقتل، عرفت باسم "القلائد" وأصبحت واسعة الانتشار، بدا أنها قد أقرت في أحد التجمعات وبشكل مثير للجدل استخدامها.
وجاء أعظم خلاف بشأنها عندما اتهمها ناشطون بارزون مضادون للفصل العنصري بالضلوع في قتل مسلح من أحدى ضواحي السود بعمر 14 عاما يدعى ستومبي سيبي.
طلاق وعار
وقد اعتقل حرس ماديكيزَلا-مانديلا الصبي ستومبي في عام 1989 ثم وجد ميتا لاحقا.
واتهمها قياديون في حزب المؤتمر الوطني بالوقوف وراء عملية القتل وبإدارة مناطق رعب افتراضية في بعض أنحاء سويتو.
وواصل مانديلا من داخل سجنه دعمه لزوجته.
وقد اتهمت بعد إطلاق سراحه في عام 1991 بالاعتداء على ستومبي واختطافه، كما اتهم أحد حراسها الشخصيين بقتله.
ونفت هذه الاتهامات، لكن المحكمة وجدتها مذنبة في عملية الاختطاف وحكمت عليها بالسجن لست سنوات.
وقد خفض الحكم إلى غرامة في محكمة الاستئناف.
وقد تدهورت علاقتها الزوجية مع مانديلا في السنوات التي اعقبت إطلاق سراحه، لينفصلا في عام 1996.
واتهمها الرئيس مانديلا بالخيانة الزوجية، وفي العام نفسه أقالها من منصب وكيل وزارة الثقافة والفنون، وهو المنصب الحكومي الوحيد الذي تولته منذ انتهاء حكم الأقلية البيضاء.
ولم يؤثر انفصالها عن مانديلا كثيرا على مكانتها السياسية بين الفقراء السود في جنوب أفريقيا، الذين رأوا فيها صوتا لهم في وقت تبنى حزب المؤتمر الوطني الحاكم سياسة مؤيدة للشركات ورجال الأعمال.
لكنها أصبحت في الوقت نفسه تعرف بنمط حياتها الباذخ والمسرف، إذ جاءت للإدلاء بشهادتها أمام لجنة الحقيقة والمصالحة بسيارة مرسيدس ليموزين بيضاء محاطة بحرسها الشخصي.
في عام 2003، عانت ماديكيزَلا-مانديلا من ضربة أخرى عندما أدانتها محكمة بالاحتيال والسرقة لصلتها بفضيحة اقتراض بنكي.
ووصفها حكم المحكمة بأنها روبن هود جديد، إذ تجلب قروضا بشكل احتيالي لأناس معوزين في حاجة ماسة للمال، لكنها قالت إنها بوصفها شخصية عامة بارزة يجب أن تُعرّف بشكل أفضل.
وأسقطت مجكمة استئناف حكم السرقة، لكنها أبقت حكم الاحتيال المالي، والحكم عليها بالسجن لثلاث سنوات ونصف مع وقف التنفيذ.
وقد أضر ذلك بحياتها المهنية، لكنها ظلت تحظى باحترام داخل حزب المؤتمر الوطني، ومنصب نائب في البرلمان حتى وفاتها.
وفي مؤتمر الحزب في عام 2007، انتخبت لعضوية أعلى هيئة قيادية في الحزب، هي اللجنة التنفيذية الوطنية، وفي الانتخابات العامة في عام 2009، كانت في المركز الخامس بين قائمة مرشحي الحزب لعضوية البرلمان، في إشارة واضحة إلى أن جاكوب زوما، الرئيس لاحقا، كان يرى أن لها ثقلا انتخابيا مميزا.
لكنها اصطدمت به لاحقا وأصبحت راعية للقائد الشاب جوليوس ماليما.
السنوات الأخيرة
ووصفت ماديكيزَلا-مانديلا بأنها ظلت حاضرة حتى في اللحظات الأخيرة من حياة زوجها السابق في عام 2013 ، وظهرت في موضع بارز خلال مراسم تأبينه.
وبعد وفاة مانديلا، دخلت في معركة قضائية بشأن منزله الريفي، الذي أرادته أن يكون من حصة ابنتيه، زينزي وزيناني، بيد أن المحكمة العليا اكدت الحكم بأنه ليس لديها الحق بالمطالبه به في يناير عام 2018.
وفي الشهر نفسه، كرمت بمنحها درجة فخرية من جامعة ماكريري في أوغندا لنشاطها في مكافحة الفصل العنصري.
وقد حصلت على إجازة من البرلمان في مارس 2018 لأسباب صحية، إلا أن الأضواء ظلت مسلطة على حياتها السياسية.
وقد اكد متحدث باسم العائلة وفاتها في 2 أبريل عن عمر 81 عاما.
وقالت عائلتها إنها كانت تعاني من "المرض لفترة طويلة"، وقد أدخلت إلى المستشفى مرات عديدة في الأشهر الأخيرة من حياتها.
وقال المتحدث فيكتور دلاميني في بيان" لقد رحلت بسلام في الساعات الأولى بعد ظهر الاثنين محاطة بعائلتها ومحبيها".
فيديو قد يعجبك: