التاريخ يعيد نفسه.. نتنياهو وإيران تكرار لسيناريو صدام وأسلحة الدمار
كتب – محمد الصباغ:
وقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اليوم الإثنين، أمام شاشة عرض كبيرة وبجواره مجموعة من الملفات وعدد كبير من الأقراص المدمجة، قال إنها تحوي معلومات وأدلة قاطعة عن البرنامج السري النووي لإيران.
عرض نتنياهو صورًا وبحسب قوله كانت لأنشطة عززت بها إيران برنامجها النووي بعد الاتفاق النووي في عام 2015، وبالتالي فقد كذبت في حديثها عن التخلي عن سعيها نحو تطوير أسلحة نووي.
تحدث رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي لم توقع دولته حتى الآن على معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، وقال إن إيران أخفت أرشيفها النووي السري في طهران، مضيفًا أن البرنامج النووي الإيراني يحمل اسم "عماد" لتصميم وبناء وتطوير الأسلحة النووية".
كما نشر صورا لما قال إنها منشأة سرية لبناء عناصر جوهرية للأسلحة النووية، وأشار نتنياهو أيضًا إلى أن إيران توسع نطاق صواريخها الباليستية.
تخشى إيران من حصول أي دولة بالمنطقة على أسلحة نووية أو حتى إن كانت مجرد مساع أو جهود. وكان نتنياهو وقف أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في العام الماضي وحاول أن يوضح أمام رؤساء وقادة الدول الأعضاء أن إيران تسعى لامتلاك سلاح نووي مستعينًا بلافتات وأوراق عرضها أمام الحضور.
وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف استبق مؤتمر نتنياهو اليوم وأشار في تغريدة على حسابه بموقع تويتر إلى خداع يمارسه نتنياهو. وكتب بعد المؤتمر الإسرائيلي أن كل ما تحدث عنه نتنياهو مجرد ادعاءات كاذبة.
طالما انتقد نتنياهو، الاتفاق النووي الذي صنعته القوى الغربية مع إيران في عام 2015، وسانده في ذلك الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي هدد بالانسحاب من الاتفاق إذا لم يتم معالجة بعض ما أسماه بالقصور في مواده.
حديث رئيس الوزراء الإسرائيلي اليوم وفي الأشهر الأخيرة عن التورط الإيراني وسعيهم نحو امتلاك سلاح نووي، أعاد إلى الأذهان تصريحات سابقة له وتشجيع أمام الكونجرس الأمريكي على غزو العراق في عام 2002.
قال نتنياهو حينها إن المنطقة ستكون أفضل إذا تم الإطاحة بصدام حسين ونظامه، وزعم آنذاك بأدلة أيضًا أن العراق يطور أو يمتلك أسلحة دمار شامل.
أعلنت منظمة حظر الأسلحة النووية آنذاك أن مفتشيها لم يعثروا على أسلحة دمار شامل في العراق، ما دفع آنذاك الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن إلى صناعة حملة دولية للبحث عن تحالف لدعم الولايات المتحدة في ضرب العراق.
تحدث كثيرًا في عام 2002 عن ضرورة التحرك ضد الرئيس العراقي صدام حسين ووصفه بأنه تهديد للسلم والأمن الدوليين.
حينها كان رئيس الوزراء الإسرائيلي في جلسة استماع بالكونجرس، وتحدث أيضًا عن التهديد العراقي وأكد على ذلك في حوار مع شبكة "سي إن إن" الأمريكية حول الغزو المحتمل للعراق.
وقال نتنياهو إن هناك دليلًا على انتهاك العراق لقرارات مجلس الأمن الدولي، وقال إنه لا حاجة لامتلاك تأييد من الأمم المتحدة على ذلك. وتابع "من الجيد أن تمتلك ذلك. لكنه غير مهم".
وتحدث نتنياهو عن أن صدام حسين في عام 1981 كان قريب من صنع قنبلة نووية، وقصفته إسرائيل وآنذاك "لم نتناقش مع الأمم المتحدة. إسرائيل تحركت".
واعتبر آنذاك أيضًا أن محاولات بوش الابن وسعيه نحو صناعة غطاء دولي لضرب العراق كان مضيعة للوقت وقال إن إسرائيل والولايات المتحدة ودول أخرى لن تسمح بوجود عالم يسعى فيه صدام حسين لامتلاك قنبلة نووية.
وفي حواره مع "سي إن إن" في بداية الألفية الحالية، كان الحديث مشابهًا إلى ما قاله اليوم في مؤتمره حول إيران، وقال إن المفتشين الدوليين لن يصلوا إلى المناطق التي يطور فيها صدام حسين أو يمكنه تصنيع مواد يحتاجها لإنتاج سلاح نووي.
وفي حديثه اليوم قال إن طهران أخفت كل برنامجها النووي في أماكن سرية ومستمرة في تعزيزه في خداع للدول التي وقّعت معها الاتفاق النووي.
وشرح نتنياهو في حواره عام 2002 أيضًا كيف أن صدام أخفى في مواقع صغيرة جدًا وغير معلومة الأدوات التي يمكن استخدامها لتطوير سلاح نووي. وتحدث بأرقام واضحة أيضًا عن 50 مكانًا سريًا.
بعد عرض نتنياهو اليوم واستعراضه للبرنامج النووي السري لإيران، قال إن تل أبيب سترسل خبراء إلى كل من فرنسا وألمانيا لعرض معلوماتها الاستخباراتية بشأن ملف إيران النووي. وقال إنه أطلعهم قادة فرنسا وألمانيا وروسيا على ما جاء في المؤتمر الذي نظمه اليوم.
وأكدت دول روسيا وفرنسا وألمانيا التزامهم بالاتفاق النووي مع إيران، وإن كانت فرنسا وافقت الولايات المتحدة الامريكية على العمل على إجراء تعديلات بالاتفاق خوفًا من خروج واشنطن وانسحابها منه.
إيران بدورها واجهت تهديدات الخروج بالإعلان أنها سوف تنسحب من الاتفاق النووي إذا فعلت أمريكا ذلك.
وذكرت شبكة سكاي نيوز العربية اليوم أن الحكومة الألمانية دعت وكالة الطاقة الذرية إلى تقييم المعلومات الإسرائيلية عن الأنشطة النووية الإيرانية بشكل فوري. وأضافت أنها سوف تحلل المعلومات الإسرائيلية بشكل دقيق.
لكنها أشارت أيضًا إلى أن الاتفاق النووي مع إيران "تضمن عمليات تفتيش غير مسبوقة بسبب الشكوك حول سلمية البرنامج النووي الإيراني".
من المنتظر ان يتخذ ترامب قرارًا حول إيران في يوم الثاني عشر من شهر مايو المقبل، وفيه قد يحاول العمل على إجراء تعديلات على الاتفاق ويكون الحوار مع طهران والدول الكبرى هو سبيله. وربما يقرر مثلما فعل بوش الابن في السابق ويتحرك بمباركة إسرائيل نحو إعادة العقوبات على إيران التي رُفعت كجزء من الاتفاق النووي، وبالتالي سيمثل ذلك انسحابًا بشكل فردي قد ترد إيران عليه بإعلان انسحابها أيضًا.
فيديو قد يعجبك: