إعلان

وزير المالية الفرنسي للأوروبيين: لا تكونوا "تابعين" للولايات المتحدة

12:17 م الجمعة 11 مايو 2018

وزير المالية الفرنسي برونو لو مير

كتب – سامي مجدي:

دعا وزير المالية الفرنسي برونو لو مير الدول الأوروبية إلى التصدي بقوة أكثر لإدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فيما يخص الاتفاق النووي الإيراني وألا تكون "تابعة" للولايات المتحدة.

وأعلن ترامب الثلاثاء الماضي انسحاب بلاده من الاتفاق الإيراني الموقع في 2015، وإعادة فرض العقوبات التي كانت قد تم رفعها من على طهران التزاما ببنود الاتفاق الذي وقعته إدارة الرئيس السابق باراك أوباما.

وهددت واشنطن بفرض عقوبات على الشركات الأجنبية المتعاونة مع إيران وامهلتها ستة أشهر للالتزام. وأفادت تقارير بأن مستشار الأمن القومي الأمريكي، جون بولتون، قال إن على الشركات الأوروبية التي تعمل في إيران أن توقف أنشطتها خلال تلك الفترة، وإلا واجهت عقوبات أمريكية.

"الشرطي الاقتصادي للعالم"

وقال الوزير الفرنسي لو مير اليوم الجمعة لمحطة إذاعة أوروبا -1 إن أوروبا يجب ألا تقبل بأن تكون الولايات المتحدة "الشرطي الاقتصادي للعالم"، معربا عن رغبته في أن تكون الشركات الأوروبية قادرة على مواصلة التجارة مع إيران على الرغم من قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإعادة فرض العقوبات.

اقترح لو مير إنشاء هيئة أوروبية لها نفس الصلاحيات التي تتمتع بها وزارة العدل الأمريكية في فرض عقوبات على الشركات الأجنبية لممارساتها التجارية.

ويبذل الأوروبيون جهودا حثيثة من أجل الحفاظ على العلاقات الاقتصادية التي أقاموها مع إيران منذ توقيع الاتفاق في 2015.

وتفرض العقوبات الأمريكية الجديدة على الشركات في جميع أنحاء العالم التوقف عن التعامل التجاري مع إيران أو المخاطرة بفرض غرامات أمريكية أو غيرها من العقوبات.

وقالت وزارة الخزانة الأمريكية إن العقوبات تستهدف الصناعات المذكورة في الاتفاق، ومن بينها قطاع النفط الإيراني، وتصدير الطائرات إلى إيران، ومحاولات الحكومة الإيرانية شراء عملات ورقية من الدولارات.

لن تقتصر العقوبات على منع الشركات الأمريكية من التعامل مع إيران، لكنها ستضر بالشركات الأجنبية بمنعها من استخدام البنوك الأمريكية ما لم تقطع علاقاتها مع إيران.

وتساءل لومير "هل نريد أن نكون من التابعين الذين يطيعون القرارات التي تتخذها الولايات المتحدة بينما يتشبثون بحاشية بسراويلهم، أم أننا نريد أن نقول إننا لدينا مصالحنا الاقتصادية، ونحن نعتبر أننا سنواصل التجارة مع إيران؟"

وقد تخسر الشركات الأوروبية والأمريكية مليارات الدولارات في صفقات تجارية تم توقيعها منذ الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015، وتفقد إمكانية الوصول إلى سوق تصدير جديدة كبرى. قال ترامب إن الاتفاق النووي لعام 2015 الذي سمح برفع العقوبات لم يكن قويا بما فيه الكفاية بالنسبة لإيران.

ومن المحتمل أن تكون شركتا صناعة الطائرات ايرباص وبوينج وشركات النفط وصناع السيارات مثل رينو وبيجو الفرنسيتين من بين الشركات الأكثر تضررا.

"لا أوهام"

وقال لو مير إن فرنسا تدفع باتجاه إعفاءات لشركاتها، لكن ليس لديه "أوهام" بشأن رد أمريكي سخي.

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسي (فرانس برس) الأربعاء عن مسؤول في الرئاسة الفرنسية قوله إن المسؤولين الأوروبيين سيبذلون "كل جهد" ممكن لحماية مصالح شركاتهم العاملة في إيران عقب قرار ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران وإعادة فرض العقوبات على طهران.

وفي مقابلة مع صحفية لوباريزيان نشرت الخميس، قال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان يوم الخميس إن العقوبات التي أعاد ترامب فرضها على الشركات الأجنبية العاملة في إيران "غير مقبولة"، مشددا على أنه يجب التفاوض في شأنها مع الأوروبيين.

وأضاف لودريان "نقول للأمريكيين إن التدابير العقابية التي سيتخذونها تخصّهم. الأوروبيون ليسوا مضطرين لدفع ثمن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاقية التي ساهموا هم أنفسهم بها".

وشدد لودريان على ضرورة أن يضع الأوروبيون "الإجراءات اللازمة لحماية مصالح شركاتنا، وبدء مفاوضات مع واشنطن في شأن هذا الموضوع".

أفضيلة للشركات الروسية

وفي ظل حالة الترقب في الأوساط الاقتصادية الأوروبية، تقف الشركات الروسية في موقع أفضيلة، بحسب محللين تحدثوا إلى فرانس برس.

وقال خبير السياسة الروسي المستقل فلاديمير سوتنيكوف إن "الاتفاق ورفع العقوبات أديا الى عودة الشركات الاوروبية الى إيران والى منافسة قوية لكن استمرارها يواجه صعوبات اليوم ما يفسح المجال بشكل أكبر أمام روسيا".

وروسيا وإيران من أقرب الحلفاء، ويشاركان بقوة في دعم بقاء الرئيس السوري بشار الأسد. كما وسعى البلدان حتى قبل توقيع الاتفاق النووي إلى تعزيز الروابط الاقتصادية بينهما رغم العقوبات الدولية المفروضة على طهران.

ونقلت فرانس برس عن إيغور دولانوي من المرصد الفرنسي الروسي قوله إن "الشركات الأوروبية أكثر تعرضا إزاء السوق الأمريكية وعليها الالتزام بها لتفادي المشاكل بينما روسيا أبعد وبالتالي ليس لديها الكثير لتخسره".

من شأن هذا الوضع ان يعزز من جديد التبادلات الاقتصادية بين إيران وروسيا والتي تشهد تراجعا منذ بضع سنوات رغم الدور الذي يلعبه العملاق الروسي "روساتوم" في القطاع النووي المدني الإيراني وعملاقا النفط "لوك-اويل" و"روسنفت" في استثمار الموارد النفطية لإيران.

وأضاف دولانوي أن التبادل التجاري الثنائي بلغ 1,7 مليارات دولار في 2017 أي بتراجع بنسبة 20 في المئة بالمقارنة مع العام السابق وأقل بكثير من قيمتها في أواخر الألفية الماضية عندما تجاوزت ثلاثة مليارات دولار.

إخفاق أوروبي

حاولت الحكومات الأوروبية على مدى شهور إقناع ترامب بالالتزام بالاتفاق، لكنها أخفقت، وتخشى الآن أنها ستزيد من خطر الصراع في المنطقة. وتصاعدت التوترات العسكرية بين إيران وإسرائيل، وترتفع أسعار النفط بسبب حالة عدم اليقين.

ومن المتوقع أن يجتمع كبار الدبلوماسيين من إيران وفرنسا وبريطانيا وألمانيا في أوائل الأسبوع المقبل لمناقشة خطواتهم المقبلة.

وفي خطابه الثلاثاء، قال الرئيس الأمريكي إن الولايات المتحدة ستنسحب من "خطة العمل المشتركة الشاملة"، واصفا الاتفاق بأنه "بشع، وأحادي الجانب، وما كان ينبغي أبدا التوصل إليه".

وأضاف أنه، بدلا من حماية الولايات المتحدة، وحلفائها، فإن الاتفاق وضع "قيودا ضعيفة جدا على أنشطة النظام النووية، ولم يضع حدا على الإطلاق، لسلوك إيران الآخر الضار، ومن ذلك أنشطتها الشريرة في سوريا، واليمن، وأماكن أخرى".

وأشار الرئيس إلى أن الاتفاق لم يتعامل مع تطوير إيران لصواريخ باليستية، وأن آليات التفتيش لم تكن قوية بالقدر الكافي.

وفي ردها على القرار الأمريكي الذي كان متوقعا إلى حد بعيد، قالت إيران إنها ستبدأ تخصيب اليورانيوم، إن لم تتمكن الأطراف من الحفاظ على الاتفاق.

وقال الرئيس حسن روحاني في بيان: "أمرت وزارة الخارجية بالتفاوض مع الدول الأوروبية، والصين، وروسيا خلال الأسابيع المقبلة... إذا حققنا أهداف الاتفاق في التعاون مع الدول الموقعة عليه، فسوف يظل معمولا به".

وبموجب الاتفاق، وافقت إيران على الحد من حجم مخزونها من اليورانيوم المخصب، الذي يستخدم في وقود المفاعلات، وفي الأسلحة النووية، لمدة 15 عاما، وتقليص عدد أجهزة الطرد المركزي الموجودة لتخصيب اليورانيوم لمدة 10 سنوات.

كما وافقت على تعديل منشآت نووية تعمل بالمياه الثقيلة بحيث لا تسمح بإنتاج بلوتونيوم مناسب لصنع قنابل نووية.

في المقابل رفعت العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة، والولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي على طهران، التي كانت تشل الاقتصاد الإيراني على مدى سنوات طويلة.

وأعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة في أعقاب انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق إن إيران ملتزمة بما عليها من تعهدات بموجب الاتفاق.

وبعد تبني الاتفاق، أشارت تقديرات إلى أن المدة التي تحتاجها إيران لجمع كميات كافية من اليورانيوم المخصب أو البلوتونيوم لتصنيع سلاح نووي تصل إلى 12 شهرا، في حال قررت ذلك. لكن خبراء يقولون إنها تحتاج لسنوات لتمتلك ترسانة نووية فاعلة.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان