الجارديان: ترامب يدمر إرث أوباما
-
عرض 3 صورة
-
عرض 3 صورة
-
عرض 3 صورة
كتب - هشام عبد الخالق:
أدى انسحاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من الاتفاق النووي الإيراني لردود فعل مختلفة حول العالم، حيث احتفل المتشددون المحافظون بهذا، في الوقت الذي صُدم فيه القادة الأوروبيون، ولكن رد الفعل الأبرز كان للرئيس السابق باراك أوباما.
أوباما، كان هو من وقّع الاتفاق عام 2015، وتعليقًا على الانسحاب الأمريكي، كان له رد فعل قوي في واحدة من المرات القليلة التي يعلق فيها على أحداث الساحة السياسية الأمريكية، حيث قال في تصريح: "قرار ترامب كان مُضلل وخطأ فظيع".
انسحاب ترامب من الاتفاق النووي الذي وقعه أوباما، كان آخر مثال على هجوم ترامب العنيف على الإرث الذي تركه أوباما، من اتفاقية باريس للمناخ للعدالة الجنائية وصولًا إلى العلاقات الدولية، وكان هذا مثالًا على ما يريده رئيس من هدم ما قام به سابقه.
صحيفة الجارديان البريطانية، تحدثت مع عدد من السياسيين والمحللين، وكان منهم تومي فييتور، المتحدث السابق باسم مجلس الأمن القومي في عهد أوباما، والذي قال: "الأمر الوحيد الذي ينعش ويوحد وجهات نظر ترامب في السياسة، هو معاداة أوباما، فهو شخص مثير للشفقة وانتقامي، وهو يعرف، ربما أفضل من أي شخص آخر، كيف يوحد جهود الجمهوريين ضد قرارات أوباما السابقة، وهذا لأنه قضى سنوات في شحذ الناس وإخبارهم الأكاذيب عن أوباما".
من البداية، حسبما تقول الصحيفة، لم يكن هناك من يتخيل أن يخلف أوباما - البالغ من العمر 56 عامًا - ذو الفكر مختلط الأعراق والذي تزوج من ميشيل لمدة ربع قرن، الرئيس الحالي دونالد ترامب - البالغ من العمر 71 عامًا - رجل الأعمال أبيض البشرة، والذي تزوج ثلاث مرات وكان نجمًا لتلفزيون الواقع الأمريكي، وتفاخر بقيامه بلمس الأجزاء التناسلية للنساء، والمقارنة هنا ستكون ظالمة للغاية بين الرئيسين، فأحدهما - وهو باراك - يقرأ كثير من الكتب المتنوعة، والآخر - ترامب - لا يقرأ على الإطلاق، لذا لم يكن هناك أي فرصة أن تتلاقى عقليتيهما في أي شيء سوى في حبهما للعبة الجولف.
الصراع بين الرئيسين بدأ منذ وقت طويل، وتحديدًا في عشاء جمعية مراسلي البيت الأبيض عام 2011 الذي استضافه أوباما، حيث شكك ترامب حينئذ - والذي كان ضمن الحضور - في ما إذا كان أوباما وُلد في أمريكا حقًا، ليرد عليه أوباما في الحفل عارضًا صورة مُعدلة باستخدام برامج الكمبيوتر تسخر من البيت الأبيض إذا ما سكنه ترامب، حيث كُتب عليها: "فندق، كازينو، وملعب للجولف"، وتقول الصحيفة: "بعد أربع سنوات من هذه الواقعة قال أحد صحفيي مجلة "نيويوركر": كانت إهانة ترامب واضحة جليّة، وكان ينظر للأسفل ولم يتحرك أو يغير من تعبيرات وجهه في الوقت الذي كان الجميع من حوله يضحك".
ويتسائل الكثير من المؤرخين حاليًا فيما إذا كانت هذه هي اللحظة التي قرر فيها ترامب أن يرشح نفسه للرئاسة ليحطم كل ما تبقى من إرث أوباما، وبالطبع بداية من اليوم الذي أعلن فيه ترشحه للرئاسة في يونيو 2015، واصفًا المهاجرين المكسيكيين بالمغتصبين والقتلة، أوضح أنه من المُعادين لإدارة وأفكار ترامب، وأبهجت أفعاله وسائل الإعلام وكذلك قاعدة كبيرة من الجمهوريين، الذي رأوا في ترامب شخصًا قد يحقق أحلامهم وطموحاتهم.
خلال حملته الانتخابية ضد المرشحة هيلاري كلينتون، وعد ترامب بإلغاء الإنجازات التي حققها أوباما، ووصف اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ بأنها "اغتصاب لدولتنا"، وقال أيضًا: إنه "لا يعتقد أن الاحتباس الحراري خطرًا عظيمًا"، وتعهد بإلغاء اتفاقية باريس للمناخ، ووصف الاتفاق النووي الإيراني بـ "الكارثة" وأسوأ صفقة تم التفاوض عليها على الإطلاق.
جون هوداك، أحد الباحثين بخلية تفكير تابعة لمعهد بروكينجز في واشنطن قال: "يختلف ترامب أيديولوجيًا مع الكثير مما حققه أوباما، لكن من المهم أن نتذكر أن هذه كانت وعودًا في حملته الانتخابية ليس من العدم، وهذا ما أراده ناخبيه، ما يفعله الرئيس لا يعد صادمًا على الإطلاق، بالنظر للوعود التي أطلقها في حملته الانتخابية".
بعد فوز ترامب في الانتخابات بوقت قليل وقبل تنصيبه رسميًا، استضافه أوباما في البيت الأبيض لمدة ساعة ونصف تقريبًا، وظهر على محيا ترامب الدهشة من ترحاب أوباما به، ولكن منذ يوم التنصيب لم يتحدث الرئيسان على الإطلاق، ويصف هوداك هذا بالـ "غريب"، متذكرًا واقعة قتل أسامة بن لادن التي كانت في الفترة الأولى من ولاية أوباما، وحين تم التأكد من القتل، اتصل على الفور بسابقه جورج بوش الابن، ليبلغه بهذا الخبر.
ويقول هوداك عن هذا: "من الضروري هنا ذكر أن ترامب لا يحبذ أن يستمع لأفكار لا تميل إلى معتقداته، فإذا اتصل بأوباما سائلًا إياه "هل يمكنك أن تدلني على أفضل طريقة للتعامل مع الاتفاق النووي الإيراني؟" سيسمع أشياء في الغالب لن يحبذها ولا تتفق مع تركيبته العقلية، من الممكن هنا أن يتحدث مع بيل كلينتون أو جورج بوش الأب، ولكن لماذا يضيع وقتهما؟".
وتضيف الصحيفة: "في جنازة باربرا بوش الأخيرة، لوحظ وجود بوش الأب وبوش الابن وزوجته، وبيل كلينتون وزوجته، وباراك أوباما وزوجته، ومعهم السيدة الأولى الحالية ميلانيا ترامب، في حين لم يكن زوجها الرئيس الحالي دونالد ترامب موجودًا بشكل يثير الدهشة".
والآن - كما تقول الصحيفة - يحاول ترامب جاهدًا إلغاء ما قام به أوباما بشكل سريع، حيث أوفى بوعوده في سحب واشنطن من اتفاقيات الشراكة عبر المحيط الهادئ، باريس للمناخ، والاتفاق النووي الإيراني، وعكس جزئيًا ما وصفه بـ "الصفقة الفظيعة والمضللة" مع كوبا، وأعاد فرض بعض القيود على التجارة والسفر، وطلب من البنتاجون (وزارة الدفاع) أن يحذفوا البند الخاص بالسماح للمتحولين جنسيًا بالانضمام إلى الجيش الذي كان تم الموافقة عليه في عهد أوباما.
وكان ترامب مختلفًا عن سابقه أيضًا في تعبيره عن إعجابه بالرجال الأقوياء، مربكًا حلفاء الولايات المتحدة، وعلى ما يبدو فترامب ينظر إلى العلاقات الدولية من خلال منظور شخصي، لدرجة أن الصحيفة وصفت ما يحدث بأنه استبدال لعهد أوباما الذي "لم يكن دراميًا بالحد الكافي"، وإحلال عهد الرئيس ترامب "الفوضوي، غير المتوقع والذي يحل مشاكله الدبلوماسية عن طريق تويتر".
وتابعت الصحيفة، بالنسبة للشؤون الداخلية، فإن ما يصرح به من إجراءات حول حقوق الإجهاض، حيازة الأسلحة، والعلاقات بين الأعراق تكشف تغيرًا بلغ 180 درجة، حيث أعلن عن خطط لإلغاء برنامج "داكا" وهو برنامج تم إنشاؤه في عهد أوباما للسماح للناس التي تم إحضارها إلى الولايات المتحدة بشكل غير قانوني كأطفال، بالعيش مؤقتًا في أمريكا، كما أنه ألغى مئات اللوائح الحكومية في مجالات عديدة مثل الهجرة، وحياد الإنترنت، الهواء النظيف، والمياه.
وقال لانهي شين، أحد الباحثين في معهد هوفر بكاليفورنيا: "ليس من غير المعتاد أن يريد الرئيس الحالي في إتمام الأمور بطريقة تختلف عن سابقه، سأقول إن نطاق وطموح جهود ترامب للقيام بذلك أمر رائع، وتحديد مدى جودة أو سوء الأمر تعتمد في وجهة النظر التي تتبناها".
ولكن على الرغم من كل هذه الإجراءات، فشل ترامب في إلغاء أكبر الإنجازات المحلية التي حققها أوباما، وهي قانون الرعاية الصحية الذي يعتبره الكثيرون أبرز ما حققه أوباما محليًا، وفشل ترامب في إقناع الجمهوريين بالموافقة على إلغاء هذا القرار حتى الآن، ولكن يعتقد المحللون أن الجمهوريين حاولوا تخريب البرنامج، وذلك عن طريق قوانين الإصلاح الضريبي وعدة وسائل أخرى.
بعض النقاد يرون أن ما يقوم به ترامب يعبر عن عدم فهم لكثير من الأمور السياسية الداخلية والخارجية، حيث يقول بوب شرام، محلل استراتيجي ينتمي للحزب الديمقراطي في ختام تقرير الصحيفة: "يبدو أن مبادئ ترامب التوجيهية تتمثل في إلغاء ما قام به أوباما، مندفعًا لتحقيق ذلك بعدائه له، ونعرف جميعًا أن ترامب لا يؤمن بآرائه الشخصية، لذلك أصبح يشير إلى أوباما دائمًا بالسلب".
فيديو قد يعجبك: