10 مايو... إعلان موعد اللقاء المنتظر
كتب سامي مجدي:
في العاشر من مايو الجاري أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب موعد اللقاء المنتظر مع زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون. قال ترامب إنه تحدوه آمال كبيرة في أن يفعل "شيئا جادا جدا" للحد من طموحات كوريا الشمالية النووية خلال قمة في سنغافورة في 12 يونيو المقبل.
القمة التاريخية بين ترامب وكيم جونغ أون تأتي بعد أشهر من التصعيد، حتى بات كثيرون يعتقدون أن قمة مثل هذه لا يمكن أن تحدث في المستقبل القريب.
جاء إعلان ترامب عن موعد انعقاد القمة بعد ساعات من عودة ثلاثة أمريكيين أفرجت عنهم كوريا الشمالية. كتب ترامب في تغريدة "اللقاء المرتقب جدا بين كيم جونغ اون وبيني سيعقد في سنغافورة في 12 يونيو. سنعمل معا لجعلها لحظة مهمة جدا من أجل السلام العالمي".
تشكل القمة المرتقبة منعطفا تاريخيا في العلاقات بين البلدين. فهي الأولى بين أي رئيس أمريكي ورئيس كوري شمالي من انقضاء الحرب الكورية (1950-1953) بهدنة بين طرفي النزاع، وهو ما يجعل كوريا الشمالية لا تزال في حالة حرب رسميا مع الولايات المتحدة وحليفتها كوريا الجنوبية.
وهي تأتي بعد حرب كلامية حادة بين الزعيمين على مدى أشهر مع تبادل التهديدات والإهانات.
فالرئيس الأمريكي لم يتوقف من قبل توليه الرئاسة رسميا عن توجيه الإهانات والاستهزاء بكيم جونغ أون؛ إذ وصفه في أبريل 2017 على أنه "رجل مجنون يملك السلاح النووي". كما استهزأ بوزنه الزائد وكيفية وصوله إلى الحكم في سن مبكرة.
هذا بخلاف تهديده المتواصل بأنه لن يسمح لكوريا الشمالية بتطوير سلاح نووي قادر على بلوغ الأراضي الأمريكية.
على الجانب الاخر، لم يكد يمر ستة أشهر على رئاسة ترامب، حتى فاجأ كيم العالم بتجربتين لصاروخين باليستيين عابرين للقارات في يوليو 2017، وأعلن أن البر الرئيسي للولايات المتحدة باتت في مرمى صواريخه.
رد ترامب مهددا "بالنار والغضب" إذا واصلت كوريا الشمالية تهديد بلاده.
لم ترتدع كوريا الشمالية. فبعد أسابيع من تصريح ترامب أطلقت صاروخا باليسيتا عبر فوق اليابان، وبعدها في الثالث من سبتمبر، أجرت تجربتها النووية السادسة مؤكدة أنها قنبلة هيدروجينية يمكن تزويد صاروخ بها.
في نفس الشهر وهلال الجمعية العامة للأمم المتحدة، أطلق ترامب في أول خطاب له أمام المحفل الأممي على كيم لقب "رجل الصاروخ" في "مهمة انتحارية." وحذر وقتها من أن الولايات المتحدة "لن يكون لديها خيار سوى تدمير كوريا الشمالية بالكامل" إذا تعرضت للتهديد.
كما فرضت الإدارة الأمريكية مجموعة عقوبات مشددة على بيونغيانغ لوقف برنامجها النووي والباليستي.
إلا أن كيم رد على ترامب في خطابه السنوي بمناسبة حلول السنة الجديدة؛ إذ حذر أن لديه "زرا نوويا" على طاولته. لكنه خفف من تصريحاته وألمح إلى اهتمامه بالحوار مع ترامب.
لجأ ترامب إلى تويتر ليرد على "زر كيم النووي"، حيث كتب يقول "لقد صرح زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ اون بأن لديه زرا نوويا على طاولته في جميع الأوقات. هل يمكن ان يبلغه شخص من نظامه المتهالك والجائع بأن لدي أنا أيضا زر نووي، ولكنه أكبر وأقوى. كما أن زري يعمل".
في خضم تلك التوترات، التي وضعت شبه الجزيرة الكورية على صفيح ساخن، كانت هناك قنوات خلفية تعمل في هدوء. بدأت بوادر تلك القنوات في الظهور مع دورة الألعاب الأوليمبية الشتوية في فبراير 2018.
شاركت كوريا الشمالية في الألعاب، وسار وفدها إلى جانب وفد كوريا الجنوبية في حفل الافتتاح. وصافح الرئيس الكوري الجنوبي مون جاي-ان في خطوة تاريخية شقيقة الزعيم الكوري الشمالي كيم يو جونغ. كما أن ابنة ترامب إيفانكا حضرت الحفل إلى جانب كبار المسؤولين من الطرفين.
مع ذلك أبقت واشنطن على ضغوطاتها على بيونغيانع. وفرضت في نفس الشهر أكبر سلسلة عقوبات على كوريا الشمالية التي وصفت الخطوة بأنها "عمل من أعمال الحرب."
ومع بداية شهر مارس بدا أن هناك مؤشرات للتخفيف من حدة التوتر. ففي الثامن من مارس، قال مسؤول كوري جنوبي من البيت الأبيض إن الزعيم الكوري الشمالي ""سيمتنع عن اي تجارب إضافية نووية أو صاروخية."
لم يكتفِ المسؤول الكوري الجنوبي بذلك بل زاد أن كيم جونغ أون دعا ترامب إلى لقائه، وأن الأخير قبل الدعوة.
وقبل ثلاثة أسابيع، جرت قمة تاريخية بين الكورتين. حينما عبر كيم جونغ أون الحدود بين الشمالية والجنوبية إلى سول في 27 أبريل. وفيها تعهد سول وبيونغيانغ بالعمل على نزع الاسلحة النووية من شبه الجزيرة والحفاظ على سلام دائم.
كما كشفت الصحافة الأمريكية أن مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي ايه) مايك بومبيو قام بزيارة سرية في عطلة عيد الفصح إلى بيونغيانغ حيث التقى مع كيم وبدأ التمهيد للقمة التاريخية مع ترامب.
وفي الأول من مايو الجاري، فاجأ ترامب العالم بالإعلان أنه "سيتشرف" ويرغب في لقاء الزعيم الكوري الشمالي في الظروف المناسبة.
كما قام بومبيو الذي عين وزيرا للخارجية بيونغيانغ بزيارة غير معلنة أخرى بهدف وضع اللمسات الأخيرة على تفاصيل القمة واصطحب معه ثلاثة أمريكيين كانوا معتقلين لدى كوريا الشمالية.
ويوم الخميس أعلن ترامب موعد القمة مع كيم في 12 يونيو في سنغافورة التي ستوفر أجواء ودية بالنسبة للرئيس الأمريكي إذ أنها حليف مقرب من الولايات المتحدة؛ حيث تقوم البحرية الأمريكية بزيارات متكررة لموانئها.
والجزيرة الثرية هي مركز للمال والشحن وتعتبر ممرا بين آسيا والغرب ويطلق عليها "سويسرا آسيا" في تناقض مع عزلة كوريا الشمالية التي يريد قادتها الآن تحديث اقتصادها.
وعد ترامب بأنه سيجعل القمة مع كيم "لحظة خاصة جدا للسلام العالمي".
فيديو قد يعجبك: