هل تلوح في الأفق مواجهة مباشرة بين إسرائيل وإيران؟
كتب - عبدالعظيم قنديل:
قالت مجلة "ذا أتلانتيك" الأمريكية إن المواطنيين الإسرائيليين في الحدود الشمالية يعانون من قلق بالغ بشأن التصعيد بين إسرائيل وإيران، خاصة بعد مناوشات الخميس الماضي في الجولان.
وأعلن الجيش الإسرائيلي في بيان الخميس الماضي، مسؤوليته عن هجوم في سوريا فجر اليوم ذاته، استهدف عشرات المواقع التي قال إنها تتبع لإيران.
وجاء الهجوم الإسرائيلي بعد إطلاق نحو عشرين صاروخا من سوريا باتجاه مواقع عسكرية إسرائيلية في هضبة الجولان المحتلة، قالت إسرائيل إن مضاداتها اعترضت أربعة منها، فيما سقط الباقي داخل الأراضي السورية.
وأوضحت المجلة الأمريكية أن وجهة النظر السائدة للمؤسسة الأمنية ووسائل الإعلام الإسرائيلية تبعث برسالة إلى الجمهور مفادها: "نحن لم نصل بعد إلى حرب شاملة، بما في ذلك إطلاق الصواريخ على أهداف داخل الدولة العبرية، ومن ثم جاء الانتقام الإسرائيلي، ولذا الأمور لا تبشر بالحرب بقدر ما تنذر بتفاقم الأعمال العدائية".
"نزال مشتعل"
ووفق التقرير، الموقف الراهن يشبه مباراة بين ملاكمين من الوزن الثقيل، حيث لا يمكن لأي منهما أن ينتصر بالضربة قاضية، رغم استمرار النزال، ولا يمكن لأحد التنبؤ بكيفية انتهاء المعركة.
قد يوقف الحكم الروسي المباراة، بحسب التقرير، أو ربما يدرك أحد الطرفين أن الأضرار التي سيتكبدتها قد تكون فادحة للغاية ولا يمكن تحملها، ومع ذلك، تستمر المباراة، غير أن كل واحد منهما يقف على الأرض: إيران لا تزال مصممة على دمج سوريا في دائرة نفوذها، الممتدة من طهران إلى البحر الأبيض المتوسط. وفي الوقت نفسه، تؤكد إسرائيل بوضوح تام أنها لا تنوي تحمل وجود عسكري إيراني في سوريا.
ويرى مراقبون أن الضربات الإسرائيلية في صباح الخميس تعد الأعنف منذ عام 1973، كأوسع هجوم إسرائيلي ضد أهداف إيرانية على الإطلاق، وفق المجلة الأمريكية التي أوضحت أن القوات الشيعية حاولت، تحت إشراف قوة القدس التابعة لحرس الثورة الإسلامية، تصفية حسابات في أعقاب هجوم نُسب الشهر الماضي إلى إسرائيل - على قاعدة "التيفور" في سوريا.
وذكرت المجلة الأمريكية أن الانتقام الإسرائيلي استهدف معظم الأصول الإيرانية على الأراضي السورية، بما في ذلك المطارات ومستودعات الأسلحة ومواقع المخابرات ومراكز المراقبة، في الوقت نفسه تم تدمير البطاريات السورية المضادة للطائرات التي استهدفت الطائرات الإسرائيلية. وبحسب مصادر الجيش الإسرائيلي ، فإن الأمر سيستغرق بعض الوقت والمال للإيرانيين لإعادة بناء هذه البنية التحتية.
"أطماع إيران"
ووفقًا لـ"ذا أتلانتك"، يدرك الإيرانيون جيدًا أن سوريا في فترة ما بعد الحرب الأهلية هي في كثير من النواحي مساحة مفتوحة قابلة للاستغلال. وهم على استعداد لاستثمار موارد اقتصادية وبشرية كبيرة لتحقيق أهدافهم هناك، علمًا بأن هناك الآن أكثر من 2000 مستشار من الحرس الثوري الإيراني في سوريا، ونحو 10 آلاف من أعضاء المليشيات الشيعية الذين تم إغراءهم من باكستان وأفغانستان بوعود المواطنة وقطعة أرض في إيران، وحوالي 8000 من مقاتلي حزب الله، ووفقاً لمسؤولين إسرائيليين، تم تصميم هذا الجهاز بالكامل ليوفر حرية الحركة الإيرانية على نطاق واسع في سوريا.
كما أشار التقرير إلى أن الضربات الإسرائيلية لن تنمع إيران من ترسيخ وجودها في سوريا، حيث لا تنوي طهران الانسحاب من سوريا، من ناحية أخرى، أوضحت إسرائيل أنها ستعارض النفوذ الشيعي في سوريا بأي ثمن، وهذا يجعل المزيد من جولات الاشتباكات حتمية.
"احتمالات الحرب"
ولسببين، من غير المحتمل أن تتصاعد مثل هذه الاشتباكات إلى حرب شاملة. أولاً، بما أن إيران وإسرائيل لا تشتركان في حدود، فمن الصعب أن نرى كيف يمكن أن تتحول العمليات العدائية الحالية إلى مواجهة واسعة النطاق تنطوي على عمليات برية. من ناحية أخرى، إذا اختارت إيران إشراك حزب الله في لبنان، الذي يتقاسم حدودًا مع إسرائيل، ستبدو الأمور مختلفة تمامًا، خاصة إذا ما نظرنا إلى ترسانة صواريخ الميليشيا المدعومة من طهران.
وبشأن السبب الثاني، لا ينظر أي طرف دولي، ولا الولايات المتحدة أو روسيا، في أن صراعًا واسع النطاق بين إسرائيل وإيران قد يخدم في مصالحها الاستراتيجية، غير أن كتائب حزب الله على استعداد لإرسال مستشارين وجنود للقتال في سوريا إلى جانب الميليشيات الشيعية والحرس الثوري، لكن من المسبعد أن يورط لبنان بكامله في الصراع.
ونوه التقرير إلى احتمال لجوء إيران ووكلائها إلى العمليات الإرهابية الدولية بدلاً من إطلاق الصواريخ، وهو النموذج الذي صادفه الإسرائيليون لأول مرة في عام 1992 ، عندما قام عناصر من الحرس الثوري وحزب الله بهجوم إرهابي مدمر ضد السفارة الإسرائيلية في الأرجنتين.
فيديو قد يعجبك: