قبعات خضراء تحمي السعودية.. خنجر في "خاصرة إيرانية" باليمن؟
برلين (دويتشه فيله)
قوة خاصة من وحدة القبعات الخضراء الأمريكية تم الكشف عن وجودها على الحدود السعودية - اليمنية.
ما الذي تفعله هذه القوات؟ وهل تنفذ عمليات في الداخل اليمني؟ وما دلالات توقيت الإعلان عن وجود هذه القوات الأمريكية؟
طوال سنوات أبقت الولايات المتحدة نفسها بمنأى عن الحرب في اليمن والتي تقودها حليفتها القوية المملكة السعودية ضد قوات الحوثيين. لكن مؤخراً أعلن متحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) ولأول مرة عن وجود "مجموعات عسكرية أمريكية صغيرة" تقوم بمهام محددة، رافضاً الحديث عن حجم هذه القوات، ومؤكداً على متانة العلاقات مع السعودية التي تجعل الولايات المتحدة تساعدها في حربها على الحوثيين.
محمد على الحوثي رئيس اللجنة الثورية العليا في اليمن انتقد الإعلان الأمريكي عن هذه القوات وقال إن الولايات المتحدة شريك في العدوان على اليمن.
صحيفة نيويورك تايمز كشفت في تحقيق مثير عن وجود قوات من مجموعة "القبعات الخضراء" بدأت عملها العام الماضي على الحدود السعودية-اليمنية، تتركز مهمتها القوة الامريكية في حماية السعودية من خلال عمليات "البحث والتدمير" المتعلقة بالصواريخ الباليستية ومنصات إطلاقها من داخل اليمن، ما يعني أن واشنطن قررت -سراً- توسيع دورها في الحرب اليمنية من إمداد مقاتلات قوات التحالف بالوقود والدعم اللوجيستي والاستخباراتي إلى الاشتباك في الحرب على الأرض - بحسب ما أفادت الصحيفة.
وليس من الثابت إلى الآن ما إذا كانت القوات الأمريكية قد عبرت الحدود إلى داخل اليمن بالفعل أم لا؟
وبحسب الصحيفة الأمريكية فإن مسؤولين أمريكيين ودبلوماسيين أوروبيين قالوا إن القوات الخاصة الأمريكية والتي لا يزيد عددها علي 12 عنصراً وصلت في ديسمبر الماضي إلى السعودية وكانت مهمتها تقضي بتدريب ضباط سعوديين على عمليات تأمين الحدود والتعاون مع محللين استخباراتيين أمريكيين يتواجدون في نجران، لإمدادهم بمعلومات تتعلق بالصواريخ الباليسيتية التي يطلقها الحوثيون وأماكن ارتكاز قواعدها في اليمن.
قوات أمريكية.. ليست مفاجأة!
ولا يبدو أن هذا الإعلان كان مفاجئاً للباحث فارع المسلمي، الزميل المشارك بمعهد شاثام هاوس في بريطانيا والذي قال خلال مقابلة مع DW عربية إنه يعلم عن وجود قوات أمريكية منخرطة في الحرب على اليمن، بل وهناك أحاديث تتردد عن "تواجد أمريكي داخل الأراضي اليمنية وأن الكشف عن هذه القوات مبالغ فيه بشدة".
وقال إن هذه القوات التي أُعلن عنها تنسق مع خبراء عسكريين أمريكيين وبريطانيين داخل السعودية يسهمون بالدعم اللوجستي والمعلوماتي للقوات السعودية وهذه المجموعة متخصصة في الكشف عن مواقع إطلاق الصواريخ الباليستية وأنها جاءت بعد تزايد معدل إطلاق هذه الصواريخ بشكل كبير، ما منح الولايات المتحدة ما يشبه الغطاء القانوني والسياسي والأمني للعب دور أوسع في حرب اليمن.
"حليف تحت القصف"
وأضاف فارع المسلمي الخبير السياسي أنه كلما خفت هجمات الحوثيين على السعودية أصبح تبرير الوجود الأمريكي في هذه الحرب صعباً، لكن الآن تحول الأمر بلغة العسكريين الأمريكيين إلى حالة "حليف تحت القصف"، وبالتالي فإن ضربات الحوثيين الصاروخية على السعودية هي أفضل ما يمكن أن تحصل عليه السعودية للحصول على دعم أوسع من القيادة الأمريكية.
ويرى المسلمي أن هذه المجموعة فشلت في عملها بعد مرور عام على وجودها، "فحرب اليمن نفسها لم تكلل بالنجاح لتنجح هذه المجموعة الأمريكية في مهمتها، ذلك أن الحرب بعد كل هذه السنوات أصبحت أحد أسوأ وأبشع النماذج لإدارات الحروب الفاشلة في التاريخ"، ورغم كل هذه الأسلحة والقوات لم يحدث فارق حقيقي في المعارك على الأرض.
وبالتالي فالفشل ليس حصرياً لمجموعة القبعات الخضراء التي لم تستطع أن توقف تساقط الصواريخ الحوثية على السعودية، بل يتجاوز الأمر هذه المسألة التكتيكية إلى فكرة الحرب ذاتها.
ويختتم فارع المسلمي الخبير السياسي حديثه بالقول إن الحدود بين اليمن والسعودية تمتد على مسافة 1500 كيلو متر تقريباً ويصعب جداً السيطرة على هذه المسافة الشاسعة، خصوصاً وأن جغرافية هذه المنطقة تزيد من صعوبة الأمر، كما أن السعودية لا تواجه دولة، وإنما ميليشيات لديها خفة وديناميكية في الحركة والاختباء ما يعقد كثيراً من مهمة السعودية في اليمن.
تقنيات أمريكية في خدمة الحليف السعودي
وعن الدور التقني الذي تلعبه التكنولوجيا الأمريكية ودورها في الحد من القوة الصاروخية الحوثية يقول اللواء طيار مأمون أبونوار الخبير العسكري والاستراتيجي إن قوات القبعات الخضراء الأمريكية في الأغلب تستعمل منظومات استشعار دقيقة للوصول لأماكن إطلاق الصواريخ وهي غالباً إحدى منظومات (Electronic warfare). ويشرح قائلاً إن الصواريخ الباليستية عند إطلاقها ترسل إشارات True IR وهي نوع من الإشارات الحرارية تلتقطها الأقمار الصناعية الأمريكية، وخلال 5 إلى 7 دقائق يتم تحديد موقع الإطلاق فتقوم القوات الجوية باستهدافه بأقصى سرعة.
ويضيف الخبير العسكري: "منظومات الحرب السعودية مرتبطة بالأقمار الصناعية مع الولايات المتحدة وفق اتفاقيات بين الجانبين وهذا اتفاق موقع مع معظم جيوش الشرق الأوسط خاصة فيما يتعلق بالصواريخ الباليستية وهذا ليس سراً".
والمشكلة أن إصابة منصات إطلاق هذه الصواريخ ليست سهلة مع ذلك فهي منصات متحركة يتم إطلاق الصاروخ منها وتختفي المنصة بسرعة وقد واجهت أمريكا صعوبة كبيرة في اصطياد هذه الصواريخ العراقية خلال حرب الخليج.
نطاق عمليات محدود
ويعتقد اللواء طيار مأمون أبونوار أن.. لا هذه القوات ولا غيرها من القوات الأمريكية يمكن أن تعمل في الداخل اليمني "لأنهم لو وقعوا في أيدي الحوثيين ستكون فضيحة دولية للولايات المتحدة وقد يتم المساومة عليهم ليحقق الحوثيون من ورائهم مكاسب كبيرة"، وبالتالي فغالباً هم فقط يشاركون في النواحي المعلوماتية والاستخباراتية، خصوصاً مع اقتراب هذه القوات من منطقة صعدة اليمنية وكذلك اقترابها من مقر قيادة العمليات الاستخباراتية في نجران بالسعودية ما يسمح بتلقي وإرسال هذه القوات لكثير من المعلومات الدقيقة بخصوص منصات الصواريخ الحوثية.
ويتابع اللواء أبونوار أن المشكلة الحقيقية في صواريخ الحوثيين تكمن في محاولاتها استهداف مصادر الطاقة في العمق السعودي مثل شركة أرامكو "وهذا ما تخشاه السعودية بشدة لأنه إن حدث سيكون التأثير هائلاً على السعودية وقد يؤثر أيضاً على أسعار البترول عالمياً، لذلك أتوقع أن نطاق عمل هذه القوات هو في حدود إدارة وتشغيل المنظومات الإلكترونية لعمليات الرصد".
ضغط أمريكي على إيران؟
ويتفق كل من اللواء طيار مأمون أبونوار الخبير العسكري والاستراتيجي والخبير السياسي فارع المسلمي على أن لتوقيت الإعلان عن وجود هذه القوات الأمريكية على الحدود السعودية الجنوبية دلالة هامة، حيث يتزامن ذلك مع انتظار العالم للقرار الأمريكي بشأن استمرار او خروج الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع إيران.
ويرى الخبيران أن هذا الإعلان يشير من طرف خفي إلى قلق أمريكي وأوروبي من تنامي القوة الصاروخية الإيرانية ورغبة الموقعين على الاتفاق النووي في توسيعه ليشمل برنامج الصواريخ الإيرانية.
ويرى اللواء مأمون أبونوار أن "القوة الصاروخية الإيرانية رهيبة وهائلة وإذا ما تركت لخمس سنوات أخرى فستصبح قوة غير قابلة للردع مطلقاً".
فيديو قد يعجبك: