فيسك يتساءل: هل تساعد قطر الأسد في إعمار سوريا؟
كتب - هشام عبد الخالق:
نشرت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية، مقالًا لكاتبها المعروف روبرت فيسك، المتخصص في شؤون الشرق الأوسط، حول الوضع في سوريا، ونتائج عودة العلاقات بين قطر والدولة الواقعة في براثن الحرب الأهلية منذ سبع سنوات.
قال الكاتب البريطاني في بداية مقاله: "يعرف الجميع في لبنان، أن إيران ترسل أسلحتها إلى حزب الله في لبنان عن طريق سوريا، التي تشهد الآن حربًا أهلية يحاول فيها الأمريكيون والروس والإيرانيون والأتراك والعراقيون وتنظيم داعش وحزب الله وجبهة النصرة والأكراد وغيرهم أن يحققوا أهدافهم المتنوعة في سوريا، ولكن قد يندهش القارئ إذا عرف أن هناك دولة أخرى استطاعت جذب انتباه القيادة السورية".
وأضاف فيسك أن الرئيس السوري بشار الأسد عقد اجتماعًا مغلقًا منذ عدة أيام مع بعض الصحفيين السوريين في دمشق، أبلغهم فيه "أنه تمت استعادة العلاقات على مستوى منخفض للغاية بين قطر وسوريا، وطلب منهم أن لا ينقلوا عنه حديثه هذا ولكن بإمكانهم ذكر المعلومة فقط، مشددًا على أن هذا ليس استئنافًا للعلاقات، ولكن دولتان تحافظان على وجود اتصال بينهما، ولكن هذه قصة مثيرة للاهتمام".
وأشار فيسك إلى أنه منذ عدة سنوات، تم إطلاق سراح عدد من الراهبات في سوريا من أيدي خاطفيهم، وكان ذلك نتيجة العمل المشترك ما بين الأسد، والأمير القطري، والجنرال عباس إبراهيم، عميد بالمخابرات اللبنانية، وعبرت الراهبات عن امتنانهن لكلًا من الأسد وأمير قطر، في الوقت الذي ظهرت بعض الشائعات عن دفع قطر أموالًا طائلة مقابل الإفراج عن الراهبات، مما يجعلهن أغلى الراهبات ثمنًا في العالم.
يقول فيسك إنه "عند الحديث عن قطر نجد أنها دولة غنية بالفعل بسبب ما تمتلكه من بترول وغاز سائل، ولكنها منعزلة الآن، تدعو ألا تغزوها السعودية أو الإمارات قريبًا، فهي شبه جزيرة صغيرة للغاية بها أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في الشرق الأوسط، ولكن يحتقرها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نفسه، وقد تكون عائلتها الحاكمة أمراء وأباطرة ولكن بدون امبراطورية ليحكموها."
ولكن، إذا ما حدث وتدخلت قطر لإنقاذ سوريا بعد انتهاء الحرب هناك، مستخدمة في ذلك ثرواتها الطائلة لإعادة بناء الدولة، فسوف يكون لدى أمراء قطر امبراطورية ليحكموها، وليس الحديث هنا عن امتلاك قطر للدولة السورية فهذا لن يحدث أبدًا، ولكن سيكون لها تأثيرًا كبيرًا وسُلطة عليها، والسُلطة التي ستمتلكها هنا ستكون أقوى من السعودية بالتأكيد، نظرًا لأن سوريا تطل على ساحل البحر الأبيض المتوسط.
يتساءل الكاتب: "هل سيكون ما نراه الآن بداية لهذا مستقبلًا؟ أي حل يتضمن الجانب السوري ستكون روسيا بالطبع مشتركة به، وقد يشمل الإيرانيون أيضًا ولكن بطريقة هامشية، والشائعات التي تقول إن الإيرانيين يسيطرون على سوريا ما هي إلا خرافة أو أسطورة يكررها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، فطوال تنقلاتي لم أرَ إيرانيًا واحدًا على الخطوط الأمامية السورية لمدة تصل إلى أكثر من عام، وسيلعب حزب الله وبالطبع الجيش السوري، دورًا حيويًا في بناء سوريا، فإذا بقي الأسد في سلطته ستستمر قوة الجيش السوري."
وكان التلفزيون السوري نقل قبل عدة أسابيع، مشاهد لقوات الجيش، والدبابات والحافلات العسكرية تتجه نحو الجنوب للمعركة الأخيرة في الغوطة الشرقية، وتم افتراض أن الهدف من هذا هو "تخويف" الإرهابيين في الغوطة، ولكن الهدف الحقيقي كان مختلفًا بعض الشيء، حيث أراد الجيش أن يعرف مدى سرعة نقل 25 ألف جندي من حلب في الشمال إلى دمشق في الجنوب، حيث استغرق الأمر 48 ساعة فقط، واتضح أن جيش الأسد ليس فقط حارب على مدار سبع سنوات وظل صامدًا، ولكنه جيش قابل للحركة أيضًا، مما يذكرنا بنقطة أخرى تزعج سوريا، حسبما يقول الكاتب البريطاني.
أوضح فيسك أن هناك بعض الميليشيات على الحدود مع هضبة الجولان التي تحتلها إسرائيل، وعلى الرغم من أن بعض هذه الميليشيات إسلامية إلا أن علاقاتها بإسرائيل جيدة إلى حد ما، لدرجة أن الإسرائيليين عالجوا بعض جرحاهم في المستشفيات التابعة لهم، ولم يهاجموها أبدًا، بل كانت الهجمات الإسرائيلية في الغالب ضد السوريين والإيرانيين وحزب الله.
وتساءل أيضا: "إذا انتهت الحرب السورية الآن، ماذا سيفعل الإسرائيليون في المنطقة الواقعة تحت الجولان مباشرة؟ هل سيتركون الأسد يستولي عليها مرة أخرى؟ أم يحاولون إنشاء منطقة سورية مماثلة للمنطقة التي احتلها إسرائيل من جنوب لبنان في الفترة من 1982 حتى 2000؟"
وزاد "هل ستحاول إسرائيل السيطرة على قطعة من الأراضي السورية في أعقاب الحرب؟ مُدعية أنه من الضروري فعل هذا لإبعاد الإيرانيين عن حدودها. قد تكون هذه الخطة التي تنوي إسرائيل اتباعها، ولكن يحذر القادة الإسرائيليون من التدخل في حرب عسكرية مع أحد أقسى الجيوش في الشرق الأوسط وأكثرها خبرة في الحروب، وهو الجيش السوري".
فيديو قد يعجبك: