إعلان

المساعدات الخليجية للاردن لا تشكل "حلا سحريا" لازمته

06:03 م الإثنين 11 يونيو 2018

(أ ف ب):

القلق من الاحتجاجات الشعبية ضد الغلاء والضرائب في الاردن دفع حلفاؤه في الخليج لتقديم دعم اقتصادي بقيمة 2,5 مليار دولار، الا أن محللين يرون أن ذلك ليس "حلا سحريا" للازمة والتحديات التي تمر بها المملكة.

وشهد الاردن لنحو اسبوع احتجاجات شعبية سلمية في معظمها شارك فيها الآلاف وانتهت الخميس الماضي بعد استقالة رئيس الوزراء هاني الملقي وتعهد رئيس الوزراء المكلف عمر الرزاز بسحب مشروع قانون ضريبة الدخل الذي كان اثار غضب الشارع.

وأعلنت السعودية والإمارات والكويت فجر الاثنين مساعدات بقيمة 2,5 مليار دولار للاردن.

ويقول عريب الرنتاوي، مدير مركز القدس للدراسات السياسية لفرانس برس "ما حصل في الاردن أمر غير مسبوق اعاد الاعتبار لروح الربيع العربي، وهذا أمر مقلق للغاية بالنسبة لدول الخليج العربي".

وأضاف أن "أمن الاردن واستقراره مهم جدا لأمن المنطقة وأمن الخليج والسعودية بشكل خاص كونها احدى دول الممالك العربية التي تخشى انتقال عدوى نموذج الاحتجاجات الراقي والسلمي في الاردن اليها".

ويحظى الاردن بموقع استراتيجي بسبب حدوده مع كل من سوريا شمالا والعراق شرقا والسعودية فيما تحده غربا اسرائيل والاراضي الفلسطينية.

ويرى الرنتاوي أن خطوة السعودية والامارات والكويت بمنح الاردن 2,5 مليار دولار جاءت سريعا ايضا بعد "مخاوف من قلب الوضع في الاردن التحالفات في المنطقة رأسا على عقب" اثر تقارب مؤخرا بين عمان والدوحة التي تقاطعها السعودية.

يشار كذلك الى صورة العاهل الاردني الملك عبدالله الثاني يصافح الرئيس الايراني حسن روحاني خلال قمة منظمة التعاون الاسلامي في اسطنبول نهاية الشهر الماضي، فايران عدو الرياض اللدود.

ولا يتفق الموقف الاردني بالضرورة مع موقف السعودية او الولايات المتحدة التي أعلنت نهاية كانون الاول/ديسمبر الماضي اعتبار القدس عاصمة لاسرائيل.

ويدعم الاردن الموقف الفلسطيني الراغب في اعلان القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين التي يسعى الطرفان لضمان اقامتها. وكانت القدس الشرقية تتبع الاردن إداريا قبل أن تحتلها اسرائيل عام1967.

وتعترف إسرائيل التي وقعت معاهدة سلام مع الاردن في 1994، باشراف المملكة الأردنية على المقدسات الاسلامية في المدينة.

ويرى كريم بيطار، مدير البحوث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية، ان ذلك يجعل المملكة، التي يشكل الاردنيون من اصول فلسطينية فيها نحو نصف عدد السكان، "في وضع غير مريح ابدا ومن المستحيل ان يتبع الاردن" حلفاؤه في هذا الملف.

من جهته، يقول الرنتاوي "بالتأكيد هناك ضوء اخضر اميركي لهذا الدعم (الخليجي) للاردن فهناك رغبة أميركية بالحفاظ على حليف أساسي ذو موقع استراتيجي".

وأعلن الاتحاد الاوروبي الاحد عن تقديم 20 مليون يورو اضافية للاردن هذا العام لدعم الأمان الاجتماعي في هذا البلد.

ويعاني الاردن أزمة اقتصادية فاقمها في السنوات الأخيرة تدفق اللاجئين من جارته سوريا اثر اندلاع النزاع العام 2011 وانقطاع امدادات الغاز المصري واغلاق حدوده مع سوريا والعراق بعد سيطرة تنظيم الدولة الاسلامية على مناطق واسعة فيهما.

وبحسب الامم المتحدة، هناك نحو 630 الف لاجئ سوري مسجلين في الاردن، بينما تقول المملكة انها تستضيف نحو 1,4 مليون لاجئ منذ اندلاع النزاع في سوريا في آذار/مارس 2011. وتقول عمان ان كلفة استضافة هؤلاء تجاوزت عشرة مليارات دولار.

وسجل معدل النمو الاقتصادي في الاردن عام 2017 نحو 2% ويتوقع ان ينخفض عن 2% لعام 2018 في المملكة التي تجاوز دينها العام 38 مليار دولار.

الدعم يجب استثماره جيدا

هذه ليست المرة الأولى التي تقدم فيها دول خليجية دعما للاردن لعونه في مواجهة ازمته الاقتصادية، ويرى المحللون انه يجب على المملكة هذه المرة "استثمارها جيدا".

ويقول الرنتاوي "المنحة ليست عصا سحرية ولا حل جذريا لمشاكل الاردن".

واشار إلى أن "المبلغ ليس كبيرا فقد سبق وان حصل الاردن عام 2011 على منحة قيمتها اكبر وهي 5 مليارات دولار لم تنجح في انقاذ الاقتصاد على المدى الطويل والدليل ما وصلنا اليه".

لكنه أكد أن "الخطوة تبث الثقة في الاقتصاد الاردني (...) ولا شك انها خطوة جيدة وفرصة للحكومة القادمة ان استثمرت جيدا".

ورأى الرنتاوي انه "لا يوجد حلول سحرية على الاطلاق الملف الاقتصادي ملف بعيد المدى. نحن بحاجة الى عقد اجتماعي جديد، لا يجب ان يبقى الاقتصاد أسيرا للمساعدات".

ويوضح ان المساعدات تراجعت في السنوات الاخيرة "من يضمن انه في المرة القادمة سنأخذ مساعدات. الاعتماد على المساعدات رهان قصير النظر".

من جهة اخرى، يقول المحلل عادل محمود، لفرانس برس ان "الاردن استثمر بشكل او بآخر تحرك الشارع المفاجئ والعفوي في تنبيه حلفاءه بأنه يعيش على حافة الانزلاق نحو نفق مظلم".

ورأى ان حلفاء المملكة "حريصون على عدم فتح جبهات اخرى غير مستقرة في المنطقة" مؤكدا كذلك ان الاردن بالنسبة للرياض ولواشنطن "لا زال لاعبا مهما في المنطقة".

ويشارك الاردن بفعالية في تحالف دولي تقوده واشنطن يشن ضربات ضد تنظيم الدولة الاسلامية في سوريا والعراق، كما ان المملكة جزء من تحالف عربي تقوده السعودية ضد المتمردين الحوثيين في اليمن.

من جهته رأى بيطار انه ليس من المؤكد ان يتمكن الرزاز من مواجهة جميع التحديات بسرعة "لأن الاقتصاد يعاني من نقاط ضعف هيكلية".

وأشار إلى أنه حتى لو كان مجال المناورة محدودا فان الاردن لازال يتمتع بنقاط قوة فاستقرار النظام الملكي يبقى هاما للعديد من الجهات الإقليمية والدولية.

ورأى بيطار أنه "إذا لم يتدهور الوضع الاقتصادي أكثر ولم تتزايد التوترات الإقليمية، يمكننا أن نفترض أن هذا البلد سيخرج من الأزمة كما فعل دائما، سيمشي على الحبل بتوازن".

هذا المحتوى من

AFP

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان