مجلة أمريكية: انسحاب واشنطن من مجلس حقوق الإنسان "خطأ جسيم"
كتبت- رنا أسامة:
اعتبرت مجلة "فوربس" الأمريكية أن قرار انسحاب واشنطن من مجلس حقوق الإنسان يمثّل تراجعًا جديدًا لدور إدارة الرئيس دونالد ترامب على الساحة العالمية؛ فبعد أن كان يُنظر للولايات المتحدة -على نطاق واسع- على أنها رائدة عالمية في قضايا مثل حقوق الإنسان، بات الآن دورها "هامشيًا"، في تراجُع متهوّر لمكانتها القيادية منذ الحرب العالمية الثانية.
وأعلنت السفيرة الأمريكية في الأمم المتحدة نيكي هالي، أمس الثلاثاء، انسحاب بلادها رسميًا من المجلس الذي وصفته بأنه " منافق، لا يستحق اسمه، ولا يخدم سِوى نفسه فقط". وجاء القرار على خلفية اتهام إدارة ترامب، للمجلس بانتهاجه "انحيازًا مُعاديًا لإسرائيل وشن حملة ممنهجة ضدها".
تقول المجلة، في تقريرها المنشور عبر موقعها الرقمي، إن "الولايات المتحدة، في فترة ما بعد الحرب، لعبت دورًا رئيسيًا كمهندس لمنظومة الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات والاتفاقيات الدولية التي حققت تقدمًا كبيرًا في أمن البلاد ومصالحها الاقتصادية والسياسية".
وأوضحت أن ثمّة علاقة وثيقة بين تطوّ هذا النظام الدولي وازدهار ونجاح النظام الأمريكي على مدى الأعوام السبعين الماضية، ما يعني أن انسحاب واشنطن من مجلس حقوق الإنسان يُمثّل "خطأ جسيمًا"، بحسب فوربس.
حقّقت القيادة الأمريكية في مجال حقوق الإنسان منافع للولايات المتحدة وحلفائها. وفي مجال الأمن، قاد الجيش الأمريكي جهودًا أفضت إلى اتفاقيات جينيف الأربع لعام 1949، والتي كفلت الحماية لأفراد القوات المُسلحة الأمريكيين لما يقرُب من 7 عقود.
اقتصاديًا، تولّت الولايات المتحدة زِمام صياغة ما يُطلق عليه "اتفاقات بريتون وودز" التي قادت لإنشاء البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، اللذين ساعدا على انتشال مليارات الأشخاص من الفقر. واستفادت الشركات والمستهلكون الأمريكيون من النظام الاقتصادي العالمي المعولم، وفق المجلة.
وسياسيًا، أنشأت الأمم المتحدة هيئة حقوق الإنسان في 1946، ثم أطلقت عليها "لجنة حقوق الإنسان". وتحت قيادة السيدة الأمريكية الأولى السابقة اليانور روزفلت، صاغت اللجنة واعتمدت الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وهو وثيقة تُحاكي الضمانات الدستورية الأمريكية بما في ذلك حرية التعبير والدين، وتؤكّد أن الناس في كل مكان لهم الحق في هذه الحماية.
وفي هذا الشأن، تُشير "فوربس" إلى أن الحكومات التي التزمت بوثيقة حقوق الإنسان وسيادة القانون والديمقراطية، كانت أقرب أصدقاء أمريكا وأقوى شركائها التجاريين وأهم حلفائها الاستراتيجيين.
وتحت سياسة "أمريكا أولًا" التي يتبنّاها ترامب، تقول "فوربس" إن الإدارة الأمريكية الحالية لا تخفق فقط في مواصلة جهودها في مجال حقوق الإنسان، لكنها في الواقع تقود محاولة لتفكيك كافة الاتفاقات والعهود التي عكف أجيال من المسؤولين الأمريكيين على العمل التوصّل إليها بجدّ. وعليه، فإن قرار الانسحاب من مجلس حقوق الإنسان يُمثّل أحدث مظاهر تلك المحاولة.
لطالما كان التحرّك الدولي في مجال حقوق الإنسان يُمثّل تحديًا يعكس الانقسامات السياسية العميقة بين الحكومات. الأمر الذي يبدو جليًا في الوقت الحالي، فالأعضاء الـ47 الذي يُشكلون قِوام المجلس الآن يمثّلون حكومات ذات وجهات نظر ومصالح متباينة على نِطاق واسع، بما في ذلك الدول ذاتها التي ترتكب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.
في أغلب الأحيان، يفشل المجلس في اتخاذ موقف عندما ترتكب حكومات قوية، كما روسيا أو الصين، انتهاكات منظمة. وفي حالات أخرى، تسعى بعض الحكومات لتحقيق أجندات سياسية باسم حقوق الإنسان.
ويأتي قرار الانسحاب الأمريكي بعد مقاطعة إسرائيل غير المسبوقة لإحدى جلسات الاستعراض الدوري الشامل، بحجة أن الانتقادات الموجهة إلى تل أبيب غير عادلة.
وفي العام الماضي، أخبرت نيكي هيلي المجلس بأنه "من الصعب القبول" بأن القرارات قد صدرت ضد إسرائيل، في حين لم يتم النظر في أي قرارات تتعلق بفنزويلا، حيث قُتل عشرات المتظاهرين أثناء الاضطرابات السياسية.
وخِتامًا ترى المجلة أن انسحاب واشنطن "لن يحمي حقوق الإنسان في الدول ذات الأنظمة الهشّة، ليتركها أكثر عُزلة وغير آمنة. وعليه فإن سياسة (أمريكا أولًا) لا تخدم أمريكا ولا حلفاءها حول العالم".
فيديو قد يعجبك: