الانتخابات تكشف: ألمانيا "مستودع آمن" للناخبين بالنسبة لأردوغان
برلين - (د ب أ)
لم يحتفل أنصار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في اسطنبول فقط بفوزه في الانتخابات، ولكن آلاف الأتراك في ألمانيا خرجوا ليلة الأحد/الاثنين إلى شوارع ألمانيا أيضا فرحا بإعادة انتخاب الرجل الذي يمسك بمقاليد الأمور في تركيا منذ نحو 16 عاما.
واحتفل موكب سيارات بالفوز في شارع كور فورستن دام الشهير في برلين.
وأطلقت الألعاب النارية أمام مبنى القنصلية التركية في هامبورج. وتوقفت حركة المرور في طريق هوهين تسولير رينج الدائري في مدينة كولونيا بسبب الزحام المفاجئ في هذا الشريان الأساسي للمرور في كولونيا.
وفي مدينة ديوزبورج صعد شباب تركي منتشون بالفوز فوق أعمدة إشارات المرور و رفعوا رايات حزب أردوغان، العدالة والتنمية التركي المحافظ، الفائز في الانتخابات البرلمانية التي أجريت مع الانتخابات الرئاسية.
كان من سوء حظ جيم أوزدمير، الرئيس السابق لحزب الخضر الألماني وأحد أشد المنتقدين لأردوغان، أن يجد نفسه لدى عودته من المطار إلى مسكنه في حي كرويتسبرج في برلين وسط هذه الاحتفالات.
تلك الاحتفالات التي دفعته لأحد أكثر التعليقات الحادة على نتائج الانتخابات التركية، حيث قال: "هذه الجموع من أنصار أردوغان التي تحتفل بفوزه في الانتخابات لا تهلل لحاكمها الأوحد فقط بل تعبر في الوقت ذاته عن رفضها لديمقراطيتنا الليبرالية" مضيفا: "تماما مثل حزب البديل".
ليس أوزدمير وحده هو الذي أصابته النتائج القوية التي حققها أردوغان وحزبه بين الناخبين الأتراك في ألمانيا بالحيرة بل والصدمة.
السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا يحظى أردوغان المستبد بهذه الشعبية بين الناخبين الأتراك في ألمانيا بالذات، رغم أنه وسع سلطته مرة أخرى من خلال هذه الانتخابات؟
باستطاعة أردوغان أن يحصل وفقا للنتائج المؤقتة غير الرسمية للانتخابات على نحو ثلثي أصوات الناخبين الأتراك.
يعيش قرابة ثلاثة ملايين شخص ذو خلفية تركية في ألمانيا الاتحادية، غير أن الكثير من هؤلاء يحملون الجنسية الألمانية.
وبلغ عدد الأتراك في ألمانيا الذين من حقهم التصويت في هذه الانتخابات 44ر1 مليون ناخب، صوت منهم نحو نصفهم فقط.
وبالأعداد المجردة، فإن أردوغان حصل على أكثر من 420 ألف صوت في ألمانيا،وهذا عدد كبير.
غير أنه لا يتضح من خلال هذا العدد أن ثلثي أتراك ألمانيا من أنصار أردوغان كما يقال بشكل عابر.
كما أن الناخبين الأتراك في ألمانيا ليسوا هم من حسم الانتخابات لصالحه، لأن عددهم أقل بكثير من أن يكون له هذا التأثير.
ربما كان التصويت لصالح أردوغان أيضا تصويتا ضد ما يشعر به الكثير من أتراك ألمانيا من اضطهاد، أي أن هذا التصويت كان احتجاجا، كما يفعل بعض الألمان الذين صوتوا لصالح حزب البديل من أجل ألمانيا، هذا إذا صدقنا جيم أوزدمير فيما يذهب إليه.
غير أنه من الواضح على أية حال أن معظم الألمان الأتراك لا يطلعون على ظروف المعيشة في تركيا إلا خلال العطلة الصيفية هناك، أو من خلال القصص التي يسمعونها من أقربائهم.
لذلك فإن معارضي أردوغان في تركيا يسخرون من مؤيدي أردوغان في ألمانيا، قائلين إنه لو كانت الأمور في تركيا رائعة كما يزعم هؤلاء المؤيدون لعادوا إلى بلاد أجدادهم.
يفسر علي جيفيك/47 عاما/ الذي يمتلك محلا في برلين النتيجة الجيدة التي حققها أردوغان بين أتراك ألمانيا، قائلا: "إنه الشخص الذي يدافع عن تركيا في مواجهة الغرب، لماذا يطلب منا الجميع أن نتكيف مع الحياة هنا؟ لدى أتراك ألمانيا رأي يجب احترامه أيضا".
كما ترى التركية عائشة/55 عاما/ أن تركيا تلقى معاملة سيئة من جانب ألمانيا "فلقد كانت تركيا متخلفة قبل أردوغان.. أما الآن فقد بدأت تصبح ندا لأوروبا.. ولكن الكثيرين في ألمانيا يريدون أن يروا تركيا ضعيفة".
قالت عائشة إنها كثيرا ما تتعرض للتضييق في شوارع ألمانيا موضحة ما تعنيه بإشارة بإصبعها إلى حجابها.
ليست النتيجة التي حققها أردوغان في ألمانيا شيئا جديدا، فلقد تحققت هذه النتيجة بالفعل في استحقاقات انتخابية سابقة حيث حصل حزب العدالة والتنمية بقيادة أردوغان على 7ر59% من أصوات الناخبين في الانتخابات البرلمانية عام 2015 ،وحصل على موافقة 1ر63% من أصوات المشاركين على التعديلات الدستورية في استفتاء نيسان/أبريل 2017 ،عندما كان هناك نقاش بشأن ما تعنيه هذه النتيجة بالنسبة لمدى اندماج الأتراك في المجتمع الألماني.
علق رئيس حزب البديل، ألكسندر جاولاند، على نتيجة الاستفتاء قائلا آنذاك في تصريح لصحيفة "زوريشر تاجز أنتسايجر" السويسرية: "هذه الموافقة الكاسحة لأتراك ألمانيا في الاستفتاء على تعديلات أردوغان الدستورية تدل على أن الاندماج قد فشل بشكل تام".
وطالب جاولاند بأن يغادر جميع الأتراك الذين صوتوا بنعم لصالح التعديلات الدستورية ألمانيا "لأن التصويت يدل على أنهم لم يصلوا لهذا البلد ولا يجدون فيه وطنهم".
حتى الآن لم تتكرر مثل هذه التصريحات من جانب حزب البديل عقب الفوز الانتخابي الذي حققه أردوغان أمس.
ولكن هناك أحزاب أخرى تدلي بدولها في النقاش بشأن نتيجة الانتخابات، من بينها الحزب الديمقراطي الحر على سبيل المثال، حيث قالت الأمين العام للحزب، نيكولا بير: "إذا كان الناس الذين يعيشون هنا ويعملون هنا، أناس من الجيل الثاني والجيل الثالث، يعيشون في ظل ظروف نراها جيدة وفق اعتقادنا ،ورغم ذلك يرفضون طريقتنا وأسلوبنا في الحياة، فإن السؤال يطرح نفسه على صناع القرار السياسي بشأن مدى فعالية سياسة الاندماج المتبعة في ألمانيا". كما طرحت، أنيجريت كرامب كارينباور، الأمين العام للحزب المسيحي الديمقراطي الذي ترأسه المستشارة أنجيلا ميركل، السؤال نفسه اليوم الاثنين دون أن تقدم إجابة عليه.
فيديو قد يعجبك: