إعلان

على خطى القدس.. مخاطر شرعنة أمريكا الاحتلال الإسرائيلي لـ"الجولان"

03:42 م الأربعاء 27 يونيو 2018

كتب – محمد الصباغ:
مع وصول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، بدأت الولايات المتحدة سريعًا في تغيير نهجها نحو العديد من الأمور المستقرة فيما بعد الحرب العالمية الثانية. فانسحبت من اتفاقية باريس للمناخ والاتفاق النووي مع إيران، في تحدٍ لما يمكن أن تقوم به الدول فيما يتعلق باتفاقياتها الدولية.
كما بدأت واشنطن فرض التعريفات الجمركية وليس على منافسيها فقط، بل على الحلفاء أيضًا، لتعيد صياغة تقاليد التجارة الدولية التي صممت لصالح الموارد الاقتصادية ولمنع الحرب.

وفي تقرير لمركز الدراسات الاستراتيجية والأمنية الأمريكي "ستراتفور"، جاء أن واشنطن حاليًا تفكر في اتخاذ قرار جرئ آخر يتعارض مع القواعد الدولية. فانتشرت الشائعات حول وجود ضغط إسرائيلي على الولايات المتحدة من أجل الاعتراف بأحقية دولة الاحتلال في الجولان السوري المحتلة منذ عام 1967.

وبحسب المركز الأمريكي فهناك تقارير حول تفكير الولايات المتحدة في اتخاذ هذا القرار. وحال اعترافت واشنطن بأحقية إسرائيل في الجولان، فإن تلك ستكون المرة الأولى منذ عام 1945 التي تعترف فيها الولايات المتحدة بأحقية الدولة العبرية في أرض سيطرت عليها بالقوة العسكرية. وقد يكون لذلك تأثير كبير على النظام العالمي الحالي.

يذكر " ستراتفور" أنه بعد الحرب العالمية الثانية أعلنت دول الحلفاء المنتصرة أنه من غير المشروع أن تضم دولة بالقوة العسكرية أرض بعد غزوها. ومنذ عام 1945، رفض الوعي الدولي هذا النوع من السيطرة على الأراضي. وبكسر التقاليد أو القواعد التي كانت تقبل السيطرة على الأرض بالقوة، أمل الحلفاء في تفادي حرب عالمية ثالثة عبر قمع التوترات والتنافس عبر المؤسسات الدولية والقانون الدولي بدلا من الدبابات والمدافع.

في الواقع، شكّل هذا النهج مبادئ القرن العشرين بالنسبة للمجتمع الدولي، وساعد في احتواء التنافس بين أمريكا والاتحاد السوفيتي وتم تحويله إلى معارك نفوذ بدلا من السيطرة على أراضي.

وتابع التقرير أنه بالطبع كان هناك بعض التحديات. غزت تركيا قبرص في عام 1974، وإندونيسيا فعلت ذلك مع تيمور الشرقية في 1976، وغزت العراق الكويت في عام 1990.

لو اعترفت الولايات المتحدة بمزاعم إسرائيل حول هضبة الجولان، فسوف تغير القواعد. سوف يكون القرار مختلف عن الأخير بنقل السفارة من تل أبيب إلى القدس. احتلت إسرائيل الجولان في عام 1967 وأعلنت ضمها في عام 1981 وحتى الآن أنشأت 20 ألف مستوطنة وتتواجد قوات لها هناك.

على الأرض، اعتراف الولايات المتحدة بأن الجولان إسرائيلية ربما لن يغير شيئًا، لكن على المستوى الدولي سيكون هناك تحولا كبيرة لأنها منطقة احتلت بالقوة العسكرية وليست ضمن الأراضي التي خصصت لإسرائيل بعد نهاية الانتداب البريطاني عام 1948.
وبالاعتراف تكون الولايات المتحدة تبعد نفسها خطوة أخرى عن التقاليد الدبلوماسية، وهو التحرك الذي سيكون لها تأثير كبير ليس فقط على المناطق المتنازع عليها التي تم تسوية الأمور فيها بل على كل دولة وما قد تتوقعه من أخرى في هذه المرحلة التاريخية.

وسوف يعقد الاعتراف الأمريكي النزاعات الحدودية الجارية. فعلى سبيل المثال ترغب روسيا في شرعنة ضمها لشبه جزيرة القرم. كما أن الصين رفضت الأحكام الدولية حول جزرها في بحر الصين الجنوبي، معتبرة أن المؤسسات الدولية تحت سيطرة نفوذ قوى تعادي الصعود الصيني.

ومع الاعتراف بأن الجولان المحتلة تتبع إسرائيل، سوف تتشجع الصين بأنها لو استمرت في موقفها فسوف يتم الاعتراف بذلك في المستقبل.
كما أن بعض الدول سوف تتجرأ على بدء عمليات عسكرية لأنها ستكون أقل خوفًا من الولايات المتحدة وتدخلاتها. وبحسب المركز الأمريكي، فإن القادة المؤمنين بالحل العسكري في حل النزاعات على الأراضي سوف يتشجعون أيضًا.

تنظر الولايات المتحدة إلى إسرائيل كالشريك الأقوى في الشرق الأوسط الذي يساعدها في تحقيق أهدافها. وبالتالي تعمل على تقوية إسرائيل في مقابل ولائها لواشنطن.
وبحسب المركز الأمريكي فإن هذا ما دفع واشنطن إلى نقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس المحتلة، وما قد يجعلها تقبل بمزاعم إسرائيل بشأن هضبة الجولان.
ويرى " ستراتفور" أنه حال استمرت الولايات المتحدة في نهجها سيكون على القوى الكبرى الأخرى مثل ألمانيا وفرنسا وبريطانيا التحرك، لكن على الرغم من أي جهود مبذولة لن يكون لديهم ما يكفي من القوة لمنع الدول الأخرى من إعادة كتابة قواعد ما بعد الحرب العالمية الثانية.

فيديو قد يعجبك: