لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

نورا السودانية تخلع البدلة الحمراء.. الطفلة المغتصبة تنتصر

04:58 م الخميس 28 يونيو 2018

كتبت- رنا أسامة:

رُبما لم تكُن تتوقّع السودانية نورا حسين (19 عامًا) أن تشغل اهتمام الرأي العام المحلي والدولي، بتجربة مأساوية كشفت النِقاب عن قضايا مسكوت عنها في المجتمع السوداني، حيث تترسّخ التقاليد القبليّة، بينها الزواج بالإكراه واغتصاب الأزواج وتزويج الفتيات في سن الطفولة.

أيامٌ عصيبة عاشتها "نورا" داجل سجن النساء في منطقة أم درمان، غربي العاصمة السودانية الخرطوم، بعد أن حُكِم عليها مطلع شهر مايو الماضي بالإعدام شنقًا حتى الموت، إثر إدانتها بالقتل العمد لزوجها طعنًا بالسكين، لتُقرر محكمة النقض في الخرطوم قبل يومين إلغاء حكم الإعدام والاكتفاء بسجنها 5 سنوات.

بين دخولها "القفص الذهبي" بالأبيض الناصِع، ومكوثها في "قفص الاتهام" بالبدلة الحمراء في انتظار الإعدام.. يستعرض "مصراوي" قصة نورا السودانية التي كادت تقاليد المجتمع التي لا ترحم أن تفتك بها.

ماذا حدث لنورا؟

بعد أن أتمّت دراستها الثانوية، وبينما كانت في الـ16 من عُمرها، انقلبت حياة نورا رأسًا على عَقِب بعد أن أصرّ والدها على تزويجها من ابن عمها الثري ذي الـ35 عامًا. "قُلت لهم لا أريد الزواج. أريد الدراسة"، تقول نورا في تسجيل صوتي حصلت شبكة "سي إن إن" الأمريكية على نسخة منه.

محاولات عِدة لجأت إليها نورا للفرار من هذا الزواج، حتى أنها تحدّثت إلى العريس مباشرة وقالت له "لا أريد الزواج منك"، لكن جميعها باء بالفشل، "خوفًا عليها من أن تلد ابنًا غير شرعي"، حسبما كشف والدها لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي).

التمست الحماية عند أحد أقاربها لثلاث سنوات، حتى عادت في أبريل من العام الماضي إلى منزل عائلتها في الخرطوم، عقب وعود من والدها بأنه ألغى خطط الزواج، لتكتشف أنه غرّر بها وأن الاستعدادات للزواج جارية على قدمٍ وساق. "كان ينتابني الشعور بالغضب. لم أكن أريد هذا الرجل"، تروي نورا.

طيلة الأيام الأولى من الزواج، لم تبرح نورا غرفتها التي حرصت على المكوث بها مرتدية جميع ملابسها، رفضت مغادرتها ولم تكُن تتناول الطعام. وفي اليوم التاسع وقع الحادث بعد أن جاء اثنين من أقارب زوجها إلى المنزل وطلبا منها الذهاب إلى غرفة النوم.

تحكي نورا: "قلت لا. فقام عمه بسحبي من ذراعي إلى داخل غرفة النوم وقام ابن عمه بصفعي... مزقوا ملابسي. قام عمه بتثبيت قدمي وأمسك اثنان آخران ذراعيّ. نزع (زوجها) ملابسه ومارس الجنس معي... بينما كنت أبكي وأصرخ".

"في النهاية غادروا الغرفة... كنت أنزف".

رواية نورا التي عمدت "سي إن إن" إلى تسجيلها باللغة الإنجليزية حفاظاً على سلامتها الشخصية، بحسب تعبير الشبكة الأمريكية

وذكرت أن زوجها حاول مُعاشرتها في اليوم التالي، "قام بدفعي إلى السرير وكنت أقاوم بشدة حتى وقعت يدي على سكين كانت تحت الوسادة"، مُشيرة على أنهما تعاركا حول السكين قبل أن تتمكن من طعنه، وبعدما تأكّدت أنه فارق الحياة، ركضت إلى منزل عائلتها أملًا في مساندتها.

تسليم أهالي

لم يكتفِ أهل نورا التخليّ عنها كعادتهم هذه المرة، بل قام والدها بتسليمها للشرطة. "تفاجأت بوجودها في المنزل بعد أيام من زواجها وقالت لي إنها قتلت زوجها بعد اغتصابها بمساعدة أفراد من أهله". يقول والدها لبي بي سي.

وتابع "عندها شعرت بعظم الأمر وأن أهل القتيل لن يسكتوا وسيقومون بأي شيء من أجل الثأر، قررت أن آخذها وبقية أسرتي لقسم الشرطة من أجل ألا يقع علينا مكروه".

فيما رفض أهل المجني عليه تعويضًا ماليًا، يُعرف في المحاكم السودانية بالـ "دية"، بدعوى شعورهم بالإهانة من الواقعة وإنها "جرحت كبرياءهم بقتلها لابنهم بالسكين"، يقول علي آدم، أحد أقارب القتيل، في اتصال هاتفي مع هيئة الإذاعة البريطانية.

العدالة لنورا

أُلقي القبض على نورا والزجّ بها في السجن في مايو 2017 بتهمة القتل العمد، وحُكِم عليها بالإعدام في مايو 2018، بموجب المادة 130 من القانون الجنائي السوداني.

ومن ذلك الحين، دعا حقوقيون ونشطاء لإطلاق سراح نورا وأطلقت منظمة العفو الدولية حملة تضامنية باسم (العدالة من أجل نورا حسين)، وجّهت خلالها رسالة مفادها "اظهروا تضامنكم مع نورا واكتبوا إلى السفارة السودانية في جنيف كي نواصل ممارسة الضغط، والمطالبة بتحقيق العدالة لنورا الآن".

كما أُطلِقت حملة دعم واسعة للفتاة السودانية في واشنطن.

واستجابت محكمة الاستئناف لطلب محامي هيئة الدفاع، الثلاثاء الماضي، واستبدلت الإدانة بـ"القتل شبه العمد"، لتُقرر على إثره تخفيف العقوبة إلى السجن 5 سنوات من تاريخ دخولها في 3 مايو 2017، وإلزامها بتعويض مالي بقيمة 337 ألف و500 جنيه سوداني.

فرحة وغضب

من جانبها، قالت الناشطة السودانية تهاني عباس، التي زارت نورا في السجن بعد ساعات من تخفيف عقوبتها، إنها كانت "مبتهجة".

وأضافت الناشطة لمُراسل بي بي سي في الخرطوم، أن نورا كانت تأمل في أن تقضي المحكمة بالبراءة، ولكنها "مع ذلك سعيدة بكونها لن تشنق أبدا".

وذكرت تهاني، التي تبنّت قضية نورا منذ البداية، إنها شهدت نزع الأغلال من يدي وقدمي نورا بعد صدور قرار محكمة الاستئناف.

ومضت تقول " كانت لحظة ممتلئة بالمشاعر الجياشة وأنا أرى نورا من غير أصفاد، والفرحة على وجهها. لقد احتفلت السجينات معها بهذا الحدث".

لكن رد فعل أهل الزوج القتيل كان مختلفا، إذ تلقوا خبر إلغاء حكم الإعدام بنوع من عدم الرضا.

وقال شقيق الزوج القتيل لبي بي سي إن أسرتهم تحترم حكم القضاء، لكنهم غير راضون عنه.

وأوضح أنهم يشعرون "بالإهانة "من قتل ابنهم بواسطة نورا التي لم يكن يتوقعون منها أن تقدم على فعل ذلك.

وأضاف " لا ندري لماذا قتلته، كانت خطيبته لمدة 4 سنوات وكان يعيلها وينفق عليها طوال هذه السنوات ولم تقل إنها لا تريده، لكن بعد أيام من الزواج قتلته بدم بارد".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان