إعلان

رغم موقفها المُتخبّط.. ما دور أمريكا في مقاطعة قطر؟

11:11 ص الثلاثاء 05 يونيو 2018

دونالد ترامب وأمير قطر

كتبت- هدى الشيمي:

مر عام على مقاطعة الدول الأربع (مصر والسعودية والإمارات والبحرين) لقطر، اتسم فيه موقف الولايات المتحدة بالتخبط، فتارة يُعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تأييده لهذه الخطوة، وتارة أخرى يؤكد أن قطر حليف مُقرب لبلاده، ويُشدد على ضرورة إنهاء الأزمة الخليجية لما له من أضرار جسيمة على المنطقة بأكملها.

في البداية الأمر، وعقب اتخاذ الدول الأربع القرار بقطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر متهمين إياها بدعم وتمويل الإرهاب وإيواء كيانات إرهابية، رحب ترامب بالأمر، وتمنى أن تكون بداية نهاية فظائع الإرهاب، مُشيرا إلى أن زيارته للسعودية، في مايو من العام الماضي، ولقائه بالعاهل السعودي و50 زعيمًا عربيًا أتت ثمارها، لاسيما وأنهم أخبروه بأنهم سيتخذون موقفًا صارمًا بشأن تمويل التطرف، قائلا في تغريدة عبر تويتر:"وكل إشاراتهم كانت تصب نحو قطر".

21

وأثار ترحيب الرئيس الأمريكي تساؤلات عدة، خاصة وأن قطر تستضيف واحدة من أكبر القواعد العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط وهي قاعدة "العديد"، كما أن الدوحة أكبر مصدر الغاز الطبيعي إلى واشنطن، إلا أن الرئيس الأمريكي لم يثبت على موق واحد، إذ حاول بعد فترة إنهاء المقاطعة ورأب الصدع، مؤكدًا أن قطر توقفت عن دعم الإرهاب وأنها أحرزت تقدمًا كبيرًا في هذا الشأن. فلماذا دعم ترامب مقاطعة قطر؟

صفقات ومصالح متضاربة

تحدثت الكثير من التقارير الإعلامية عن دور جاريد كوشنر، مستشار الرئيس الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط وصهره، في المساعدة على عزل قطر، وارجعوا ذلك إلى رفض الدوحة عقد صفقات مع شركة والده وإنقاذ عائلته من مشاكل مالية كبيرة. كان أحدثها تقرير نشرته صحيفة "ذي انترسبت" الأمريكية، في مارس الماضي، ذكر أن شركة العقارات التي يملكها كوشنر تواصلت بشكل مباشر مع الحكومة القطرية من أجل صفقة تجارية قبل أسابيع قليلة من مقاطعة قطر.

ونقلت ذي إنترسبت عن مصدرين مُطلعين، قولهما إن شركة العقارات المملوكة لكوشنر تواصلت بشكل واضح مع وزير المالية القطري في أبريل العام الماضي لتأمين استثمارات للشركة.

وأوضحا أن كوشنر حاول الحصول على تمويل مبنى في 666 فيفث أفينيو في نيويورك، منذ انتهاء الانتخابات الأمريكية، إذ أن والده اشترى هذا المبنى بسعر باهظ الثمن، إلا أن سعره تراجع ما هدد العائلة بأكملها بالخسارة إذا لم تجد تمويلًا، فبحث كوشنر عن مستثمرين في جميع أنحاء العالم، وكان على رأسهم قطر والصين.

3

وحسب تقارير إعلامية، لم تكن هذه المرة الأولى التي تطلب فيها عائلة كوشنر أموالًا من القطريين، إذ طلب والده من رئيس الوزراء القطري السابق الشيخ حمد بن جاسم الحصول على تمويل مادي يُقدّر بحوالي 500 مليون دولار، بعد فترة قصيرة من انتخابات عام 2016 والتي انتهت بفوز ترامب.

وأوضحت الصحيفة الأمريكية أن تشارلز كوشنر، والد جاريد، التقى بوزير المالية القطري شريف العمادي لمناقشة تمويل صفقة عقارية في نيويورك، إلا أن الاجتماع واللقاءات الأخرى التي أعقبته لم تتوصل إلى أي شيء، ما أغضب المستشار الأمريكي الذي اجتمع بمسؤولين من الدول الأربع، لوضع خطة ضد قطر، وقاد الجهود لتقويض مساعي وزير الخارجية الأمريكي السابق ريكس تيلرسون لحل الأزمة.

واعتبر روبرت مولر، المُحقق المُكلّف من قبل وزارة العدل الأمريكية في التحقيق في مزاعم تورط روسيا في الانتخابات الأمريكية، ما قام به كوشنر من جهود لفرض حصار على قطر، ومنع حل الأزمة، استغلالًا للسلطة، وتضارب مصالح، لاسيما وأنه استغل منصبه السياسي في تحقيق مصالح تجارية له ولعائلته، وهذا ما نفاه فريق المحاماة الخاص بالمستشار الأمريكي تمامًا.

جماعات الضغط

وكان لجماعات الضغط دور كبير في إقناع ترامب بمقاطعة قطر، وعرقلة الجهود المبذولة لحل الأزمة دبلوماسيًا. ونشرت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، الاثنين الماضي، تقريرًا قالت فيه إنها حصلت على رسائل إلكترونية مُسربة تُظهر محاولات جورج نادر، رجل الأعمال الأمريكي اللبناني الذي يعرف نفسه على أنه مستشار الإمارات، وإليوت برويدي، أحد أكبر ممولي حملة ترامب، للضغط على الرئيس الأمريكي لإقالة تيلرسون بسبب موقفه غير الداعم لأبوظبي في أزمة الخليج.

4

وحسب المراسلات، التي بعثها برويدي إلى نادر، فإن الرجلين اقناعا ترامب بضرورة إقالة تيلرسون بسبب أدائه الضعيف، ونصحاه بعدم الوقوف في صف قطر، وتزامن ذلك مع محاولات ترامب بإقناع الدول المقاطعة بتخفيف الحصار عن قطر.

وقالت بي بي سي إن برويدي قاد حملة ضد تيلرسون وبذل جهودًا كبيرة لإجهاض مساعي ترامب، وعرقلة وزير الخارجية السابق، مُستغلًا توتر العلاقات بينهما على خلفية اختلاف ارائهما بشأن بعض القضايا على رأسها الاتفاق النووي مع إيران.

وكان تيلرسون يبذل جهودًا واسعة لإنهاء الأزمة الخليجية، فقام بجولة خليجية، في يوليو من العام الماضي، لتخفيف التوتر بين قطر والدول الأربع، وفزار الدوحة وأجرى عدة مباحثات مع وزراء خارجية الدول المقاطعة في مدينة جدّة السعودية، إلا أن الزيارة انتهت دون احراز أي تقدم.

وخلال زيارته قطر، وقعت الدوحة وواشنطن مذكرة تفاهم حول محاربة الإرهاب، إلا أن الدول المقاطعة الأربع اعتبروها غير كافية لتبديد مخاوفهم.

تضارب

تقول (بي بي سي) إن مساعدي ترامب اقنعوه في لاحقًا باتخاذ موقف أكثر حيادية إزاء هذه الأزمة، لاسيما وأن قطر بدأت حملة ضغط باهظة التكاليف في واشنطن، فاستجاب لهم الرئيس الأمريكي ودعا أمير قطر الشيخ تميم بن حمد إلى البيت الأبيض، في أبريل الماضي، وخلال الاجتماع أثنى عليه ووصفه بـ"مناصر كبير" لمكافحة تمويل الإرهاب، ووصفه بأنه رجل عظيم وصديق مُقرّب.

5

كما أشار الرئيس الأمريكي إلى قطر حليف للولايات المتحدة، قائلا: "نحن نتأكد من توقف تمويل الإرهاب في الدول التي لنا علاقات وثيقة بها، ولكن هذه الدول توقف تمويل الإرهاب ومن بينها الإمارات والسعودية وقطر وغيرها. الكثير من الدول كانت تمول الإرهاب ونحن نوقف ذلك".

وانتقلت حالة التضارب إلى وزير الخارجية السابق تيلرسون، والذي قال في تصريحات في يونيو من العام الماضي، إن قطر عليها بذل المزيد من الجهود لوقف دعم الإرهاب، ولكنه عاد مرة أخرى وشدد على ضرورة التوصل إلى حل سلمي، ودعا جميع الأطراف إلى ضبط النفس من أجل الوصول إلى حل دبلوماسي يُنهي الأزمة تمامًا.

الدوحة تخطب ود واشنطن

وفي خطوة اعتبرتها السعودية والإمارات محاولة من قطر للتودد إلى الولايات المتحدة، قالت صحيفة ديلي بيست الأمريكية، في مايو الماضي، إن بعثة قطر لدى الأمم المتحدة اشترت عقارًا بقيمة 6.5 مليون دولار في برج "ترامب وورلد" في نيويورك. وبذلك باتت البعثة القطرية تملك 4 وحدات في الأبرا ، ويصل إجمالي مشترياتها في المبنى إلى 16.5 مليون دولار.

بيد أن الدوحة أنكرت كل ما يتردد عن سعيها لشراء رضاء ترامب، وأصدرت بيانًا أوضحت فيه أن شراء العقارات بالإضافة إلى الوحدة الأخيرة، يعود إلى موقعها المتميز، حيث يقع البرج في الجانب الآخر من مقر الأمم المتحدة في نيويورك.

6

وقالت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، في تقرير بعنوان "محاولات الدوحة للخروج من العزلة"، إن الدوحة تلجأ إلى الكثير من السبل السياسية والاقتصادية والعسكرية لإنهاء عزلتها، أهمها اقناع الرئيس الأمريكي بأن استمرار الحصار لفترة أطول من ذلك سيكون له أثار سلبية على واشنطن وحلفائها في الخليج.

7

وذكرت الصحيفة أن ترامب أرسل وزير خارجيته مايك بومبيو إلى الرياض، في أبريل الماضي، من أجل التوصل إلى اتفاقًا يُنهي الأزمة الخليجية.

وفي لقائهما الأخير، نقل بومبيو لنظيره الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان رغبة ترامب في رؤية تخفيف للنزاع الخليجي وحل الأزمة بين دول الخليج.

وقالت هيذر نويرت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية، إن بومبيو أعرب عن أمله في أن يدخل جميع أطراف الخلاف الخليجي في حوار بناء قبل عقد القمة الأمريكية الخليجية المُقبلة.

فيديو قد يعجبك: