هل يستطيع الشرق الأوسط حل مشكلة المياه؟
كتبت- هدى الشيمي:
قالت شبكة "سي إن إن" الأمريكية إن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تواجه مشكلة كبيرة وحقيقية، فالماء هناك أوشك على الانتهاء لدرجة تدفع إلى تصفية مياه البحار.
وأوضحت الشبكة الأمريكية أن المنطقة التي تعد أكثر المناطق سخونة، تعاني من نقص كبير في معدل الماء، لاسيما مع وجود 17 دولة تحت خط فقر المياه الذي حددته الأمم المتحدة.
وتُشير سي إن إن إلى أن مُعدل الماء في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ينخفض بشكل أسرع مما يمكن إعادة تجديده، ما يعني أن هذه المنطقة ستواجه صعوبات كبيرة وستفقد امكانياتها.
وذكرت الشبكة الأمريكية أن هذه المعلومات هي نتاج ما توصل إليه تقرير حديث للبنك الدولي، الذي يوضح كيفية انتقال المنطقة من معاناتها مع ندرة الماء إلى المزيد من الأمن المائي.
ووجد التقرير أن منطقة الشرق الأوسط في حاجة مُلحة لاتخاذ إجراءات حاسمة لتقليل الفجوة بين كمية الماء الموجودة فيها وحجم الطلب عليها، مُشير إلى أن هذه المنطقة موطن لستة في المائة من سكان العالم، ولكنها تحتوي على واحد في المائة فقط من موارد المياه العذبة في العالم.
"تحدي كبير"
وقالت "سي إن إن" إن نقص الماء تحدي كبير يواجه هذه المنطقة منذ مئات السنين، وتفاقمت المشكلة في الأونة الأخيرة، بعد زيادة التعداد السكاني، والنمو الاقتصادي، وإمدادات المياه المشتركة عبر الحدود.
وهناك أسباب أخرى تسببت في نقص كمية الماء في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أهمها تغير المناخ والجفاف المتكرر، وتراجع هطول الأمطار، وارتفاع معدلات التبخر، حسب التقرير الإقليمي العربي لعام 2018.
وحسب بيانات منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة، فإن حوالي 13 دولة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يعانون من انخفاض كبير في منسوب الماء منذ عام 2014.
وأوضحت "سي إن إن" أن الدول تعاني من ندرة المياه عندما تنخفض إمداداتها السنوية من المصادر الطبيعية إلى أقل من 500 متر مكعب للشخص الواحد لتلبية الاحتياجات المنزلية والزراعية والصناعية.
وذكرت أن سبعة من بين هذه الدول التي تواجه ندرة الماء موجودة في منطقة الخليج، والمعروفة بطبيعتها الصحراوية القاسية ومناخها شديد الجفاف.
ونتيجة لذلك، تستهلك بعض الدول كميات من الماء تفوق قدرة تحملها.
"مشكلة خطيرة"
وفقًا لتقرير البنك الدولي، فإن ندرة المياه تحدث في المناطق التي تستمد الماء منها في الأنهار والآبار والصخور المشبعة بالماء.
وقالت كلوديا سادوف، مديرة أولى في قطاع الممارسات العالمية لأمن المياه والإدارة المتكاملة للموارد بالبنك الدولي، لسي إن إن، إنه عندما يتم سحب كمية كبيرة من الماء تفوق الكمية التي يمكن تجديدها، فإنك بذلك ستؤذي الطبقة الصخرية نفسها.
وأوضحت سادوف أن هذه العملية تضر بالنظم البيئية، وتعطل الإنتاج الاقتصادي وتعرقل الجهود المبذولة لتحقيق الرفاهية.
وذكرت سادوف أنه من المحتمل أن تستعيد طبقات المياه الجوفية الماء الذي تم استخراجه منها، حال هطول الأمطار مدة عام كامل.
وحسب البنك الدولي، فإن مشكلة ندرة الماء أصبحت خطيرة في بعض دول شبه الجزيرة العربية والمغرب العربي وإيران، بينما أصبحت بعض دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا قادرة على إنتاج مياهها، وتوفير احتياجاتها.
"تحلية مياه البحار"
ومن أكثر الطرق شيوعًا لتلبية احتياجات السكان في الدول التي تعاني من نقص الماء، تتمثل في تحلية مياه البحر.
وفقًا للبنك الدولي، فإن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تعتمد على نصف طاقة تحلية مياه البحر في العالم، ما يجعلها أكبر سوق لتحلية المياه في العالم.
وأوضحت "سي إن إن" أن عملية تحلية مياه البحر يتم تنفيذها في 150 دولة في جميع أنحاء العالم.
وحسب جمعية التحلية الدولية، فإن أكثر من 300 شخص في جميع أنحاء العالم يعتمدون على المياه المحلاة لتلبية احتياجاتهم اليومية.
أوضحت شانون مكارثي، أمين عام المؤسسة الدولية للتنمية، أن منطقة الخليج هي الأكثر اعتمادًا على المياه المحلاة، إذ تعتمد بعض البلاد على حوالي 90 بالمئة من الماء المُحلى.
وتقول مكارثي إن هذه الدول تعتمد بشكل أساسي على الماء المُحلى لأنها ليس لديها أي بديل آخر.
"بدائل أرخص"
توضح مكارثي أن ارتفاع تكلفة عملية تحلية الماء ما يجعلها أقل شيوعًا في الدول الفقيرة.
وأشارت سادوف إلى أن هناك بدائل أرخص للحصول على الماء، يمكن أن تعتمد عليها الدول الفقيرة.
وتقول سادوف إن التكنولوجيات الأخرى البديلة لتحلية الماء، تتمثل في معالجة المياه المُستخدمة، وإعادة تغذية المياه الجوفية، وتخزين مياه الأمطار.
ومع ذلك، لا تقوى المناطق الفقيرة مثل اليمن، وليبيا، وقطاع غزة والضفة الغربية، والتي ما تزال تعتمد على المياه الجوفية كمصدر أساسي للماء على اتباع التكنولوجيات الرخيصة.
وحسب تقرير البنك الدولي، فإن نقص الماء والصرف الصحي يكلفان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا نحو 21 مليار دولار سنويًا كخسائر الاقتصادية، ويشمل ذلك تكاليف الرعاية الصحية وإهدار الإمكانيات بسبب إصابة المواطنين بالمرض، والوفاة المبكرة.
ومن المتوقع أن يؤدي ارتفاع مُعدّل السكان والنمو الاقتصادي وتغير المناخ إلى فقدان كميات أكبر من الماء في المنطقة.
وحسب تقرير البنك الدولي، فإن استمرار نقص الماء في المنطقة سينتج عنه نزاعات عبر الحدود، وتوترات سياسية.
ووجد التقرير أنه في حالة استمرار الوضع كما هو عليه، فإن حوالي 60 بالمئة من المنطقة ستواجه ارتفاعًا كبيرًا في نقص الماء بحلول عام 2040.
فيديو قد يعجبك: