يلدريم.. رئيس برلمان تركيا الجديد وفيّ لأردوغان على حساب طموحاته
كتب - هشام عبد الخالق:
اُنتخب رئيس الوزراء التركي السابق بن علي يلدريم، رئيسًا للبرلمان، بعد حصوله على 335 صوتًا خلال انتخابات سرية بالبرلمان، بعد 3 جولات من الانتخاب.
وفاز يلدريم بالمنصب بعد 3 جولات، ضد أردوغان طوبراك من حزب الشعب الجمهوري.
يعتبر يلدريم الصديق الأول والمخلص لأردوغان، لدرجة أنه قبل ترشيح أردوغان له في منصب رئيس بلدية إزمير في الانتخابات المحلية التي جرت عام 2013، على الرغم من أن خسارته كانت أمرًا مسلمًا به، وهو ما اعتبره المحللون موقعًا جديدًا يدل على تفانيه وولائه التام لأردوغان على حساب طموحاته الشخصية.
- حياته الشخصية
وُلد يلدريم في محافظة إرزنجان، لعائلة كردية أصولها من أكري، ودرس في كلية البحرية بجامعة إسطنبول للتكنولوجيا، ودرس فيها العمارة البحرية وهندسة المحيطات، وتخرج عام 1991 من الجامعة البحرية العالمية، حيث حصل على ماجستير العلوم في السلامة البحرية والحماية البئية.
بعد تخرجه، عمل مديرًا عامًا لشركة إسطنبول للعبارات السريعة في الفترة من 1994 حتى 2000، عندما كان الرئيس التركي الحالي رجب طيب أردوغان عمدة لمدينة إسطنبول، وعندما قرر أردوغان ورفاقه تأسيس حزب العدالة والتنمية عام 2001، ظهر اسم يلدريم من بين المؤسسين، وكان الشخصية التكنوقراطية الأكثر خبرة في العمل الحكومي.
- وزير النقل ومطالبات الاستقالة
تولى يلدريم منصب وزير النقل في الفترة من 18 نوفمبر 2002 حتى مايو عام 2007، وكان رئيس الوزراء في تلك الفترة عبد الله غل، وأثناء توليه وزارة النقل أدخلت تركيا القطار فائق السرعة بين أنقرة-أسكي شهر وأنقرة-قونية، وخط آخر تحت الإنشاء أسكي شهر-إسطنبول، يصل بين إسطنبول وأنقرة، ولكن انهار المشروع بعد خروج قطار عن مساره في 22 يوليو 2004 في إحدى رحلاته وتمت مطالبة يلدريم بالاستقالة.
أعيد تعيينه وزيرًا للنقل ولكن هذه المرة تحت قيادة رئيس الوزراء السابق والرئيس الحالي رجب طيب أردوغان، في الفترة من 29 أغسطس 2007 حتى 8 مارس 2011، ومن ثم في الفترة من 6 يوليو 2011 حتى 1 نوفمبر 2011، وبعد تغير اسم الوزارة لتصبح وزارة المواصلات والاتصالات والنقل البحري، استمر يلدريم في منصبه حتى 25 ديسمبر 2013.
أنجز خلال توليه منصب وزارة النقل والملاحة البحرية في تركيا، العديد من المشاريع الاستثمارية والتي تقدر بنحو 85 مليار دولار أمريكي، وكان الإنجاز الأكبر له هو المخاطرة ودخول تحدٍّ في استكمال مشروع العصر ميترو مرمراي، الذي يصل القارتين الآسيوية والأوروبية تحت الماء، إضافة إلى نفق أوراسيا للسيارات، علاوةً على جسر السلطان سليم الأول، وجسر خليج إزميت الواصل بين إسطنبول وإزمير.
عاد يلدريم مرة أخرى لمنصب وزير المواصلات والاتصالات والنقل البحري، في الفترة من 24 نوفمبر 2015 حتى 24 مايو 2016.
- أردوغان ويلدريم.. صداقة ممتدة
تمتد الصداقة التي تجمع أردوغان ويلدريم إلى ما قبل تعيين الأخير رئيسًا للوزراء، فالصداقة بين الرجلين تعود إلى عام 1994 عندما كان أردوغان يترأس بلدية إسطنبول الكبرى، وكان يلدريم يُدير شؤون المواصلات البحرية داخل إسطنبول في تلك الفترة، وكان أيضًا من مؤسسي حزب العدالة والتنمية مع أردوغان عام 2001.
يعتبر يلدريم الصديق الأول والمخلص لأردوغان، خاصة بعدما ابتعد الرئيس السابق عبد الله غول ورئيس الوزراء السابق أحمد داود أوغلو عنه، وكلاهما صديقان لأردوغان قبيل تأسيس حزب العدالة والتنمية، وهي الحقبة التي شهدت مزيدًا من التقارب بين يلدريم وأردوغان.
وفي مهمة صعبة، قبل يلدريم رغبة أردوغان في ترشيحه لمنصب رئيس بلدية إزمير في الانتخابات المحلية التي جرت عام 2013، وعلى الرغم من أن خسارته كانت أمرًا مسلمًا به كونها تعتبر قلعة حزب الشعب الجمهوري الأتاتوركي المعارض، إلا أنه قبل المهمة من أجل رفع أصوات حزب العدالة والتنمية في هذه المدينة، وهو ما اعتبره المحللون موقعًا جديدًا يدل على تفانيه وولائه التام لأردوغان على حساب طموحاته الشخصية.
وعقب الانتخابات الرئاسية التي فاز فيها أردوغان عام 2014، قالت وسائل إعلام تركية إن أردوغان كان يعتمد على يلدريم بشكل كبير، ولم يكن مجرد مستشارًا خاصًا له، وإنما كان يدير 13 من كبار مستشاري أردوغان في القصر الرئاسي، وهو المنصب الذي أُطلق عليه رئيس وزراء حكومة الظل.
ترشّح يلدريم لرئاسة حزب "العدالة والتنمية" في 19 مايو 2016، بعد استقالة داوود أوغلو من رئاسة الوزراء، وإعلانه أنه لن يترشح لرئاسة الحزب، وبذلك كان يلدريم هو المرشح الوحيد في الانتخابات التي جرت في المؤتمر العام الاستثنائي الذي عقد في العاصمة التركية أنقرة، وحصل يلدريم على أصوات 1405 مندوبًا من أصل 1411 شاركوا في الانتخاب، وبحسب القانون الداخلي لحزب العدالة والتنمية، فإن رئيس الحزب يصبح تلقائيًا رئيسًا للوزراء.
وكرّس يلدريم الحكومة من أجل الإعداد للنظام الرئاسي في البرلمان، وصولًا للاستفتاء الذي جرى في أبريل من العام الماضي، ونجح أردوغان ويلدريم في تمريره، وأبدى يلدريم تفانيًا غير مسبوق في التنقل بين 81 ولاية تركية وتنظيم مهرجانات جماهيرية حاشدة للترويج له.
وعقب نجاح الاستفتاء، استمر يلدريم في أداء المهمة على أكمل وجه، ووقف إلى جانب أردوغان في الإعداد لتمرير ما يُعرف بـ "قوانين الموائمة"، التي تمهد فعليًا لتطبيق النظام الرئاسي، وصولًا للإعلان عن الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المبكرة.
ومع بدء الحملة الترويجية لهذه الانتخابات، خاض يلدريم حملة غير مسبوقة متنقلًا في اليوم نفسه بين أكثر من ولاية، وبح صوته في التأكيد على أهمية الانتخابات المقبلة، وأهمية الانتقال للنظام الرئاسي، مشددًا على أن أردوغان هو المُخلص لتركيا والزعيم الأفضل لها.
ولم ينسَ أردوغان هو الآخر، الدور الكبير الذي قام به يلدريم، متيحًا له إلقاء خطاب النصر قبيل إلقاء كلمته، وقدم له الشكر على ما قام به.
وتأكيدا للثقة التي يوليه إياها الرئيس أردوغان، كان من مهام أردوغان حتى الآن الإشراف على مشاريع البنى التحتية العملاقة، التي وجهت إليها المعارضة والمدافعون عن البيئة انتقادات حادة، ويقولون إنها غيرت وجه تركيا ولاسيما إسطنبول.
الأمر نفسه ينطبق على المطار الدولي الثالث في شمال غرب العاصمة، الذي تسبب بقطع الغابات، وسيكون قادرًا على استقبال 150 مليون مسافر سنويًا، والمشروع الآخر الذي يثير الخلاف أيضًا، هو الجسر الثالث على البوسفور، الذي يربط بين ضفتي إسطنبول، وأطلق عليه اسم السلطان سليم الأول.
فيديو قد يعجبك: