الحرب التجارية العالمية تدخل منعطفا خطيرا بتوجيه اليابان والاتحاد الأوروبى صفعة قوية للحمائية
القاهرة - (أ ش أ):
شبح الحرب التجارية العالمية الذى لاح في الأفق قبل أربعة أشهر بسبب قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية مشددة على واردات الصلب والألمنيوم ومنتجات مختلفة ، واعقبها بفرض رسوم نسبتها 25 بالمائة على سلع صينية بقيمة 34 مليار دولار، سرعان ما سري كالنار فى الهشيم وجاء الرد سريعا من الصين بزيادة الرسوم على سلع أمريكية .
فيما جاء رد حلفاء واشنطن قبل خصومها صادما ، وبإجراءات تصاعدية قرعت طبول الحرب التجارية ، ودخلت منعطفا خطيرا أمس "الثلاثاء" مع توقيع أكبر إتفاق فى العالم للتجارة الحرة (جيفتا) يحقق شراكة إقتصادية بين الإتحاد الأوروبى واليابان ، ويهدف إلى خلق أكبر "منطقة اقتصادية مفتوحة في العالم" ، تعادل السياسات التجارية للرئيس ترامب والتي أطلقها مؤخرا ٠
الاتفاق التجاري، الذي وقع عليه كبار مسئولى الاتحاد الأوروبي ورئيس الوزراء الياباني، يعد أكبر اتفاق للاتحاد الأوروبي إذ ينص على إنشاء منطقة تبادل حر تشمل تقريبا ثلث الناتج المحلي الإجمالي في العالم، وبذلك يخلق أكبر منطقة اقتصادية مفتوحة في العالم، كحائط صد ضد مخاوف تقلص دور التجارة الحرة في النظام الاقتصادي العالمي على إثر نشوب حرب تجارية بين الولايات المتحدة والصين ٠
وأصبح هذا الاتفاق - الذى وصف " بالتاريخى " - تكتلا فى وجه حمائية ترامب بما يجعل اليابان والإتحاد الأوروبى يتحدثان بصوت واحد لمواجهة سياسة ترامب الحمائية ، تلك السياسة الإقتصادية المنتهجة بين الدول بهدف تقييد التجارة من خلال فرض رسوم جمركية مرتفعة على واردات حلفائها من البضائع والسلع المختلفة ، وتزامن ذلك مع قيام الولايات المتحدة الامريكية بتعزيز حربها التجارية على الصين بفرض ٢٠٠ مليار دولار كرسوم جمركية جديدة ٠
ويعد هذا أهم اتفاق فاوض عليه الاتحاد الأوروبي حتى الآن ، حيث ينص على إقامة منطقة تبادل حر تشمل نحو ثلث إجمالي الناتج الداخلي العالمي، وسيخفف عن المصدرين الأوروبيين مصاريف تقدر بمليار يورو سنويا ، وسيخلق منطقة تجارة حرة ضخمة تطال ٦٤٠ مليون نسمة فى دول الإتحاد واليابان ٠
وسيتم تطبيق هذا الاتفاق الاقتصادى اعتبارا من العام المقبل ، بعد تصديق برلمانى الاتحاد الأوروبى واليابان عليه خلال الفترة القادمة ، ليفتح بذلك عهدا جديدا من العلاقات الأوروبية اليابانية ، يحصد ثمارها كافة السلع والمنتجات والبضائع بدءا من التكنولوجيا البيئية إلى السيارات ومن النبيذ للأجبان ، حيث سيساعد توقيع اتفاق الشراكة الإقتصادية بين اليابان والاتحاد الأوروبى على تخفيض التعريفات والقيود ، ويعد الاتفاق بتجارة سهلة فى مجالات مختلفة خاصة منها التجارة والأغذية ، وسيدفع لتعزيز الاستثمارات وتبادل الخبرات والمعرفة ومن الجانب الأوروبي، يعتبر قطاع الصناعات الغذائية الرابح الأكبر من المفاوضات ، إذ يلغي الاتفاق الرسوم الجمركية عن جميع المواد الغذائية تقريبا، على أن يطبق ذلك بالنسبة لبعض المنتجات بعد فترة انتقالية.
وجاءت الكلمات المتبادلة عقب التوقيع بمثابة رسائل موجهة للرئيس الامريكى ترامب ، حيث أعلن رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي ورئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر في بيان صدر إثر توقيع النص: " اليوم هو يوم تاريخي، نحتفل فيه بتوقيع اتفاق تجاري في غاية الطموح بين اثنين من أكبر اقتصادات العالم "، وأوضح آبي فى كلمته أن الاتفاق يظهر للعالم الإرادة السياسية الثابتة لليابان والاتحاد الأوروبي لقيادة العالم كرائدين للتبادل الحر في زمن تنتشر فيه الحمائية ٠
وقال دونالد توسك رئيس المجلس الأوروبي، الذي يتحدث نيابة عن زعماء دول الاتحاد الأوروبي البالغ عددها 28 دولة، للصحفيين "نبعث رسالة واضحة بأننا نقف صفا موحدا ضد الحماية التجارية" ، في الوقت الذي وصف فيه رئيس المجلس الأوروبي ورئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر ، وصف اتخاذ موقف بشأن التجارة الحرة والمنصفة إنما يظهر أننا أقوى وأفضل موقعا حين نعمل سويا ، فيما أعرب مسؤولون أوروبيون بارزون حضروا توقيع الإتفاق عن آمالهم في أن يلعب الاتفاق دورا معادلا لقوى الحمائية التجارية لسياسات ترامب في هذا الخصوص.
وقال المتحدث باسم المفوضية الأوروبية مارجاريتيس سكيناس، إن الاتفاق مع اليابان جاء توقيعه بعد محادثات بدأت منذ عام 2013 ، فيما أشادت المفوضة الأوروبية للتجارة (سيسيليا مالمستروم ) ، باتفاق "جيفتا"، باعتباره "إشارة قوية" ضد الحمائية الأمريكية ، ومن جانبه ، حذرصندوق النقد الدولي، بأن التوترات التجارية القائمة قد تهدد في المستقبل القريب النمو الاقتصادي بالعالم ، وأن الحرب التجارية ستكبد الإقتصاد العالمى خسارة قدرها ٤٣٠ مليار دولار ٠
وبموجب الاتفاق ستلغي اليابان الرسوم عن 94 فى المائة من وارداتها من الاتحاد ، ويشمل 82 فى المائة من المنتجات الزراعية والأسماك ، فيما سيلغي الأوروبيون الرسوم عن 99 فى المائة من وارداتها القادمة من اليابان, ويشمل إلغاء الرسوم عن أجهزة التليفزيون في العام السادس بعد البدء بتطبيق الاتفاق وعن السيارات والشاحنات في العام الثامن ، وتوصل الطرفان إلى تسوية حول مسألة حساسة هي مشتقات الحليب، ولا سيما الأجبان المستوردة من دول الاتحاد الأوروبي، على أن يتم خفض الرسوم الجمركية اليابانية العالية عليها تدريجيا ، وسيحصل اليابانيون بموجب الاتفاق، على إمكانية وصول السيارات التي ينتجونها بِحرية إلى السوق الأوروبية، إنما بعد فترة انتقالية تمتد بضع سنوات.
الاتفاق التاريخى الذى وقعه الاتحاد الأوروبى واليابان هو بمثابة رص الصفوف في مواجهة حمائية ترامب ، فعلى الرغم من أن الحمائية تنتشر في العالم، إلا أن اليابان والاتحاد الأوروبي سيقودان توجه التجارة الحرة ضد حمائية ترامب.
هذا المحتوى من
فيديو قد يعجبك: