لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

تركيا ترفع الطوارئ بعد عامين من الانقلاب: صفحة جديدة أم حيلة إردوغانية؟

03:19 م الخميس 19 يوليو 2018

رجب طيب أردوغان

كتبت- رنا أسامة:

أعلنت تركيا رفع حالة الطوارئ المُطبّقة في البلاد منذ عامين بعد محاولة الانقلاب الفاشلة التي صاحبتها حملات تطهير موسّعة، وسط مخاوف المُعارضة من استمرار هذه الحملة تحت سِتار مُقنّع يُعرف بـ"قانون جديد لمكافحة الإرهاب".

يأتي ذلك في الوقت الذي بات يتمتّع الرئيس رجب طيب أردوغان بصلاحيات شبه مُطلقة، ضمن أكبر تعديل لنظام الحكم المعمول به منذ تأسيس الجمهورية التركية الحديثة، على أنقاض الإمبراطورية العثمانية قبل قرن تقريبًا.

ورُفِعت حالة الطوارئ الواحدة صباح اليوم الخميس، (العاشرة مساء الأربعاء بتوقيت جرينتش)، بحسب وكالة أنباء الأناضول الرسمية.

ماذا تعني حالة الطوارئ في تركيا؟

في 20 يوليو 2016، فرض الرئيس رجب طيب إردوغان حالة الطوارئ على بلاده لمدة 3 أشهرتم تمديدها 7 مرات- بموجب الدستور التركي- وذلك بعد محاولة انقلاب فاشلة هزّت تركيا ليل 15 إلى 16 من الشهر ذاته.

جرت العادة أن تُفرض حالة الطوارئ إذا حدثت كارثة طبيعية، أو في حالات الشغب والتمرد والنزاعات المسلحة، مثل الحروب الأهلية. غير أن تعريف حالة الطوارئ يختلف في كل بلد وفق دستوره.

ومع بدء الطوارئ في أي بلد، يبدأ العمل وفق الأحكام العرفية التي تعني منح السلطة التنفيذية صلاحيات واسعة من فرض لحظر التِجوال، وتنفيذ اعتقالات، على حساب السلطات الأخرى التشريعية والقضائية، وفق تقارير إعلامية.

في البداية، حاول إردوغان طمأنة شعبه في خطاب للأمة، نقله التليفزيون الرسمي وقتذاك، قائلًا إن "الجيش لن يدير البلاد" خلال حالة الطوارئ، أي أنه لن يُعمل بالأحكام العرفية خلال تلك الفترة.

لكن في حقيقة الأمر منحت الطوارئ إردوغان سلطات موسّعة بسط من خلالها قبضته القمعية على البلاد، بإصدار مراسيم أحدثت تغييرًا جذريًا في التشريعات التركية. ويقضي التعديل الدستوري باحتفاظ الرئيس بهذه الصلاحية بعد رفعها.

ومن جملة ما نصّت عليه المراسيم الـ34 الصادرة في ظل حالة الطوارئ، "فرض زي موحد للمعتقلين ممن لديهم ارتباط بالانقلاب الفاشل"، وهو إجراء لم يُطبّق حتى الآن، إلى جانب "منح الحصانة القضائية للمدنيين الذين تصدوا للانقلابيين"، بحسب جريدة زمان التركية.

بحسب تقارير محلية، شنّت تركيا حملات "تطهير" مُكثّفة في مفاصل الدولة أسفرت عن اعتقال نحو 80 ألف شخص، بينهم قُضاه ومُدعين وشرطيين، للاشتباه بارتباطهم بمحاولة الانقلاب أو بالإرهاب، فضلًا عن إقالة أكثر من 150 ألف موظف رسمي أو تعليق مهامهم.

وأغلقت العشرات من وسائل الإعلام، بينها صحف وشبكات تلفزيون، فضلاً عن إصدار أحكامًا بسجن صحفيين، في حملة أثارت قلقًا دوليًا حيال حرية الصحافة في تركيا في عهد إردوغان، لاسيّما في ظل حالة الطوارئ. وتحتل تركيا المرتبة الـ155 من أصل 180 فى ترتيب حرية الصحافة وفق التقرير السنوي لمنظمة "مراسلون بلا حدود".

ووفق منظمة "هيومن رايتس جوينت بلاتفورم"، أقيل أكثر من 112 ألف شخص فى 20 مارس الماضي، بينهم أكثر من 8 آلاف عنصر من القوات المسلحة وحوالى 33 ألف موظف فى وزارة التعليم و31 ألفا من وزارة الداخلية بينهم 22 ألف و600 موظف فى المديرية العامة للأمن، وتم تعليق مهام آلاف آخرين.

صفحة جديدة أم بديل مُقنّع؟

يأتي رفع حالة الطوارئ على البلاد بعد أقل من شهر على انتخابات فاز فيها إردوغان بولاية جديدة، تشمل صلاحيات رئاسية جديدة مُعزّزة بعد تعديل دستوري مثير للجدل، تم إقراراه العام الماضي.

قبل عام، تمكّن إردوغان من تمرير تعديل دستوري ينقل تركيا إلى نظام حكم رئاسي، يبدأ بتطبيقه عقب إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية كان موعدها نهاية 2019. لكنه قرر إجراءها مبكرًا وفاز بولاية جديدة، ليظل رئيسًا حتى عام 2029؛ إذ تمنحه التعديلات الدستورية صلاحية البقاء في الرئاسة لمدة ولايتين كل منهما تتكون من 5 سنوات.

بدوره، كتب الكاتب مراد يتكين في افتتاحية في صحيفة "حرييت ديلي نيوز" أن "رفع حالة الطوارئ قد يفتح صفحة جديدة في تركيا"، من شأنها أن تمنح القضاء والإعلام استقلالا أكبر، وفق قوله.

لكن هذا التفاؤل رُبما يتلاشى سريعًا مع طرح "مشروع قانون" مدعوم من حزب إردوغان، التنمية والعدالة، على البرلمان هذا الأسبوع، ينص على عدة تدابير مُشابهة لأحكام حالة الطوارئ.

ويسمح مشروع القانون، وفق الأناضول، للسلطات بالاستمرار -لمدة 3 سنوات- في إقالة أي موظف رسمي على ارتباط بـ"منظمة إرهابية".

وستُحظر التظاهرات والتجمعات بعد غياب الشمس، باستثناء تلك التي تحصل على إذن خاص، وسيكون بإمكان السلطات المحلية منع الدخول إلى بعض المناطق وتوقيف أشخاص قيد التحقيق لمدة تصل إلى 12 يوما طبقا لطبيعة الجرم.

وقبل إعلان رفع حال الطوارئ، أكد مسؤولون أتراك على ضرورة إقامة إطار تشريعي يسمح على حد قولهم بمواصلة "التصدي بشكل فاعل للمجموعات الإرهابية".

وتتهم أنقرة الداعية فتح الله جولن، المقيم في المنفى في الولايات المتحدة منذ 20 عامًا، بالوقوف خلف محاولة الانقلاب، غير أنه ينفي أي ضلوع له بذلك.

وستجري دراسة مشروع القانون داخل لجنة برلمانية اعتبارا من الخميس، على أن يُطرح للمناقشة اعتبارًا من الاثنين في البرلمان. لكن المعارضة تُندّد به مُسبقًا وتعتبره "بديلًا عمليًا لحالة الطوارئ أو استمرارًا لها بعباءة جديدة"، وفق ما تقول المعارضة التركية.

ويتهم حزب الشعب الجمهوري (اشتراكي ديمقراطي)، أكبر الأحزاب المعارضة لإردوغان، الحكومة بالسعي إلى "إرساء حال الطوارئ بشكل دائم" من خلال تدابير "مخالفة للدستور".

وصرح مساعد رئيس الكتلة النيابية للحزب أوزغور أوزيل الاثنين "مع هذا النص وما يتضمنه من تدابير، فإن حال الطوارئ لن تمدد لثلاثة أشهر بل لثلاث سنوات".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان