حمى الذهب مستمرة في موريتانيا رغم المخاطر
(بي بي سي):
يعود أحمد ولد الولي إلى قلب الصحراء الموريتانية، وسط غربي البلاد، بحثا عن الذهب.
انتقلت عدوى حمى المعدن النفيس إلى هذا الشاب الثلاثيني، قبل نحو عامين. استخرج ولد الولي، حينها، مائتي غرام من الذهب. كانت تلك أول محاولة له، بعد أن ملأت صحف البلاد قصص وروايات عن مواقع للتنقيب، خارج نواكشوط.
ويقول أحمد ولد الولي لبي بي سي إنه لن يتوقف عن التنقيب حتى يستخرج ما يكفيه لإطلاق مشاريع عقارية طالما حلم بها. ويعترف ولد الولي أنه خسر معظم ما كسبه من أموال بفضل الذهب وأنه دخل فيما يشبه دائرة مفرغة.
ودفعت البطالة وغياب التنمية والاستثمار آلاف الموريتانيين إلى طرق أبواب الصحراء بحثا عن الذهب.
وسعت السلطات الموريتانية، من جهتها، إلى تنظيم عملية استخراج الذهب، منذ عام 2016، حين فرضت وجوب استصدار رخصة تنقيب مقابل رسوم تناهز 300 دولار.
لكنّ مئات المنقبين لم يلتزموا بهذه الشرط، جراء خسائر فادحة تعرضوا إليها.
مخاطر جمّة
وبدأت تجمعات سكنية في التشكل حول مواقع التنقيب، وسط نقص حادّ في الخدمات الأساسية، ووعورة الطرق التي تحول دون تنقل سلس للأفراد والسلع.
ويقول الشيخ مولاي، الذي اختار التنقيب عن الذهب على البقاء في وظيفة حكومية يرى أن راتبها لا يكفيه وعائلته، لبي بي سي إن "كثيرين قضوا خلال التنقيب في حوادث انهيار حفر عميقة"، مضيفا "أن غياب فرق إسعاف قريبة جعل انتشال العالقين أمرا مستحيلا".
ويرى الشيخ مولاي أنه "لن يتوقف عن التنقيب طالما أنه لا يجد عملا يوفّر له حياة كريمة"، مشددا على أن آلاف الشبان الموريتانيين مستعدون لخوض مغامرة التنقيب رغم المخاطر التي تعتريها.
ويوضح الشيخ مولاي أن معظم العاملين في التنقيب يعانون سوء التغذية، إضافة لمشاكل صحية أخرى، جراء الأحوال الجوية الصعبة في صحراء شديدة الجفاف.
وتغيرت معالم مناطق بعينها. فبعد أن كانت أرضا مبسوطة، تحولت إلى فضاء شاسع من الحفر، يبلغ عمق بعضها عشرات الأمتار.
وتحت شمس حارقة، يصبح من الشاق الحفر واستخراج صخور وأحجار ضخمة من باطن الأرض، حيث تتضاعف درجات الحرارة وتتضاءل نسبة الأوكسيجين في الهواء.
تغير ديمغرافي
ولا تبدو حمى الذهب، في موريتانيا، في طريقها إلى التراجع. فبلدة شامي، شمال نواكشوط، لم يكن تعدادها أكثر من ألف ساكن، قبل عامين. لكنّها الآن تجذب آلاف الموريتانيين، يمارس معظمهم مهنا مستحدثة باتت ضرورية، منذ انطلاق التنقيب عن الذهب.
ويقول أحمد ولد الولي إنه كان مضطرا، في السابق، للبحث عن عمال يقومون بتكسير الصخور والحجارة التي يستخرجها من باطن الأرض وغربلة الأتربة، لكنّه الآن ينقل كلّ ذلك إلى شامي، حيث عشرات الورش التي تقوم بتلك المهمة الشاقة".
ويرى ولد الولي أن التنقيب عن الذهب سيجذب المزيد من الموريتانيين، خاصة أن مساحة المناطق التي اكتشف فيها المعدن النفيس تتسع يوما بعد يوم، رغم أن السلطات المحلية منحت تراخيص للتنقيب لشركات أجنبية ضخمة.
عمال من خارج موريتانيا
وخلال تجولنا في عدد من مواقع التنقيب، لاحظنا حضورا لا يستهان به لعمال غير موريتانيين، قدم معظمهم من مالي والسنغال. ويحظر القانون الموريتاني على غير الموريتانيين التنقيب عن الذهب، لكنه يسمح لهم بالاستعانة بمواطن محلي حصل مسبقا على رخصة للتنقيب.
ويعمل عشرات الأجانب في الحفر والتكسير والغربلة. وقال عدد من العمال الماليين لبي بي سي إنهم لاجئون، بعد فرارهم من مناطق شهدت انتشار تنظيمات متشددة.
ويمثل العمل في مهن متعلقة بالتنقيب عن الذهب لهؤلاء الأجانب مصدر عيش، رغم الظروف الصعبة التي يواجهونها.
فيديو قد يعجبك: