صحيفة إسرائيلية تكشف تفاصيل إجلاء "الخوذ البيضاء" من سوريا
كتب - هشام عبد الخالق:
اشتركت كلًا من كندا، وبريطانيا، وألمانيا، والولايات المتحدة في عملية دولية لإجلاء أفراد مجموعة "الخوذ البيضاء" وعائلاتهم من سوريا وإحضارهم إلى إسرائيل، وكانت العملية محفوفة بالمخاطر فسوريا دولة تشهد حربًا أهلية منذ أكثر من سبع سنوات، والرئيس بشار الأسد يحكم قبضته على الأمور تدريجيًا، وأصبح أفراد المجموعة وعائلاتهم البالغ عددهم ما يقرب من 800 شخص في خطر محدق.
صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية، كشفت عن الخطوات التفصيلية لعملية "إنقاذهم" من الداخل السوري نحو إسرائيل، وقالت في تقرير جديد لها: "لم تكن عملية نقل أفراد الخوذ البيضاء إلى الأردن شيئًا سهلًا بعد أن رفض الأردن استقبال المزيد من اللاجئين في الوقت الذي استعاد فيه النظام السوري السيطرة على درعا والمناطق الحدودية في أواخر يونيو وأوائل يوليو".
ويستضيف الأردن ما يقرب من 1.3 مليون لاجئ بالفعل على مدار السنوات الماضية، وهذا يعني أن عملية نقل الخوذ البيضاء لم تكن مجرد مهمة لإحضارهم إلى إسرائيل، بل كانت أيضًا نقلهم إلى مكان آخر، ولم يرغب الأردن في استقبالهم بالمملكة.
وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية هيذر نويرت، الأحد الماضي إن الولايات المتحدة وحلفائها طلبوا من الأمم المتحدة أن تقود مثل هذه العملية "الإنسانية الحرجة".
الأسبوع الماضي كان حافلًا بالنسبة للخوذ البيضاء، حيث لم يُسمح بنقلهم لمناطق سيطرة المعارضة في إدلب في الشمال السوري، في الوقت الذي يحكم فيه النظام قبضته على المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في الجولان، وقصف بعد ذلك مناطق سيطرة المعارضة، ولم يكن هناك مخرج من تلك الأزمة.
وتقول الصحيفة، كانت المخابرات السورية تعد قائمة بالأسماء لاصطياد أعداء النظام، حيث وصف الأسد وحلفائه الخوذ البيضاء بأنهم "إرهابيون"، ومدعومون من الغرب، وإسلاميون وانتقدتهم روسيا كذلك، وعندما وافقت المعارضة السورية على صفقة تصالح الأسبوع الماضي لم تكن المنظمة - الخوذ البيضاء - جزءًا منها، ولم يعد باستطاعتهم الذهاب شمالًا نحو مناطق سيطرة المعارضة، أو البقاء تحت سيطرة النظام، خوفًا من تعرضهم للتعذيب إذا استطاعت دمشق القبض عليهم، ووصفت دمشق عملية إنقاذ الخوذ البيضاء بأنها "عملية إجرامية".
بدأت واشنطن وأوتاوا (العاصمة الكندية) في مساعدة المنظمة، وتطلب الأمر محادثات شخصية بين كلًا من الرئيس دونالد ترامب، ورئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للمساعدة في إبرام الصفقة.
وقال مكتب نتنياهو في بيان الأحد، إن ترامب وترودو "طلبا من إسرائيل أن تساعد في إجلاء مئات من (الخوذ البيضاء) من سوريا"، وعمل السفير الأمريكي إلى إسرائيل ديفيد فريدمان جنبًا إلى جنب مع الحكومة الإسرائيلية، ووزارة الخارجية الأمريكية، ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة للمساعدة في عملية "الإنقاذ".
تواصلت الولايات المتحدة، وبريطانيا، وكندا، وألمانيا مع مكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، في الوقت الذي سمح فيه الأردن للأمم المتحدة باستقبال السوريين الذين يرى مكتب المفوضية أنهم "في خطر ويطلبون اللجوء في الدول سابقة الذكر"، وفي الوقت الذي كانت فيه المفوضية في الأردن عملت مع الدول الثلاث (كندا، وبريطانيا، وألمانيا) على دعم خطة بقاء "مؤقتة" لأن كان هذا عنصرًا أساسيًا في الصفقة التي وافق الأردن عليها، وهو ضمان قانوني بأن يتم ترحيل "الخوذ البيضاء" إلى الغرب.
أصبحت الأمور مهيئة الآن - حسب الصحيفة - بعد أن وافق الأردن على الاستضافة "المؤقتة" وانضمام مفوضية شؤون اللاجئين للعملية، ولكن اندلعت معركة كبرى بين الجيش السوري وتنظيم داعش في اليوم الذي يسبق العملية، في منطقة ليست ببعيدة عن الملاجئ التي يختبئ بها الخوذ البيضاء وعائلاتهم، في الوقت الذي كان يستقل فيه أكثر من 6000 شخص الحافلات للاتجاه إلى إدلب في الشمال.
كان الصحفي الألماني بجريدة "بيلد" باول رونزيمير، والمصور اليوناني خورخيه موتافيس، ينتظران في الجولان لمدة ثلاثة أيام بحلول يوم السبت، وكانا اثنان من قلة قليلة للغاية من الصحفيين الذين كانوا على علم بالعملية، ونشر رونزيمير تغريدة على حسابه بموقع "تويتر" يقول فيها إن عملية إجلاء الخوذ البيضاء بدأت ومستمرة على الحدود السورية الإسرائيلية، وتقتضي الخطة بأن نستمر حتى الأردن.
طبقًا لبعض التقارير الأجنبية، كانت مشكلة أخرى واجهت المجموعة، نقاط التفتيش والقتال الدائر مع داعش، الذي استمر طوال يوم السبت قبل عملية الإجلاء، ولهذا السبب كان عدد من تم إجلائهم ليس 800 كما كان متوقعًا ولكن 422.
وتقول الصحيفة: "استحوذت عملية إنقاذ الخوذ البيضاء على اهتمام دولي واسع، ومدح الكل إسرائيل لدورها في عملية الإجلاء، وكان من ضمنهم وزير الخارجية البريطاني جيريمي هانت، والولايات المتحدة التي شكرت إسرائيل بعمق على دورها".
يرى الكثيرون العملية ناجحة، ولكن - بحسب الصحيفة - فهي تعكس فشل القوى الغربية في إيقاف هجوم الأسد، حيث سقطت المدن التي كانت تسيطر عليها المقاومة في الجنوب السوري بسرعة في يونيو ويوليو بسبب أن الولايات المتحدة وحلفائها قرروا عدم إرسال مساعدات لهم، وكل ما بقي في درعا المدينة التي كانت مهد الثورة السورية في 2011، هو ذكريات هذه الأيام عندما بدأت المظاهرات ضد نظام الأسد، وعلقت القناة التاسعة الأسترالية على عملية الإنقاذ قائلة: "أصبح المنقذون هم من يتم إنقاذهم الآن".
كان النجاح المشترك بين القوى الغربية الأربع (الولايات المتحدة، وبريطانيا، وألمانيا، وكندا) بالإضافة إلى الأردن، وإسرائيل، والأمم المتحدة، تعاونًا نادرًا ومميزًا للغاية، وقد يكون هذا طريقة لإنقاذ ما تبقى في سوريا.
وتقول وزارة الخارجية الأمريكية: "ندعو نظام الأسد وروسيا للوفاء بالتزاماتهم وإنهاء العنف وحماية كل المدنيين السوريين"، ولكن يدرك النظام السوري بالفعل أنه يستطيع القيام بما يشاء في سوريا، وكانت المناطق الوحيدة التي توقف فيها النظام هي شمال سوريا بعد أن وفرت تركيا غطاء حماية للثوار هناك، وشرق سوريا حيث توجد الولايات المتحدة وقوات سوريا الديمقراطية بعد هزيمة داعش.
ويقول دالتون توماس، مؤسس منظمة "FAI Relief" غير السياسية كانت تقدم المساعدات في جنوب سوريا: "يمثل إجلاء الخوذ البيضاء نهاية حقبة وبداية عصر جديد، وهي بناء سوريا مرة أخرى في أعقاب أكبر أزمة إنسانية يشهدها العالم منذ الحرب العالمية الثانية".
وبالنسبة لتوماس، الذي توفر منظمته الدعم الطبي الوحيد من نوعه في جنوب سوريا، فإن عمل الإنقاذ ما زال مستمرًا، ويرغب في البقاء بعيدًا عن السياسة في الوقت الذي يساعد فيه السوريين.
Evacuation of white helmets plus families still ongoing here at syrian israeli border. Plan is to drive asap to jordan. @BILD pic.twitter.com/KcBOdduM2t
— Paul Ronzheimer (@ronzheimer) July 22, 2018
فيديو قد يعجبك: