الاغتصاب في الهند.. كيف تتصدى قرية صغيرة لانتشار الاعتداء على الأطفال؟
كتبت- هدى الشيمي:
حدث شيئان بعد اغتصاب طفلة في السادسة من عمرها في إحدى المدن الصغيرة بالهند. الأول أن حشد من المواطنين هجموا على رجل واتهموه بتنفيذ الجريمة، والثاني أن أهالي البلدة بدأوا ما يُشبه بحملات التوعية الصغيرة، وأخبروا أطفالهم، خاصة الفتيات، بألا يسيروا إلى المدارس أو يلعبوا خارج المنزل.
تقول صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، في تقرير منشور على موقعها الإلكتروني، إن معدل جرائم الاغتصاب في الهند تزداد مع مرور الوقت، إذ حدثت واقعتين اغتصاب أطفال في نفس البلدة والفرق بينهما 10 أيام فقط.
وذكرت الصحيفة الأمريكية أن حالات الاعتداء على الأطفال واغتصاب الفتيات تحديدًا تعد أحدث تطور في موجة العنف التي تشهدها الهند، حيث أصبح العنف الجنسي مترسخًا في البلاد.
ووفقًا لتقارير الشرطة، فإنه تم الإبلاغ عن حدوث حوالي 39 ألف حالة اغتصاب في الهند عام 2016، وارتفع معدّل اغتصاب الأطفال بنسبة 82 بالمئة في ذلك العالم، ليزيد عن 19000 واقعة.
وتُشير واشنطن بوست إلى أن القادة السياسيين والناشطين الحقوقيين والعاملين في منظمات المجتمع المدني بذلوا جهودًا كبيرة لمعرفة سبب تفشي جرائم الاغتصاب وسعوا جاهدين للعثور على حل لما يُعرف باسم أزمة الاغتصاب في الهند.
ومن بين الحلول المقترحة للتصدي لانتشار جرائم الاغتصاب اعدام المُعتدي.
إلا أن توعية الأطفال أكثر ما يشغل بال أهالي بلدة جايبور، التي تقع خارج العاصمة الهندية، إذ يعكف الأهالي الآن على تعليم ابنائهم كيفية حماية أنفسهم من الاعتداءات الجنسية.
وفي أعقاب اغتصاب الطفلة ذات الستة أعوام، تقول واشنطن بوست إن أهالي جايبور بدأوا يتحدثون مع ابنائهم عن ماذا يعني العنف الجنسي، رغم أن الأطفال لم يعلموا بعد ماهية الجنس.
وتقول أم تُدعى رينو بيندال، للصحيفة الأمريكية، إن ابنتها سألتها ماذا يعني الجنس وما هو الاغتصاب وكيف يحدث، ولكنها لم تعرف كيف تجيب على سؤالها، خاصة وأنها لم تتوقع أنها ستناقشها في هذه الأشياء وهي في هذا السن الصغير.
وذكرت واشنطن بوست أن جرائم اغتصاب الأطفال والعنف الجنسي منتشرين جدًا في الهند، البلد التي يبلغ عدد سكانها حوالي 1.3 مليار نسمة.
وتشهد الهند أشكال مختلفة من الاساءة للأطفال، من بينها زواج الأطفال المبكر، والاتجار بالأطفال.
وتسبب الاغتصاب الجماعي لطفلة مُسلمة في الثامنة من عمرها من قبل مهاجمين هندوس في كشمير، في يناير الماضي، في إحداث موجة واسعة من الغضب في البلاد، وقال مراقبون دوليون إن هذه الواقعة أدت إلى تصاعد التوترات الدينية.
وحسب الصحيفة، فإن الطرق والشوارع في بلدة جايبور محفوفة بالمخاطر بالنسبة للنساء اللائي يؤكدن أنهن تتعرضن للمعاكسات والمضايقات من قبل الشباب، ما دفع الأهالي إلى منع بناتهن من الخروج من المنزل أو السير بمفردهن إلى المدرسة.
تقول نيها شارما، فتاة في الثانية عشر من عمرها، إن والديها أخبراها بألا تلعب خارج المنزل، وألا تسير بمفردها في الشارع أبدًا.
وتتابع: "أصابني ذلك بالحيرة الشديدة، فلماذا لا استطيع الخروج من المنزل؟ الصبيان يلعبون في الشارع، وشقيقي يفعل ما يحلو له بالخارج، فلماذا لا استطيع اللعب معه؟".
ومن جهتها، تقول بهارتي علي، مديرة مركز "حق" لحقوق الأطفال، إن ردود الفعل على جرائم الاغتصاب غالبًا ما تدفع إلى البحث عن سبل جديدة لحماية المرأة من الانتهاكات المماثلة.
وتضيف: "كل مرة نتحدث فيها عن الاغتصاب، نتحدث فقط مع النساء، ولكننا يجب أن نغير هذه الطريقة، ونتحدث مع الرجال والأطفال، ونتحدث عن العنف الجنسي والعنف الاجتماعي أيضًا".
بعد أشهر من عمليات الاغتصاب، يحاول العديد من سكان جايبور منع حدوث أي جرائم اغتصاب أخرى، فطالب بعضهم بافتتاح مركز شرطة جديد في البلدة، وآخرون دعوا لإنشاء مدارس منفصلة للفتيات، بينما نادى البعض باتخاذ تدابير عقابية أشد للتصدي لوقوع جرائم مُماثلة.
وقال إيشوار شاندجارغ، أحد الزعماء في البلدة، إنهم إذا قاموا بشنق رجل واحد، فإن باقي المغتصبين سيعتبرون ويخافوا من ارتكاب المزيد من الجرائم.
وحسب واشنطن بوست، فإن العديد من الهنود يدعون إلى تطبيق قوانين أكثر صرامة للتصدي للمشكلة التي تتفاقم مع مرور الوقت في الهند.
وفي محاولة لتهدئة المواطنين، قدمت حكومة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي مشروع قانون لتنفيذ عقوبة الاعدام لمغتصبي الأطفال.
إلا أن السؤال الأهم هنا، حسب الصحيفة، هل ستنجح هذه الإجراءات في إنهاء هذه المشكلة؟
فيديو قد يعجبك: