لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

فاينانشيال تايمز: تسييس مؤسسات الدولة أحد أسباب أزمة تركيا الاقتصادية

09:21 م السبت 18 أغسطس 2018

كتب - هشام عبدالخالق:

ذكرت مصادر تركية بارزة، أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لم يعرف بوجود قس أمريكي يحمل اسم أندرو برونسون سوى الربيع الماضي، وكان ذلك قبل زيارة للبيت الأبيض وحينها علم أردوغان بوجود القس الذي يخضع للإقامة الجبرية في منزله وتم رفض الاستئناف الذي تقدم به محاميه للمحاكم التركية، والذي تسبب في أزمة دبلوماسية، ودفع تركيا إلى أزمة عملة ومخاوف دولية من انتشار تلك العدوى الاقتصادية لدولٍ أخرى.

وتقول صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية، في تقرير لها اليوم السبت، "فكرة أن أردوغان مسؤول بشكل ما عن كل قضية مثل هذه سخيفة للغاية"، وذلك بحسب المصدر الحكومي الذي يستغل هذه القصة لذكر أن أردوغان لديه سُلطة فوق جميع مؤسسات الدولة، وخاصة بعد أن بدأ فترة رئاسية جديدة في يونيو الماضي وتم توسيع صلاحياته بشكل كبير.

وهذا السبب بالتحديد، هو ما يجعل بعض خصومه يعارضونه، ويقول المعارضون إن أسباب الاضطرابات التي عصفت بالبلاد يمكن إرجاعها إلى تآكل قدرة مؤسسات الدولة على القيام بعملها، وتجاهل حكم القانون وتركيز السلطة في يد رجل واحد.

ويقول فاروق لوجوجلو، السفير التركي السابق لواشنطن، وأحد الأعضاء البارزين في حزب المعارضة التركي: "قضية القس برونسون ليست سوى مثال واحد على طبيعة النظام القضائي التركي المختلة". وتم اتهام برونسون بالتجسس وتحريض الإرهابيين، ويتابع لوجوجلو، "إذا ما كان هناك محاكمة سريعة ولائقة كان من الممكن أن يتم إدانته أو لا، ولكن كان سيتم إغلاق هذه القضية".

دارون آسيمجلو، أحد الاقتصاديين الأتراك بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، قال إن أزمة العملة التي شهدت انخفاض الليرة بمقدار الثلث مقابل الدولار هذا العام، تكمن أيضًا في إزالة قوّة الديون وعدم تمكين الهيئات مثل البنك المركزي من القيام بما يلزم، ويتابع أن هذا (تمكين الهيئات من القيام بعملها) مهم لخلق النوع الصحيح من الديناميكية الاقتصادية والاستعداد لأي نوع من التقلبات، وهو ما لم يكن موجودًا في الأزمة التركية.

ومن توابع الأزمة التركية الحالية، أن المخازن امتلأت بالأموال، في الوقت الذي كانت تصارع فيه الشركات من أجل تحديد الأسعار، وألغت العائلات عطلاتها الصيفية لأنها لم تعد قادرة على شراء اليورو، حتى أن أندية كرة القدم التركية تأثرت، وقال مسؤول تنفيذي في أحد أكبر الفرق في البلاد: "إن رواتب اللاعبين الكبار تكلف مليوني يورو أو ثلاثة ملايين يورو سنويًا، ولكن جميع عائداتنا بالليرة".

كانت العديد من الدول تنظر إلى تركيا على أِنها مناخ جيد للاستثمار، وهذا ما تحقق بالفعل في سنوات الحكم الأولى لأردوغان، وتشير إحدى الإحصاءات إلى أنه عند تولي أردوغان في 2002 كان عدد المراكز التجارية 53 فقط، ولكن الآن وصل عددها إلى 403.

1

ساعد وجود أشخاص مثل محمد سيمسك في منصب وزير المالية في الفترة من قبل 2009 حتى هذا الصيف، ساعد في تهدئة مخاوف المستثمرين، خلال العقد الماضي على الرغم من الاضطرابات الاقتصادية التي شهدتها تركيا في تلك الفترة، والآن بعد فوز أردوغان بفترة كبيرة غادر سيمسك الوزارة ووضع الرئيس التركي صهره بيرات ألبيرق في منصب وزير المالية، مما دفع بعض المقربين من الحزب (العدالة والتنمية) والمطلعين على شؤونه للقول بأن أردوغان يحاول تجميع السُلطة كلها في أشخاص موالين له من العائلة.

ثم تعرضت تركيا لصدمة كبرى بإعلان ترامب عن فرض العقوبات الأمريكية عليها، وعانت أصول الأموال التركية من عمليات بيع مكثفة، وعلى الرغم من أنها استطاعت استعادة جزء من قيمتها إلا أن الليرة التركية منخفضة بنسبة 38% مقابل الدولار عن بداية العام.

وطالب المستثمرون برفع أسعار الفائدة بشكل كبير لوقف الأزمة، لكن أردوغان أكد علنًا رفضه لهذا الطلب، ساخرًا منهم وواصفًا المستثمرين بأنهم "أداة للاستغلال".

ويعتقد المحللون أن نفوذ أردوغان نما مع تزايد سلطاته بعد فوزه في الانتخابات الأخيرة، ويقول داني رودريك، أحد دارسي الاقتصاد بجامعة هارفارد: "إن المشكلة ليست في الاستبداد بحد ذاته، بالنظر إلى أن توجد دولًا استبدادية ولديها اقتصادات يتم إدارتها بشكل جيد، ولكن المشكلة الحقيقية تكمن في إخضاع كل جانب من جوانب الحكم إلى رجل واحد".

ويقارن أوزجور يسار جويولدار، رئيس مبيعات الأسواق الناشئة في رايفايزن سنتروبك بالنمسا، تركيا بروسيا، ففي روسيا أبقى الرئيس فلاديمير بوتين على إيمانه الكامل بمحافِظة البنك المركزي وسمح لها باتخاذ الخطوات التي تراها مناسبة ضد التضخم، ونتيجة لذلك حقق الروبل الروسي أداءً أفضل من الليرة التركية منذ مارس 2014، على الرغم من فرض العقوبات الأمريكية منذ ذلك التاريخ، ويقول جويلدار على تركيا أن تتعلم من تجربة روسيا.

2

ويشكك آخرون في قدرة تركيا على التعامل مع تلك الأزمة، ويقولون إن التسييس المستمر للمؤسسات - والذي ازداد بعد محاولة الانقلاب الفاشلة في 2016 - يضر بقدرات تلك المؤسسات على الاستجابة للأحداث غير المتوقعة.

يعتقد ولفانجو بيكولي، الرئيس المشارك لشركة Teneo الاستشارية، أن الكفاءة المؤسسية قد انخفضت، حيث يقول: "في بيئة تحتاج فيها إلى خطة متعددة السنوات وذات مصداقية لمعالجة الأزمة، وتوجد علامة استفهام حول ما إذا كان تركيا لديها الأشخاص المناسبون لوضع هذه الخطة".

وتواجه الحكومة انتقادات عدة، بحسب الصحيفة، من عمليات التطهير التي تقوم بها في أعقاب الانقلاب، ولكن مسؤولو الحزب الحاكم أعلنوا أنهم واجهوا سلسلة مخاطر غير عادية، وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إن الأوروبيين لا يفهمون بشكل كامل الصدمة التي كانت فيها تركيا خلال محاولة الانقلاب.

واتهم أردوغان ترامب بشن "حرب اقتصادية" ضد حليف له (تركيا) وهو الاتهام الذي يبدو مقبولًا للغاية وسط أحاديثه التي يقول فيها إن الغرب يحاول تدمير دولته.

ولسخرية القدر، بحسب الصحيفة، فإن الرئيس التركي أمامه الآن فرصة كبرى ليتهرب من الأزمات الاقتصادية التي تواجه بلاده، بادعاء أن كل هذا من فعل ترامب، ولكن الحقيقة التي يراها الاقتصاديون أن الأزمة داخلية بشكل كبير.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان