نام نتنياهو في فراش أحدهم.. رجال أمريكا لـ"صفقة القرن" يهود متشددون
كتب – محمد الصباغ:
الوساطة تعني الوقوف على مسافة واحدة من طرفين على خلاف، ولطالما لعبت الولايات المتحدة الأمريكية دور "الوسيط" في القضية الفلسطينية بين السلطة ودولة الاحتلال عبر مسؤولين يقومون بجولات في دول المنطقة وبينهم إسرائيل من أجل التفاوض والتشاور.
وبنهاية عام 2016، كانت الحكومة الإسرائيلية تهاجم الإدارة الأمريكية السابقة برئاسة باراك أوباما بسبب هجومها على تل أبيب وإدانتها لإقامة المستوطنات المخالفة لقرارات الأمم المتحدة، ووصل الأمر إلى عدم استخدام حق الفيتو ضد قرار ينتقد بناء دولة الاحتلال للمستوطنات في الضفة الغربية.
لكن مع وصول الرئيس دونالد ترامب على رأس البيت الأبيض، تبدلت الأمور وقرر الاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة لإسرائيل واعتبر المستوطنات الإسرائيلية أمرا واقعا لن يضير عملية السلام في شيء، كما اختار فريقًا ليقود دفة الوساطة بين الفلسطينيين والإسرائيليين وأغلبهم من المؤيدين لدولة الاحتلال وإسرائيل ليكونوا مسؤولين عن "الوساطة" بين العرب والإسرائيليين.
الأسبوع الماضي، أعلن المبعوث الأمريكي من أجل السلام في الشرق الأوسط، جيسون جرينبلات عبر تغريدة نادرة عن خطة السلام الأمريكية المعروفة بصفقة القرن، أن الفلسطينيين والإسرائيليين لن يرضوا عنها بشكل تام.
وكتب: "لن يرضى أحد تماما عن اقتراحنا، ولكن هذه هي الطريقة التي يجب أن تكون إذا كان يُراد تحقيق سلام حقيقي".
وتابع في الرسالة التي نشرها باللغات العربية والعبرية والإنجليزية: "السلام لا يمكن أن ينجح إلا إذا استند إلى الحقائق".
لكن العبارة المنشورة عبر صفحته اختتمها بأسماء ثلاثة بجوار اسمه، وهم المندوبة الأمريكية في الأمم المتحدة نيكي هالي، ومستشار الرئيس الأمريكي جاريد كوشنر، والسفير الأمريكي لدى إسرائيل ديفيد فريدمان.
تلك الأسماء يجمعها دعم إسرائيل وتأييد الاستيطان والدفاع عن تل أبيب وتصرفاتها وخصوصًا في الأمم المتحدة لدرجة التهديد العلني بمعاقبة الدول التي تصوت ضد أمريكا وإسرائيل في الأمم المتحدة.
كما يدين أغلبهم باليهودية ووقفوا أمام حائط البراق الفلسطيني وأقاموا الصلوات اليهودية، مرارًا وتكرارًا.
ونستعرض كيف تربى هؤلاء المسؤولون على التقاليد اليهودية المتشددة، ما يُلقي الضوء على توجهاتهم وميولهم في القضية الفلسطينية التي تواجه محاولات لتصفية أبرز أسسها وهي عودة اللاجئين والقدس الشرقية عاصمة للدولة المستقلة.
جيسون جرينبلات
المبعوث الأمريكي في الشرق الأوسط من أجل السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وهو الرجل الذي عمل لدى الرئيس دونالد ترامب لسنوات في الاقتصاد قبل أن يصبح مسؤولا عن عملية السلام بين الإسرائيليين الذين تربى وسطهم وعلى تعاليمهم ويحمل ديانتهم الرسمية، وبين الفلسطينيين الذين لم يكن قد التقى أو حاور أحدا منهم قبل وصوله إلى المنصب.
جرينبلات هو ابن أحد اليهود اللاجئين من المجر، تربى في مدينة نيويورك. داخل مدرسة يهودية أرثوذكسية في كوينز بنيويورك، ثم التحق بجامعة يشيفا بالضفة الغربية وحمل السلاح إلى جانب المستوطنين الإسرائيليين ضد الفلسطينيين خلال سنوات الدراسة.
عاد مرة أخرى إلى نيويورك ودرس القانون وبعد التخرج حاول بدء مشروع لإنتاج الكابتشينو لكن تم تعيينه لدى ترامب.
ووفق موقع "جويش تليجرافيك آجنسي" المهتم بأخبار اليهودي حول العالم، فإن جرينبلات يهودي أرثوذكسي تخرج في جامعة "يشيفا" في الضفة الغربية خلال منتصف الثمانينيات.
عاش جرينبلات حياة اليهودي المتدين الذي يدافع عن المستوطنات الإسرائيلية بالسلاح، ويمتلك صاحب الخمسين عامًا ستة أطفال، احتفل بتخرج بعضهم في مدرسة يهودية أيضًا بالولايات المتحدة الأمريكية.
وعلى درب الوالد، تخرج الأبناء الثلاثة في عام 2017 من مدرسة "فريتز سكول" التي تتعاون مع جامعة "يشيفا" وتُدرس اليهودية في فصولها.
صرح جرينبلات عام 2017 إنه دائمًا كان يلتقى بمسؤولين إسرائيليين خلال عمله مع ترامب، لكنه لم يلتق مع أي فلسطيني منذ أيامه في الضفة الغربية في منتصف الثمانينيات.
كما له تصريحات عدة تدعم حل الدولتين، لكنه مثل ترامب لا يجد أي مشكلة في بناء المستوطنات بالضفة الغربية المحتلة ولا أي أزمة في اعتبار القدس عاصمة لدولة إسرائيل.
وفي حديثه خلال العام الماضي لراديو الجيش الإسرائيلي، قال جرينبلات إنه لن يفرض أي حل (سلام) على إسرائيل، مضيفًا أنه "لا يرى المستوطنات اليهودية عقبة أمام السلام".
ولا يخجل اليهودي الأمريكي من اعتبار نفسه محظوظًا جدًا لأنه قد يحظى بدور تاريخي في مساعدة إسرائيل. وقال عنه دونالد ترامب في أبريل من عام 2017 أمام مجموعة من جماعات الضغط اليهودية بالولايات المتحدة: "هو شخص يحب إسرائيل بصدق. أحب الحصول على نصائح من أشخاص يعرفون إسرائيل، وأيضًا ممن يحبونها جدًا".
ومثل رئيسه دونالد ترامب، يرى الرجل أن المال والضغط الاقتصادي سيلعب دورًا في خطة السلام الأمريكية. فيقول جرينبلات إن المفاوضين الأمريكيين عليهم أن يوضحوا للفلسطينيين أنهم لن يحصلوا على شيء إلا "بالجلوس على طاولة التفاوض". وأشار في ذلك إلى المساعدات الأمريكية المالية للسلطة الفلسطينية.
كما قال أيضًا "سنستمر في المساعدة المادية لكن عليكم (الفلسطينيين) فعل كذا وكذا وكذا".
ديفيد فريدمان
يبلغ السفير الأمريكي لدى واشنطن 60 عامًا، وهو خبير في قضايا الإفلاس وشريك في شركة محاماة في نيويورك.
ومثل جرينبلات، فسفير ترامب الذي انتقلت في عصره السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس المحتلة، ابن حاخام يهودي محافظ وعائلته على علاقة قوية بالجمهوريين الأمريكيين.
عاش فريدمان في ضاحية وودمير بنيويورك، ويمتلك منزلاً في القدس المحتلة يقضي فيه الإجازات اليهودية مع أطفاله مرتين كل عام.
على النقيض من زميله جرينبلات، لا يؤمن فريدمان بحل الدولتين ولا يعارض المستوطنات الإسرائيلية التي تقام على الأراضي الدولة الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة.
وأيضًا بحسب تصريحاته السابقة التي نقلتها مواقع عبرية فإن ضم إسرائيل لأرض في الضفة الغربية لن تدمر موقف إسرائيل كدولة "يهودية".
ومثل أي يهودي أرثوذكسي يتحدث فريدمان اللغة العبرية، وطالما وقف أمام حائط البراق المعروف عند اليهود بحائط المبكى، ليقيم الصلوات طالما وصل إلى دولة الاحتلال.
عرف ترامب حينما مثله في قضايا إفلاس سابقة، وبدأت علاقات صداقة بينهما منذ عام 2005 بحسب مواقع أمريكية مختلفة.
يمتلك فريدمان خمسة أطفال وسبعة أحفاد. وحصلت ابنته تاليا فريدمان في عام 2017 على الجنسية الإسرائيلية.
وكحلم يهودي متدين حول العالم، كان فريدمان في غاية السعادة حينما وصلت ابنته تاليا وهي في العشرينات من عمرها إلى تل أبيب، وحصلت على الجنسية الإسرائيلية باعتبارها مهاجرة يهودية.
وقال فريدمان آنذاك: "كأب، أحتفل بتحقيق ابنتي لحلم الحياة الطويل بأن تصبح جزء من دولة إسرائيل. عائلتنا بأكملها تشعر بالفخر بإصرارها على المساعدة في تقوية إسرائيل".
وبحسب موقع تايمز أوف إسرائيل، علاقات فريدمان قوية بإسرائيل قبل وصوله إلى منصبه حيث كان من المتبرعين الأسخياء لبناء المستوطنات في الضفة الغربية والقدس أيضًا.
ولا يرتبط الأمر بالتبرع السخي فقط، بل فريدمان هو رئيس جماعة تجمع الأموال لصالح منظمة "يشيفا" المسئولة عن بناء المستوطنات في الضفة الغربية، والتي يعتبرها المجتمع الدولي غير قانونية.
ولمعرفة مدى تأييده لدولة إسرائيل ويهوديتها، فقد كان يعتبر الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما بأنه معاد للسامية وهو الاتهام الذي تستخدمه إسرائيل ضد أي معارض لها في الخارج.
واعتبر فريدمان أيضًا أن اليهودي الأمريكيين الذين يعارضون الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية بأنهم أسوأ من السجناء اليهود لدى ألمانيا النازية التي كانت مهمتهم متابعة عمل بقية السجناء في المعسكرات النازية.
جاريد كوشنر
ثالث المسئولين عن صفقة القرن وزوج ابنة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. ربما علاقات كوشنر اليهودي الديانة مثلت علامات استفهام كبيرة بسبب علاقاته بإسرائيل.
الشاب الذي قارب على الأربعين عامًا وصلت درجة علاقته برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لدرجة أن تخلى كوشنر عن غرفة نومه ليبيت فيها نتنياهو خلال زيارة للقائد الإسرائيلي إلى منزل عائلة كوشنر.
عائلة كوشنر إحدى كبار عائلات نيويورك في مجال العقارات، ومنذ عام 2009 لعب جاريد دورا بارزا في الحملة الانتخابية للرئيس دونالد ترامب، وخصوصًا في علاقته بإسرائيل ومجموعات الضغط اليهودية في واشنطن.
لا يختلف كوشنر عن سابقيه من المسئولين الأمريكيين فهو مولود لأسرة يهودية في عام 1981، واعتنقت إيفانكا ترامب اليهودية من أجل الزواج به. وبسبب تدين العائلة الشديد؛ انفصل جاريد وإيفانكا قبل الزواج لفترة بسبب ديانتها المسيحية، في وقت لا تتخيل عائلة كوشنر أن تكون من بين أفرادها فتاة ترتدي الصليب في رقبتها بين أفرادها.
درس أيضًا في مدرسة يهودية خاصة في ولاية نيوجيرسي الأمريكية، والتحق بدرجة هارفارد رغم أدائه غير الجيد في الدراسة، وذكرت تقارير محلية أمريكية أن تبرع عائلة كوشنر بمبلغ 2.5 مليون دولار في عام 1998 ربما كان سببا في قبوله بها.
وبحسب صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، فإن من أدلة العلاقات القوية بين كوشنر ونتنياهو هو أن تشارلز كوشنر (والد جاريد) كان على رأس قائمة مسربة بمليارديرات سواء إسرائيليين أو أجانب كمتبرعين محتملين لنتنياهو في حملته الانتخابية عام 2007.
كانت عائلة كوشنر على رأس القائمة المقسمة إلى أربعة تصنيفات، وبالتحديد جاءت في التصنيف المحتمل بشدة أن يتبرعوا. وظهر ترامب آنذاك في تلك القائمة، لكن على العكس من تشارلز كوشنر كان في تصنيف رابع حيث الأقل في احتمالية التبرع.
وأبرزت الصحيفة تقاصيل الليلة التي نام فيها نتنياهو في فراش جاريد كوشنر، حيث حلّ رئيس الوزراء الإسرائيلي ضيفًا على عائلة كوشنر في الولايات المتحدة الأمريكية. كان جاريد مراهقًا يبلغ من العمر 17 عاما آنذاك، وانتقل إلى الطابق السفلي من المنزل من أجل راحة الضيف الإسرائيلي.
واعتبرت صحيفة تايمز أوف إسرائيل العبرية أن جاريد لديه علاقات عميقة دينية وشخصية مع إسرائيل، حيث كان في أيامه الأولى بالجامعة يتحدث عن المواقع في فلسطين بالأسماء اليهودية التي أطلقها متشددو الاحتلال الإسرائيلي من اليهود، وهي مناطق فلسطينية بحسب القرارات الدولية.
على سبيل المثال كان يتحدث عن "يهودا والسامرة" وليس الضفة الغربية في إشارة إلى أحقية إسرائيلية فيها. كما أن عائلته أيضًا من كبار المتبرعين لصالح بناء المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، وهي غير مشروعة أيضًا ومبنية على أرض محتلة بحسب قرارات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي.
وفي تصريحات أخيرة لكوشنر، أشار إلى أن الوصول إلى اتفاق سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين "سيكسب كلا الطرفين أكثر مما يعطيان وسيشعران بالثقة بأن حياة شعبيهما ستكون أفضل حالاً بعد عقود من الآن بسبب التنازلات التي يقدمانها".
وجاء ذلك في محاولة لإظهار أن القضية الفلسطينية يمكن حلها بالأموال، وهو ما وصفه الكاتب البريطاني روبرت فيسك، الذي اعتبر أن كوشنر تسيطر عليه الأوهام بأن الخطة الأمريكية الجديدة من أجل السلام ستنجح بالمال.
فقال فيسك في مقال له بصحيفة الإندبندنت البريطانية: "تسيطر عليه (كوشنر) الأوهام إن كان يعتقد أن هذه الصفقة ستنجح، فالفلسطينيون الذي خسروا وطنهم قبل نحو 70 عاما لم يتظاهروا مرة واحدة في شوارعهم المدمرة طلبًا لشوارع أفضل أو مناطق حرة خالية من الضرائب".
وأضاف: "فكيف يمكن لكوشنر أن يهين كل الشعوب العربية بمطالبتهم مقايضة حريتهم واستقلالهم وسيادتهم وكرامتهم وهويتهم مقابل المال".
فيديو قد يعجبك: