غزو الكويت.. حرب عراقية لا تزال تبعاتها حاضرة
كتبت - سارة عرفة:
قبل ثمانية وعشرين عاماً، وتحديداً في الثاني من أغسطس 1990، استيقظ الكويتيون على وقع آليات عسكرية عراقية وقد اخترقت حدودهم، وهو الحدث الذي ما زالت المنطقة برمتها تعيش تبعاته حتى اليوم.
بعد انتهاء الحرب العراقية الإيرانية برز توتر شديد في علاقات العراق مع بعض دول الخليج، وخاصة الكويت، وتجلى ذلك في القمة العربية الاستثنائية التي عُقدت في بغداد يوم 28 مايو 1990، واتهم فيها صدام حسين
الكويت بـ"سرقة نفط حقل الرملة العراقي" على الحدود بين البلدين.
في الساعات الأولى من فجر يوم 2 أغسطس 1990، اخترق أكثر من 20 ألف جندي عراقي الحدود مع الكويت من أربعة محاور، وفي غضون ساعات استولت هذه القوات، مدعومة بسلاح الطيران العراقي، على العاصمة الكويت
عقد مجلس الأمن جلسة طارئة في نفس اليوم لبحث غزو العراق للكويت، وأصدر قراره رقم 660 الذي طالب فيه بانسحاب القوات العراقية من الكويت "من دون قيد أو شرط".
وفي 6 أغسطس 1990، عقد المجلس جلسة أخرى أقر فيها عقوبات اقتصادية شاملة على العراق بقراره رقم 661، ثم تتابعت القرارات الأممية بعد ذلك في تشديد الخناق على العراق، قبل أن تبدأ العلميات العسكرية
في 16 يناير 1991.
في 3 أبريل 1991، صدر قرار مجلس الأمن رقم 687 القاضي بوقف رسمي لإطلاق النار بعد حرب "تحرير الكويت"، وبتدمير "أسلحة الدمار الشامل" العراقية، وإنشاء صندوق خاص بتعويضات المتضررين من غزو الكويت.
في عام 1992، قالت تقارير اقتصادية إن الخسائر المادية التي لحقت بالاقتصاد العربي نتيجة غزو العراق للكويت بلغت نحو 620 مليار دولار، دون حساب الآثار بعيدة المدى.
وجاءت الكويت والعراق في مقدمة الدول المتضررة من ذلك الغزو الذي وجه صدام حسين "رسالة اعتذار" عنه إلى "الشعب في الكويت" يوم 7 ديسمبر 2002.
أسباب النزاع
بعد انتهاء حرب الخليج الأولى عام 1988م، بدأت بوادر خلافات بين العراق والكويت، وكانت حول بعض آبار النفط في المناطق الحدودية.
منذ سبتمبر 1989، احتدمت الخلافات في موضوع أسعار النفط، وحصص منظمة "الأوبك"، وتزايدت التوترات بين البلدين.
وفي 3 مايو 1990، عاد العراق إلى الشكوى من زيادة إنتاج الكويت من النفط عن حصتها المقررة؛ حيث تقدم طارق عزيز، وزير الخارجية العراقي، بشكوى حول ارتفاع معدل إنتاج النفط في دول "الأوبك"، بما يشكل
خطراً متصاعداً على العراق خصوصاً انه كان خارجاً من الحرب العراقية الايرانية وبحاجة لتقوية اقتصاده.
آثار الغزو
تسبب الغزو العراقي في خسائر بشرية ومادية فادحة للكويت، وحسب الأرقام الرسمية الكويتية فإن الغزو أدى إلى مقتل 570 شخصاً، وخلف نحو 605 من الأسرى والمفقودين، كما ألحق خسائر وأضراراً هائلة تمثلت في
إشعال 752 بئراً نفطية، وهو ما أنتج كوارث بيئية جسيمة وأوقف إنتاج النفط مدة طويلة.
وقالت "الهيئة العامة لتقدير التعويضات" في الكويت، في إحصائية لها عام 1995، إن الخسائر الثابتة للكويت من الغزو العراقي بلغت 92 مليار دولار، إضافة إلى تدمير البنية التحتية في البلاد والمؤسسات والمنشآت
الحكومية، ومصادرة وثائق الدولة وأرشيفها الوطني.
العراق أيضاً تعرض خلال مدة الحرب البالغة 40 يوماً للقصف بأكثر من مئة ألف طن من المتفجرات، ما أدى لتدمير مرافق البنية التحتية العراقية؛ مثل المدارس والمعاهد والجامعات، ومراكز الاتصالات والبث الإذاعي
والتلفزيوني، ومنشآت تكرير وتوزيع النفط، والموانئ والجسور والسكك الحديدية، ومحطات توليد الطاقة الكهربائية وتصفية المياه.
وجمّد مجلس الأمن الدولي مبالغ كبيرة من الأرصدة العراقية في البنوك العالمية لدفع التعويضات للمتضررين نتيجة الغزو (نحو مئة دولة ومنظمة دولية في مقدمتها الكويت) المقدرة بـ52 مليار دولار، وفرض اقتطاع
نسبة 5 في المئة من عوائد بغداد النفطية لدفع هذه التعويضات.
فيديو قد يعجبك: