عيد الأضحى تحت القصف في اليمن.. "ما من سبيل للفرحة"
كتبت- رنا أسامة:
يطل عيد الأضحى هذا العام في اليمن بوجه شاحِب ولون باهت في اليمن، مع تردّي أوضاع أبنائه وضيق حالهم واستمرار نزوحهم وتشتتّهم بين مختلف أنحاء البلد العربي الفقير الذي مزّقته ويلات الحرب، بحثًا عن ملاذ آمِن.
للمرة الأولى لم يتمكّن أحمد عبيد، وهو أب لأربعة أطفال، من الاستعداد لعيد الأضحى هذا العام مع استمرار القتال الذي أجبره وآلاف اليمنيين على الفرار من ديارهم، حسبما تقول وكالة أنباء الصين الجديدة المعروفة باسم "شينخوا".
في العادة، تبدأ العائلات اليمنية في الاستعداد والتسوّق لعيد الأضحى قبل قدومه بشهر، لكن هذا العام يبدو أن نزوح الآلاف أفسد فرحة اليمنيين وحالهم دون الاستعداد لاستقبال العيد، إذ تُصارع بعض العائلات الجوع والأمراض بعد أن اضطرت لمغادرة منازلها.
بحسب الأمم المتحدة، وصل عدد النازحين اليمنيين إلى أكثر من 3 ملايين و100 ألف شخص، بينهم مليونان و200 ألف مُشرّدين داخليًا، بسبب الحرب الدائرة منذ مارس 2015.
بينما يقف برفقة أبنائه الأربعة بجوار خيمتهم في أحد مُخيّمات النازحين بضواحي محافظة عدن، يقول عُبيد لشينخوا إنه "ما من سبيل للفرحة التي تُحفّزنا على الاستمتاع باحتفالات العيد هذا العام".
وتابع "هذا أول عيد أقضيه بدون أقاربي وأحبائي. القتال حرمنا من البقاء داخل منازلنا لاستقبال عيد الأضحى بفرح مثل السنوات السابقة".
وأشار إلى أن معظم الأسر النازِحة ليس لديها دخلًا ماليًا ولا تتلقّى ملابس جديدة لأطفالها من منظمات الإغاثة.
وقال "بعض الأطفال داخل هذه الخيام يبكون ويطلبون من أمهاتهم أن يشتروا لهم ملابس عيد جديدة، ولا يعرفون أن كل شيء قد تغير وأنهم بلا مأوى".
وذكر أن "عيد الأضحى هذا العام لا يعني شيئًا بالنسبة لليمنيين النازحين الذين يعيشون في فقر مُدقع"، مُضيفًا أن "إيقاف هذه الحرب القبيحة والكفّ عن سفك الدماء بمثابة عيدنا الحقيقي. القصف والقتال دمّر كل شيء لطيف في بلادنا".
قُتِل نحو 10 آلاف شخص، ثلثاهم من المدنيين، ووقع نحو 8 ملايين نسمة تحت خطر المجاعة. كما قادت الحرب إلى أكبر حالة طوارئ غذائية في العالم، وإلى تفشي مرض الكوليرا الذي يُعتقد أنه تسبّب في موت 2290 شخصًا، وفق إحصاءات الأمم المتحدة.
في محافظات يمنية أخرى، بما في ذلك مدينة الحُديدة الواقعة على ساحل البحر الأحمر، لا يزال القتال قائمًا بين القوات الحكومية المدعومة من التحالف العربي بقيادة السعودية، والمتمردين الحوثيين الشيعة حتى خلال عُطلة عيد الأضحى.
وحثّت بعض العائلات اليمنية في الحُديدة الطرفين المتناحرين على وقف إطلاق النار، بغية إعطاء المواطنين فرصة للاحتفال بعيد الأضحى مع أطفالهم بدون خوف وقصف عشوائي، لكن أحدًا لم يستجِب، وفق شينخوا.
"الأطراف المتحاربة لا تهتم بمعاناتنا وتبحث فقط عن المكاسب والاستحواذ على مناطقنا"، يقول فؤاد صالح، أحد النازحين الذي وصل عدن أمس الاثنين.
وتابع "المناسبات الإسلامية لا تعني شيئا بالنسبة لقادة الحرب الذين جاءوا من محافظات أخرى وأجبرونا على الفرار من منازلنا وممتلكاتنا خلال عُطلة العيد".
وقال غاضبًا "معظم قادة الجيش والقادة الحوثيين ليسوا من الحُديدة، وعائلاتهم في أماكن آمنة، لكنهم جاءوا لتدمير مناطقنا".
وأضاف"مغادرة منازلنا كان أمرًا مؤلمًا للغاية، لكن هؤلاء القادة العسكريين لم يختبرو هذا الأمر من قبل ولا يعرفون شيئًا عن مرارة النزوح".
في 13 يونيو الماضي، أعلن التحالف العربي، الداعم لحكومة الرئيس عبدربه منصور هادي المُعترف بها دوليًا، عملية كبيرة لاستعادة الحديدة وساحل البحر الأحمر اليمني الغربي من الحوثيين.
كان التحالف العربي تدخّل في الصراع الدائر في اليمن منذ 3 أعوام، لدحر المتمردين الحوثيين الشيعة المتحالفين مع إيران، وإعادة الرئيس هادي إلى السلطة.
وتتهم الحكومة اليمنية والتحالف المتمردين الحوثيين مرارًا باستخدام ميناء الحديدة للحصول على أسلحة مُهرّبة من إيران. الأمر الذي يُنكره كل من الحوثيين وإيران.
ويقول التحالف إن "الانتصار في هذه المعركة قد يؤدي إلى تسوية للحرب وإجبار الحوثيين على الجلوس إلى مائدة التفاوض".
فيما حذّرت الوكالات الإنسانية من أي هجوم على الميناء، قائلة إنه "يمكن أن يقود إلى أكبر كارثة إنسانية في التاريخ الحديث".
ويُشكّل الميناء شريان الحياة لمعظم سكان اليمن، وظلت الأمم المتحدة تحاول جمع أطراف النزاع للتوصل إلى اتفاق يمنع الهجوم على الميناء.
وتمثّل الحُديدة أهم منفذ دخول للغذاء والإمدادات الأساسية إلى المحافظات الشمالية في اليمن التي يسيطر عليها الحوثيون، بما في ذلك العاصمة صنعاء.
وقالت المنسقة الأممية للشؤون الإنسانية في اليمن، ليز جراند، في يونيو الماضي "في هذه الحالة المتردية بشكل مطرد، نخشى أن يفقد ما يصل إلى 250 ألف نسمة كل شي - حتى حيواتهم".
وهذا الأسبوع، أعلنت الأمم المتحدة "فرار أكثر من 121 ألف شخص من مدينة الحديدة التي مزقتها الحرب منذ الأول من يونيو الماضي".
فيديو قد يعجبك: