لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

"تقييد وتجريد من الملابس".. شهادات نساء عن انتهاكات في المطارات الأمريكية

03:49 م الثلاثاء 21 أغسطس 2018

شهادات نساء عن انتهاكات في المطارات الأمريكية

كتب- هدى الشيمي ورنا أسامة:
قالت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية إن النساء يتعرضن لانتهاكات جسيمة في المطارات الأمريكية، إذ يخضعن لعمليات تفتيش مُهينة دون سبب منطقي بخلاف اشتباه الضباط التابعون لمصلحة الجمارك وحماية الحدود بهن، وتحدثت الصحيفة إلى مجموعة من الفتيات والسيدات، واستعرضت شهادتهن على النحو التالي:

كانت تاميكا لوفيل تستعيد أمتعتها في مطار "جون إف كنيدي الدولي" في الولايات المتحدة، عندما احتجزها ضباط الجمارك وحماية الحدود لتفتيشها بشكل عشوائي في يوم 27 نوفمبر 2016، عقب انتهاء عيد الشكر، وكانت عائدة من عطلة قصيرة قضتها في جامايكا.

لم تكن هذه المرة الأولى التي تُحتجز فيها لوفيل، وهي امرأة ذات بشرة سمراء، تم استوقفها في المطار من قبل، ولكن هذه المرة سألها الضابط عدة أسئلة لم تسمعها من قبل، ومن بينها "ألا تعتقدين أنك تنفقين مبالغ كبيرة على السفر؟".

"دعوى مُعلّقة"

وما حدث بعد ذلك أصبح موضوع دعوى قضائية مُعلقة في محكمة مقاطعة المنطقة الشرقية في نيويورك. في غرفة صغيرة آمنة، اتهمت لوفيل ضابطة جمارك بفحص أمتعتها بطريقة غير لائقة على افتراض أنها تُهرب مخدرات، وسألتها عما إذا كانت تستخدم فوط صحية، وهذا ما ازعجها كثيرًا واعتبرته تدخلاً سافرًا في شؤونها الشخصية، ومع ذلك أجابتها بالنفي، ووافقت على خلع حذائها وفرد ارجلها ويديها.

حسب الدعوى القضائية، فإن الضابطة لمست لوفيل من رأسها حتى أخمص قدميها قبل أن تأمرها بالجلوس قرفصاء، ثم ضغطت على ثديها بقوة، ووضعت يديها اليمنى داخل سروال لوفيل، وادخلت اصابعها الأربعة - كانت ترتدي قفازًا- في مهبلها، قبل أن تطلب منها الكشف عن مؤخرتها لفحصها أيضًا.

اتهمت لوفيل ضابطة الجمارك بالاعتداء عليها وانتهاك حقوقها الدستورية، وتجنب قواعد الوكالة التي تحظر على الضباط إجراء عمليات تفتيش جسدية بهذه الطريقة.
وحسب واشنطن بوست، فإن قضية لوفيل واحدة من بين 11 قضية أخرى على الأقل رُفعت منذ عام 2011 ضد هيئة الجمارك وحماية الحدود.

وقالت أدريانا بينون، المحامية في الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية في تكساس، إن عمليات التفتيش الجائرة تلك يجب ايقافها فورًا، لاسيما وأن الدستور الأمريكي ينص على حماية المسافرين من انتهاك أجسادهم بهذه الطريقة.

وذكرت واشنطن بوست أن السلطات الأمريكية تمكنت من إنهاء بعض القضايا قبل وصولها إلى المحاكمة، وأنهت الأمر بالتسويات المادية.
ومن بين النساء اللائي رفعت الدعاوي، فتاتين مراهقتين، قالتا إن ضباط الجمارك فتشوا إحداهن وهي حائض، بينما أشارت الأخرى إلى أنهم أمسكوا بها بطريقة مهينة من أعضائها التناسلية بالرغم من أنهما لم يكن لديهما أي مواد مخدرة.

وتزعم 4 سيدات إن ضباط الجمارك قيدوهن ونقلوهن إلى المستشفى رغمًا عنهن، وهناك خضعن للأشعة السينية لفحص الحوض.
ورفعت فتاة من أصل إسباني، 16 عامًا، دعوى قضائية ضد مصلحة الجمارك في محكمة سان دييغو، تزعم أن الشرطة فتشتها هي وشقيقاتها بطريقة مُسيئة جدًا بعد احتجازهما للاشتباه في حيازتهن مخدرات. وتقول الفتاة إن الضابطات طلبوا منها نزع الفوطة الصحية والجلوس قرفصاء والسعال، بينما قاموا بفحص مهبلها ومؤخرتها بأيديهن.
وفي واقعة أخرى، أخطأ ضباط الجمارك وألقوا القبض على امرأة، 52 عامًا، تطوعت للعمل في ملجأ أيتام مكسيكي ظنًا أنها سيدة أخرى كان مُشتبه في أنها تهرب المخدرات، لتشابه اسمائهما، فنقلتها 3 ضابطات إلى غرفة صغيرة في المطار من أجل تفتيشها.

وتقول السيدة إن الضابطة ضغطت على ثديها بشدة، ووضعت أصابعها في ملابسها الداخلية وأدخلت إصبعها في مهبلها.
وتتابع: "قامت بذلك وهي ترتدي قفازًا استخدمته في تفتيش 3 سيدات أخريات قبلي".

"الاحتراف والمجاملة"

بعد فترة وجيزة من وصوله إلى البيت الأبيض، انتقد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المسؤولين في وزارة الأمن الداخلي، وقال إنهم لا يقوموا بعملهم بطريقة صحيحة، وشدد على ضرورة تطبيق القوانين بقوة.
وسعى الرئيس الأمريكي إلى توظيف 5 آلاف ضابط جديد في حرس الحدود، الذين يعملون في مصلحة الجمارك وحماية الحدود، وهذا ما لم يحدث بسبب تردد الكونجرس لما تتطلبه هذه الخطوة من مبالغ كبيرة.
وأكد المتحدث باسم هيئة الجمارك وحماية الحدود، في بيان مكتوب، أن الهيئة لديها سياسات وإجراءات وتدريبات لضمان تعامل الضباط مع المسافرين والمحتجزين بكفاءة ومهنية، وحماية حقوقهم وحريتهم المدنية، ورفاهيتهم.
وقال "للأسف.. ضباط الجمارك يواجهون أشخاص يحاولون تهريب مخدرات إلى الولايات المتحدة، وقد يضعون هذه المواد داخل أجسادهم، وهذا أمر خطير للغاية".
ومع ذلك، يقول المحامون الموكّلون عن السيدات اللائي رفعن الدعاوي القضائية، إن أعداد الدعاوي المتواضعة نسبيًا لا يمكن اعتبارها مقياسًا للانتهاكات التي يقوم بها ضباط الجمارك في المطارات الأمريكية.
وتؤكد بينون، من اتحاد الحريات المدنية في ولاية تكساس، إن النساء تتعرض لمواقف مؤلمة جدًا، وتشعر أنها تتعرض للاعتداء الجنسي.
وحسب المحامين المسؤولين عن الدعاوي القضائية، فإن ضباط الجمارك يحتجزون أشخاص بعينهم نظرًا لعرقهم، وإلى عودتهم من بلاد مُعينة، وأحيانا يستوقفون من يعتبرونهم يتبعون أنماط سفر غير عادية أو مشبوهة.

"انتهاك على مدار الساعة"

في واقعة أخرى تُظهر انتهاك إدارة الجمارك، تُشير الصحيفة إلى أمريكية من أصول إفريقية تبلغ من العمر 36 عامًا، طارت من مطار فيلادلفيا الدولي، في رحلة لمدة يوم واحد، إلى بونتا كانا بجمهورية الدومينيكان في 24 ديسمبر 2012.
زعمت في دعوتها التي قدّمتها في 2015، أنها "عانت انتهاكات خلال عملية تفتيش غير مُجدية، استمرت لمدة 24 ساعة، عن مُخدرات خفية مزعومة".
في 2017، جرت تسوية شكوى المُدعية، بموجب قانون الجمارك وحماية الحدود، بتقديم وزارة الخزانة الأمريكية مبلغ مالي بقيمة 198 ألف و500 دولار أمريكي، حسبما تُظهِر سجلات الحكومة.
واعترض ضباط إدارة الجمارك المرأة وأخذوها إلى غرفة فحص للتدقيق في ممتلكاتها، وقاموا باستجوابها لوجود شُبهات حول الهدف من رحلتها وأنها بغرض "تهريب المخدرات".
يقول محاموها إنهم أخبروها في إدارة الجمارك أنهم سيطلقون سراحها بعد تفتيشها يدويًا. وبعد 7 ساعات من التفتيش -انطوت على محاولات لإجبارها على الخضوع للفحص بالأشعة السينية-تم تكبيلها بالأصفاد، جرّها، وسحلها من المطار إلى المستشفى، وفق أوراق المحكمة.
وذكرت أوراق المحكمة أن "الضباط في إدارة الجمارك قدّموا معلومات زائفة ومضللة إلى الموظّفين القائمين على التفتيش تذهب إلى أنها كانت تحمل مخدرات". كما تزعم دعوى المرأة أنها اضطرت إلى البقاء في غرفة إلى أن"تبوّلت في وعاء بلاستيكي في حضور ضابط".
بعد تغيير وردية الموظفين، وكما تزعم الدعوى، أعلنت ممرضة ارتفاع معدل ضربات قلب المُدعية، وأقرّ الأطباء "لا إراديًا" بأن السبب يرجع إلى "سُميّة دواء مُحتملة".
وفق الدعوى، كُبِّلت المرأة بالأصفاد في سرير، وتم تجريدها من ملابسها وتُرِكت عارية من قبل الطاقم الطبي، وانتزعوا الفوطة الصحية من فرجها أثناء عملية التفتيش.
في تسجيلات المحكمة، لم تنكر المستشفى أنها قامت بفحصها وإعطائها مُهدئات عن طريق الوريد وتجميع بولها في قسطرة، إلى جانب إخضاعها لأشعة سينية وتصوير مقطعي لمنطقة الحوض والبطن.
بحسب دعوتها المُقدّمة "لم يكن هناك أي أساس للاشتباه في المرأة"، مُشيرة إلى أن "أفراد الخدمات الطبية أكّدوا أن المُدعية لم تكن مُهرّبة مخدرات".
فيما زعمت السلطات أن "الشاكية حصلت على جميع الحقوق الدستورية وإجراءات الحماية التي كانت تستحقها خلال الأوقات التي زعمت فيها أنها تعرّضت لانتهاك".
بعد أن فاقت من عملية التخدير التي أخضعوها لها، أكّدت دعوى المرأة، أنها تعرّضت لحادث سيارة أثناء إعادتها إلى المطار.
ورفضت مستشفى "ميرسي فيتزجيرالد" في داربي بولاية بنسلفانيا، حيث خضعت المُدعية للإجراءات الطبية، التعليق على الحالة. واكتفت بالقول "نسعى جاهدين للحفاظ على قدسية وكرامة كل شخص".
وتُظهِر الوثائق أن نظام المستشفى وافق على إغلاق القضية على "تسوية غير مُعلنة"، وفق ما قال محامي المُدعية.

التمييز العنصري مستمر

يظهر التمييز العنصري جليًا في واقعة أخرى عام 1997؛ إذ رفعت 87 من النساء السود دعوى قضائية حول مزاعم بتعرَهن لتمييز عنصري وانتهاكات خلال عمليات تفتيش غير قانونية من جانب موظفي الجمارك في في مطار أوهير الدولي في شيكاغو. وجرت تسوية الدعوى عام 2006 بمبلغ 1.9 مليون دولار.
عام 2000، وجد مكتب المحاسبة التابع للحكومة الأمريكية أنه قبل عامين، كانت النساء الأمريكيات السود أكثر عُرضة بمعدل 9 أضعاف عن نظرائهن البيض لإخضاعهن للفحص بالأشعة السينية من قِبل ضباط الجمارك. رغم أنهن كُن الأقل احتمالًا العثور بحوزتهن على مواد مُهرّبة مقارنة بالنساء البيض.
قال جيل كيرليكوفسكي، مفوض مكتب الجمارك وحماية الحدود خلال إدارة أوباما، إن "قضية التنميز العنصري كانت مستمرة بكل تأكيد".
وأشار إلى أنه حاول تحسين نظام الشكاوى وبدأ اجتماعات منتظمة مع اتحاد الحريات المدنية وجماعات حقوق أخرى لبحث هذا الشأن.
لا تتضمن سجلات الحكومة هذه المخاوف، وهناك 3 دعاوى قضائية ضمن قاعدة بيانات وزارة الخزانة التي توثق مبالغ التسوية، تُدرج عمليات التفتيش غير الدستورية على أنها "مطالبات زائفة بالاعتقال"، وعنونت تحت اسم "منوعات" أو "شكاوى متنوعة".

كما تُظهر السجلات أيضًا عشرات "الاعتقالات الزائفة أو الشكاوى المتنوعة" التي يتم تقديمها مباشرة وتسويتها مع مصلحة الجمارك وحماية الحدود والهجرة على مدى العقد الماضي. ولا تسمح تلك التسويات للمحكمة التحرّي بدقة عن صحة المزاعم التي ترفعها المُدعيات.
وحصلت "الحرية للمهاجرين"، وهي مجموعة تطوعية معنية بمساعدة المهاجرين المُحتجزين، على وثائق ترصد انتهاكات تعرّض لها مهاجرون في مراكز احتجاز تابعة لمكتب الجمارك بين عاميّ 2010 و2014، بما في ذلك ادعاءات بتمزيق حراس أمن لملابس المُحتجزين حال رفضوا نزع السلاح.
في نيويورك، حيث تبدأ لوفيل رحلتها القانونية. تقول إنها تفهم لماذا يتردد الناس في رفع شكواهم بشأن عمليات التفتيش غير القانونية التي يُمكن أن يكونوا تعرضوا لها في إدارة الجمارك. "حتى بالرغم من كونك ضحية، تظل دائمًا موضع شك بالنسبة للآخرين".
وأوضحت لوفيل أن التجربة القاسية التي اختبرتها أفقدتها ثقتها بنفسها لدرجة أنها لم تكن متأكدة ما إذا كانت تستطيع نيل حقوقها. قالت: "لم أكن أعرف ما إذا كان ما كانوا يفعلونه قانونيًا أم لا".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان