هيومن رايتس ووتش: الرقابة في قطر تتجاهل الحقوق وقواعد الفيفا
القاهرة- (مصراوي):
قالت منظمة هيومن رايتس ووتش، اليوم الجمعة، إنه على قطر أن تغير قوانينها لوضع حد للرقابة التعسفية على المقالات المتعلقة بالميول الجنسية والهوية الجندرية، وأن تلغي أحكام قانون العقوبات التي تعاقب العلاقات الجنسية المثلية بالسجن بين سنة و3 سنوات. تستضيف قطر كأس العالم فيفا 2022.
وأشارت المنظمة، في البيان الصادر عنها، إلى إزالة الشريك الخاص للنشر لصحيفة "نيويورك تايمز"، "دار الشرق للطباعة والنشر والتوزيع"، مقالات من الطبعة الدولية لصحيفة نيويورك تايمز التي تصدر في قطر والمتعلقة بحقوق المثليين والمثليات وذوي التفضيل الجنسي المزدوج والمتحولين جنسيا (مجتمع الميم).
وصرّحت الحكومة القطرية لهيومن رايتس ووتش أنها لم تكُن مسؤولة مباشرة عن الرقابة على المقالات المتعلقة بمجتمع الميم، وأشارت إلى أنّ الصفحات البيضاء جاءت نتيجة رقابة ذاتية مارسها الناشر ظنا منه أنها تتماشى "مع معايير وتوقعات الثقافة المحلية".
وذكرت المنظمة أن الرقابة القطرية تنتهك محتوى وسائل الإعلام المتعلق بالميول الجنسية والهوية الجندرية حرية التعبير عندما تميز ضد مجتمع الميم.
قالت منكي ووردن، مديرة المبادرات العالمية في هيومن رايتس ووتش: "تكشف الأضواء المسلطة على قطر بسبب كأس العالم رهاب المثلية لدى الحكومة القطرية وعدم قدرتها على مواجهة هذا الجو المقلق من الرقابة الذاتية. على السلطات القطرية إصلاح القوانين التي تخلق بيئة مخيفة للإعلام وتهدد مجتمع الميم بعقوبات جنائية. إذا لم يتم ذلك، على الفيفا أن تنذرها".
تعتبر الفيفا حقوق الإنسان في صميم عملها بموجب المادتين 3 و4 من نظامها الأساسي وسياستها المتعلقة بحقوق الإنسان. وفقا لسياسة الفيفا لحقوق الإنسان، فإن التمييز من أي نوع "محظور تماما ويعاقب عليه بتعليق العضوية مؤقتا أو الطرد". تطالب الفيفا الآن الدول التي تقدم طلبات لاستضافة كأس العالم أن تلتزم بأبسط معايير حقوق الإنسان، بما في ذلك عدم التمييز على أساس التوجه الجنسي.
في الأشهر الأخيرة، خضعت العديد من المقالات حول المواضيع المتعلقة بمجتمع الميم للرقابة في نسخة الدوحة المطبوعة من صحيفة نيويورك تايمز، بما في ذلك: "بالنسبة إلى المثليين، الأسوأ لم يأتِ بعد" بقلم لاري كرايمر، مقال إلتون جون، "الحياة على الهامش لمجتمع الميم في أفريقيا"، مقال شانون سيمز "حريق يودي بحياة 32 شخصا في حانة للمثليين في نيو أورلينز. فنان لم ينسَ"، ومقال الرأي الذي كتبته ووردن حول حقوق مجتمع الميم وكأس العالم.
مع كل حذف، تنشر صحيفة نيويورك تايمز ملاحظة بأن النص المتعلق بمجتمع الميم "أُزيل بشكل استثنائي من نسخة الدوحة"، ما يجعل الرقابة واضحة.
وكتبت نيويورك تايمز إلى هيومن رايتس ووتش بأنها تطبع وتنشر نسختها الدولية في قطر منذ 2007، وأن قرار فرض الرقابة يتم على المستوى المحلي من قبل الهيئات الحكومية ذات الصلة أو من قبل جهات الطباعة والتوزيع المستقلة.
قالت صحيفة نيويورك تايمز لـ هيومن رايتس ووتش إن "12 مقالا عُدّل أو حُذف بشكل استثنائي منذ أبريل ، بما في ذلك تلميحات إلى الكحول والجنس وعمل فني لديلاكروا ورد في إعلان. عندما يُحذف مقال بشكل استثنائي، نطلب من الناشر تضمين اقتباس يتضمن العنوان الكامل غير الخاضع للرقابة للمقال، ووضع علامات واضحة للمقال الكامل، الذي يكون متوفرا دائما عبر الإنترنت. على الرغم من تفهمنا لمواجهة شركاء النشر لدينا أحيانا ضغوطا محلية، فإننا نأسف بشدة ونعترض على أي رقابة على صحافتنا ونجري مناقشات منتظمة مع موزعينا حول هذه الممارسة".
كتبت هيومن رايتس ووتش إلى وزيرة الإعلام والاتصالات في قطر، الدكتورة حصة الجابر، وإلى دار الشرق في الدوحة ممثلة برئيسها التنفيذي عبد اللطيف المحمود، لتوضيح المسؤول عن حذف أخبار مجتمع الميم. ردّ مكتب الاتصالات في الوزارة بالتالي: "لا تشرف الحكومة القطرية مباشرة على نشر الطبعة الدولية لصحيفة نيويورك تايمز التي تصدر في قطر، كما أنها لا تتحكم بهذه الطبعة أو تقيّدها. كما ذكرتكم، تتولى شركة مستقلة في قطر طباعة ونشر الصحف الدولية. على الرغم من أنها تؤدي عملها من دون تدخل من الحكومة، يُتوقع من جميع الموزعين الإعلاميين الالتزام بالمعايير والتوقعات الثقافية المحلية للقراء والمجتمع. تدرس الحكومة حاليا المسائل التي طُرحت حديثا حول دار النشر المحلية، وسنطلعكم على أي إجراءات لازمة تُتخذ".
ردّ المحمود من دار الشرق بأن شركته تخضع لقوانين قطر، وبالتالي تتخذ "نهجا عاما في التحرير يتجنب نشر أي شيء يمكن اعتباره غير قانوني أو غير أخلاقي أو مخالفا للقواعد والثقافة المحلية، مثل المواد الإباحية أو أي مواد تُعتبر غير قانونية بموجب القانون".
السلوك المثلي غير قانوني في قطر، ولا توجد قوانين مناهضة للتمييز، أو سياسات حكومية للتصدي له أو منظمات لمجتمع الميم تعترف بها الدولة. بينما لم توثق هيومن رايتس ووتش أي ملاحقات قضائية تتعلق بالسلوك المثلي، فإن القانون الذي يجرم العلاقات الجنسية المثلية تمييزي ويهدد مجتمع الميم في قطر.
عندما فازت قطر بحق استضافة كأس العالم 2022 في 2010، تعرض رئيس الفيفا آنذاك سيب بلاتر لهجوم لاذع من الرياضيين والمشجعين من مجتمع الميم لإجابته العلنية عن أسئلة حول حماية الأشخاص من مجتمع الميم حين قال: "أعتقد أن عليهم أن يمتنعوا عن أي أنشطة جنسية".
قالت هيومن رايتس ووتش إن القوانين المناهضة لمجتمع الميم تكرّس الوصم والتمييز اللذين يتناقضان كليا مع مطالبات الفيفا برفع مستوى المساواة والكرامة الإنسانية.
ردا على تقارير "إي. بي. سي" الإخبارية عن الرقابة في قطر، وعد مكتب الاتصالات الحكومي بالتحقيق في الأمر، مضيفا: "ستدرس الحكومة القضايا حول الموزع المحلي وتتخذ إجراءات تصحيحية إذا لزم الأمر، نتطلع إلى لقاء الناس من جميع أنحاء العالم على الأرض القطرية - من مختلف الأعراق واللغات والأديان والثقافات - متحدة من خلال شغف مشترك لكرة القدم".
وأشارت هيومن رايتس ووتش إلى أن الصحفيين والمطابع في قطر تعمل بموجب المادة 47 من قانون المطبوعات والنشر لعام 1979، التي تحظر نشر "كل ما ينافي الأخلاق أو يخدش الآداب العامة، أو يمس كرامة الأشخاص أو حرياتهم الشخصية".
ولفتت إلى أن الدوحة تحتل المرتبة 125 من أصل 180 في مؤشر منظمة "مراسلون بلا حدود" لحرية الصحافة العالمية.
وحسب هيومن رايتس ووتش، فإن قطر اعتقلت واحتجزت واستجوبت صحفيين من "هيئة الإذاعة البريطانية" (بي. بي. سي)، والتلفزيون الدنماركي، و"إي. آر. دي" عملوا على تقارير وتحقيقات في جميع النواحي المتعلقة بكأس العالم.
وذكرت المنظمة أنها أبلغت الفيفا، في 2 يوليو الجاري، عن الرقابة الصارخة على المحتوى المتعلق بمجتمع الميم في قطر، والتي تتحدى مصداقيتها في حرية الصحافة وحقوق مجتمع الميم. قالت الفيفا إنها تحقق في حذف مقالات مجتمع الميم.
وشددت المنظمة على ضرورة التزام قطر بالقواعد بما أنها تستضيف كأس العالم.
وذكرت أن سياسة الفيفا لحقوق الإنسان تنص على ما يلي: "عندما يخاطر السياق الوطني بتقويض قدرة الفيفا على ضمان احترام حقوق الإنسان المعترف بها دوليا، ستعمل الفيفا بشكل بنّاء مع السلطات المعنية وأصحاب المصلحة الآخرين وتبذل كل جهد لاحترام مسؤولياتها الدولية في مجال حقوق الإنسان".
ودعت المنظمة الدوحة إلى تغيير قوانينها الصحفية للسماح بالحرية الإعلامية وإلغاء الحكم في قانون العقوبات الذي يعاقب العلاقات المثلية، وإلى التأكيد أن الحكومة لن تضع رقابة على المحتوى المتعلق بمجتمع الميم، بل على العكس، أنها ستعترف بأهميته لقيم حقوق الإنسان الأساسية.
كما تناشد هيومن رايتس ووتش الفيفا "أن تعمل بشكل بنّاء" لتحقيق هذه النتيجة بما يتفق مع سياساتها.
قالت ووردن: "تدرك الفيفا أن التمييز والرقابة يقوضان بشكل خطير رياضة كرة القدم، وعلى الفيفا الآن أن تطالب قطر بإسقاط قانونها المناهض لمجتمع الميم والحفاظ على حرية الإعلام كشروط هامة لاستضافة كأس العالم".
فيديو قد يعجبك: