كيف يدفع الشرق الأوسط ثمن هجمات 11 سبتمبر؟
كتبت – إيمان محمود
كان تغير ملامح الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش، عندما أخبره أحدهم بنبأ ضرب مركز التجارة العالمي، في 11 سبتمبر، بداية تغير خريطة الشرق الأوسط وملامحه، إذ ظل سبعة عشر عامًا يدفع ثمن الهجمات، ويواجه السياسة الأمريكية المتشددة بدعوى "الحرب على الإرهاب".
ومنذ تاريخ 11 سبتمبر 2001، دخلت منطقة الشرق الأوسط في مرحلة الدمار والخراب، بعد تحويل وجهة أربع طائرات نقل مدني وتوجيهها لتصطدم بأهداف محددة، نجحت في ذلك ثلاث منها، ضربت وزارة الدفاع الأمريكية وبرجي التجارة بمنهاتن، ليقع ضحيتها قرابة الـ 3000 قتيل، إضافة لآلاف الجرحى والمصابين.
تُعتبر الهجمات هي الأعنف في التاريخ الحديث، وأضخم الأحداث التي شهدتها الولايات المتحدة، إذ لم تشهد مثل هذا الهجوم طوال تاريخها سوى الضربة اليابانية على أسطولها البحري في بيرل هاربر، في عام 1941.
و في حُقبة ما بعد 11 سبتمبر؛ شنّت الولايات المتحدة حروبًا في الشرق الأوسط بدءًا من غزو أفغانستان في عام 2001، ومرورًا بغزو العراق في عام 2003، وحتى الحرب بالوكالة في دول أخرى.. ولاتزال المنطقة تدفع ثمنًا باهظًا، يرى مراقبون أنها ستستمر في دفعه إلى حين.
وفي هذا الشأن يقول طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، إن هناك مدرستان فيما يخص انتقام الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، الأولى ترى أن السياسة الأمريكية بعد 11 سبتمبر ودخولها في حرب مفتوحة سواء مع أفغانستان أو العراق، كلّفها الكثير دون فائدة.
وأشار إلى أن الولايات المتحدة كانت تحارب القاعدة، ثم تفكك التنظيم وأصبح هناك عشرات التنظيمات الفرعية، ثم ظهر الجيل الثاني في بلاد الرافدين وجنوب الساحل والمغرب العربي، ثم تنظيم داعش الذي تعايش العالم معه سنوات ولاتزال الحرب قائمة عليه.
أما المدرسة الثانية، بحسب ما قاله فهمي لمصراوي، فتقول إن السياسة الأمريكية نجحت في إسكات صوت الإرهاب وجنّبت الولايات المتحدة خطر التعرّض إلى هجمات مشابهه لـ11 سبتمبر طوال السنوات الماضية، ما يعني أنها نجحت في تحقيق أهدافها واستعادة هيبتها.
الثمن الباهظ
أكد طارق فهمي، أن الشرق الأوسط دفع الكثير بعد هجمات سبتمبر، لأن المنفذين عرب ومسلمين، كما بقي ملف دفع التعويضات سيفًا مُسلطًا على رقاب بعض الدول، أولهم السعودية.
وأوضح أن ما تشهده منطقة الشرق الأوسط اليوم من اضطرابات وتبدل أنظمة هو نتيجة السياسة الأمريكية، و"ستظل في هذه الاضطرابات إلى حين"، على حد قوله.
وأشار فهمي، إلى أن القضية لم تعد محمد عطا مُدبّر الهجوم أو رفاقه، إنما أصبحت قضية عرب ومسلمين دفعوا التكلفة، سواء في التعاملات الإنسانية، أو في الإقامة داخل أمريكا أو خارجها، أو في تحمّل وصفهم بالإرهابيين.
وقال أستاذ العلوم السياسية، إن الولايات المتحدة شنت حروبًا ربما كان بعضها غير عادلًا، والآخر غير أخلاقيًا، وبعد أن اكتشف العالم أنه لا توجد أسلحة دمار شامل في العراق، انتشرت طالبان والتنظيمات الإرهابية في الشرق الأوسط بصورة أو بأخرى.
وأضاف المنطقة لم تجن سوى الخراب من السياسة الأمريكية، التي تسببت في انتشار العمليات الإرهابية بصورة كبيرة.
واستطرد "من 11 سبتمبر إلى اليوم دفع العالم أخطاء السياسة الأمريكية، وحروبها غير العادلة".
كما يؤكد مختار غباشي، نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن المنطقة مازالت تدفع ثمن هجمات 11 سبتمبر، قائلاً "يكفي أن ضاعت العراق وأفغانستان وسوريا من تحت أيديه".
وقال غباشي في تصريحات لمصراوي، العالم العربي مازال يواجه اتهامات بالإرهاب، وابتزاز دول كبيرة في العالم العربي، "وزيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسعودية وخروجه بـ460 مليار دولار تعاقدات عسكرية في حد ذاته ثمن لـ11 سبتمبر"، على حد قوله.
وأضاف هناك تسلط من الولايات المتحدة على مقدرات دول الشرق الأوسط، وكل ما تشهده المنطقة في الوقت الراهن من تساقط أنظمة وعدم استقرار ونزاعات داخلية، هي توابع هجمات 11 سبتمبر.
لكن غباشي يرى أن العالم العربي في داخله يتحمل جزءًا كبيرًا من هذه الأحداث، وأنه سيظل يدفع الثمن ما لم يدرك أهمية أن يكون له قراره المستقل ووحدة يستطيع من خلالها مواجهة هذه الإمبريالية الطاغية.
فيديو قد يعجبك: